رحلت أيقونة النضال الفلسطيني الحاجة آمنة حسن المعروفة باسم "أم عزيز" عن هذه الدنيا، دون أن تعرف مصير أولادها المختطفين منذ 40 عامًا خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982.
وقصة هذه السيدة الفلسطينية تعود إلى عام 1948، حين هجّرت مع أهلها إلى مخيّم برج البراجنة جنوب العاصمة اللبنانية أثناء المجازر التي اقترفتها العصابات الصهيونية بالقرى الفلسطينية، لتبدأ رحلتها كباقي النازحين في لبنان وأنجبت هناك 8 أبناء و4 بنات.
وبحسب وثائقي عرضه "العربي" عام 2019، لم ينخرط أبناء آمنة حسن في أي حركات مسلحة ولم يلتحقوا بأي جهة حزبية، بل كانوا مدنيين ولديهم أعمالهم.
اليوم المشؤوم
رغم ذلك، استيقظت "أم عزيز" يوم 17 سبتمبر/ أيلول عام 1982 باكرًا كعادتها، جهّزت الطعام لأبنائها وأيقظتهم ثمّ ودّعتهم لتشتري بعض الخضار. في تلك الأثناء، كانت مجزرة مخيّم صبرا وشاتيلا في لبنان مستمرة على بعد عشرات الأمتار من المنطقة التي تسكن فيها.
وفي ذلك اليوم، اقتحم مسلحون منزلها وخطفوا أولادها الأربعة عزيز وإبراهيم ومنصور وأحمد الديراوي الذين تراوحت أعمارهم آنذاك بين 13 و30 عامًا، فعادت آمنة إلى منزلها ولم تجد أبناءها، وأخبرتها زوجة ابنها أن قوة عسكرية اختطفت الأبناء، بينما احتمت هي بخزانة المطبخ.
وهرعت آمنة إلى الشارع لتحاول منع اختطاف أبنائها، فسمعت حينها صوت ابنها عزيز من شاحنات القوات التي تضمنت عشرات الشباب المخطوفين، وكان يناديها "يمّا.. أنا هون"، قبل أن يعتدي أحد الخاطفين عليها ويطرحها أرضًا ويمنعها من الاقتراب.
أما عزيز، فوجّه له آخرون لكمات ليسيل الدماء من جسده أمام أعين والدته التي روت ما حصل معها في مقابلة عام 2007، لتكون هذه المشاهد الفظيعة آخر ذكرى لأم عزيز بأولادها الـ 4.
40 عامًا من المعاناة
وبعد مجزرة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها نحو 3000 أغلبهم من الفلسطينيين، توجّهت أم عزيز إلى مكان المجزرة وبدأت تبحث عن فلذات كبدها بين أكوام الجثث المتناثرة، وكانت تنادي عليهم بأسمائهم لكن لا أحد يجيب.
وظهرت "أم عزيز" في مقابلة مصورة عام 2007 وهي تعرض ملابس ومقتنيات أولادها التي ما زالت تحتفظ بها، بعد عشرات السنين الممزوجة بالحزن وحسرة انتظار عودة لم تتم.
وبقيت الأم المفجوعة تلملم الصبر والأمل لمدة 40 عامًا، فلم تتخل يومًا عن قضيتها ولم توقف البحث عن أبنائها يومًا واحدًا أحياء كانوا أو شهداء. وقالت في مقابلة مصورة عام 2019 والدموع تغمر عينيها: "بدي عظماتهم أشم ريحتهم".
وبعد أن نذرت حياتها للبحث عن أبنائها، فارقت "أم عزيز" الحياة يوم الثلاثاء الفائت، دون أن تحصل على إجابة على سؤال طرحته منذ عام 1982: "أين أولادي؟".