في الذكرى السابعة والأربعين ليوم الأرض، لا تزال إسرائيل تمارس سياسة تجريف الأراضي الفلسطينية وتصعّد من عمليات هدم المنازل والمنشآت مع وضع مخططات لمصادرة الأراضي وتوسيع مستوطناتها.
وتشير آخر الأرقام التي استعرضها الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسيطر حاليًا على أكثر من 85% من أرض فلسطين التاريخية، في حين يستغل الاحتلال ما نسبته 76% من مجمل المساحة المصنفة "ج" بحسب اتفاقية أوسلو.
مخططات استعمارية وتصفية جسدية
وعمدت الحكومة الإسرائيلية، بحسب جهاز الإحصاء، إلى بناء 483 مستعمرة وبؤرة استيطانية وموقعًا عسكريًا في الضفة الغربية مع نهاية عام 2021.
وبخصوص المخططات التوسعية للاحتلال، تشير معطيات مركز الإحصاء إلى أن إسرائيل صدقت على 70 مخططًا استعماريًا لبناء أكثر من 10 آلاف وحدة استيطانية في القدس لوحدها خلال عام 2021.
ويعكس هذا الوضع أطماع إسرائيل في ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية بتنفيذ 378 عملية هدم شملت 953 منشأة في الضفة الغربية خلال عام 2022.
وتجاوزت الاعتداءات الإسرائيلية اغتصاب الأراضي لتستهدف أيضًا الفلسطينيين وتصفيتهم جسديًا، فقد تم تسجيل ما يقارب 9 آلاف حالة اعتداء نفذها الاحتلال ومستوطنوه في حق الفلسطينيين خلال العام الماضي.
عزل الفلسطينيين وخنق وجودهم
وفي هذا السياق، يشير أمير داود مدير التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى أن هناك مجموعة كبيرة جدًا من الإجراءات الاحتلالية الاستعمارية التي أغرقت الأراضي الفلسطينية.
ويلفت في حديث لـ"العربي"، من رام الله، إلى أنّ سلطات الاحتلال عملت منذ احتلالها أراضي عام 1967 على إعلان أكثر من 1.5 مليون دونم من الأراضي الفلسطينية كـ"أراضي دولة".
ويؤكد أن هذا الإعلان هو وسيلة من الاحتلال لتسليم الأراضي للمشروع الاستيطاني وبناء مستوطنات جديدة، مبينًا أنّ سلطة الاحتلال قد خصصت جزءًا كبيرًا من منظومتها القانونية من أجل هذه السيطرة على الأراضي.
ويوضح أن سلطة الاحتلال تقوم بإعلان قطاعات واسعة من الأراضي الفلسطينية كمحميات طبيعية للسيطرة عليها ونقلها إلى المشروع الاستيطاني.
ويشدد على أن الهدف من هذه الإجراءات الاستعمارية الإسرائيلية هو عزل الفلسطينيين في كانتونات صغيرة ومحاصرة وجودهم وخنقه بالمواقع الاستيطانية والعسكرية وإحداث حالة تهجير قسري.
إعدام فكرة إقامة دولة فلسطينية
ويرى داود في حديثه إلى "العربي" أنّ الإجراءات الإسرائيلية لا تتوقف عند حدود السيطرة على الأرض الفلسطينية بل تتعدى إلى إعدام أيّ إمكانية لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل، مؤكدًا أنه الهدف النهائي لدولة الاحتلال من التوسع الاستيطاني.
ويؤكد أنه في ظل المعطيات الحالية والصمت الدولي يجري الحديث عن انعدام تام لإمكانية وجود دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة جغرافيًا.
ويقول في هذا السياق إنّ "دولة الاحتلال لا تعتدي فقط على الحق الفلسطيني، بل تعتدي على منظومة الشرائع الدولية والاتفاقات التي رعتها دول العالم من أجل قيام دولة فلسطينية في المستقبل".
ويضيف أنّه إلى جانب الحكومة الحالية التي تصنف بأنها الأكثر يمينية وتطرفًا في تاريخ إسرائيل، فقد" أمعنت الحكومات السابقة في الأرض الفلسطينية انتهاكًا ومصادرة واستيلاء واعتداء على الإنسان الفلسطيني".
ويخلص إلى أنّ "الحكومة الحالية لم تختلف كثيرًا من حيث الجوهر مقارنة بالحكومات الإسرائيلية السابقة"، لكنه يبين أن هذه "الحكومة تريد أن تنجز كل الملفات المتعلقة بالفلسطينيين من أجل إعدام كافة الإمكانيات المتعلقة بحياتهم ووجودهم بشكل تام وحقيقي".