تتزايد المخاوف من تحوّل الحرب الإسرائيلية على غزة إلى صراع أكبر على مستوى الشرق الأوسط، مع دخول جماعة "أنصار الله الحوثي" و"حزب الله" العراقي على الساحة وتنفيذهما هجمات ضد أهداف إسرائيلية وأميركية دعمًا للفلسطينيين.
وأفادت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" بأنّ الجماعة العراقية شنّت منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما لا يقلّ عن 82 هجومًا بطائرات بدون طيار وصواريخ ضد منشآت عسكرية أميركية في العراق وسوريا، ما أدى إلى إصابة 66 جنديًا.
وردًا على هذه الهجمات، قصفت الولايات المتحدة موقعين في جرف النصر، ما أسفر عن مقتل 8 عناصر من كتائب "حزب الله"، وفقًا للبنتاغون.
ترسانة أسلحة
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن العشرات من ضباط المخابرات والجيش الغربيين والعراقيين ودبلوماسيين، قولهم إنّ منطقة جرف النصر جنوبي بغداد أصبحت بمثابة "قاعدة عمليات لإيران"، حيث تستخدمها كتائب "حزب الله" العراقي لتجميع الطائرات بدون طيار والصواريخ والتي تُستخدم فيها قطعًا زوّدتهم بها إيران، ثمّ يتمّ توزيع هذه الأسلحة لاستخدامها في هجمات يشنّها وكلاء طهران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وقال الجنرال كينيث ماكينزي جونيور الذي تقاعد العام الماضي كرئيس للقيادة المركزية الأميركية التي تشرف على القوات الأميركية في المنطقة للصحيفة: "لديهم صواريخ وقذائف هاون".
وإذ أوضح أنّه لا يعرف بالضبط نطاق الأسلحة التي تمتلكها هذه الكتائب، أكد أنّه في عام 2020 عندما أشرف على جهود أميركية لتقليل ترسانتهم من الأسلحة، وجد أنّ نطاق بعضها قد يصل إلى أهداف في الأردن وسوريا والسعودية.
من جهتهم، قال مسؤولون استخباراتيون وعسكريون سابقون وحاليون للصحيفة، إنّ ترسانة صواريخ كتائب "حزب الله" تتكوّن في الغالب من صواريخ كاتيوشا تقليدية قصيرة المدى، ولكنها تشمل أيضًا بعض الصواريخ الأطول مدى.
"شريكان إقليميان"
وأضافت الصحيفة أنّ العراق وإيران يُعتبران الآن شريكين إقليمين، رغم خوضهما حربًا طويلًا ضد بعضهما البعض.
ويشترك البلدان حدودًا برية تزيد عن 1609 كيلومترات، ناهيك عن العلاقات الاجتماعية التي تربط العديد من العائلات من الجانبين، إضافة إلى علاقات اقتصادية قوية، وارتباط ديني لناحية المزارات التي تعتبر مقصدًا لكلي الشعبين.
وبعد انتخابات عام 2021، حازت الأحزاب السياسية المرتبطة بإيران على حصة كبيرة من المقاعد البرلمانية لتشكيل ائتلاف حاكم واختيار رئيس الوزراء.
ورأت الصحيفة أنّه بالنسبة للولايات المتحدة، فإن المكاسب السياسية التي حقّقتها طهران في بغداد وسيطرة كتائب حزب الله العراقي على جرف النصر، تمثّل انتكاسة لواشنطن التي استثمرت على مدى السنوات العشرين الماضية، 1.79 تريليون دولار للإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين، ومحاربة تنظيمي "القاعدة" و"الدولة" بهدف إيجاد حليف يمكن الاعتماد عليه.
وبعد القضاء على "تنظيم الدولة" في العراق، أصبحت كتائب "حزب الله" وغيرها من الجماعات المرتبطة بإيران إلى جانب وحدات الحشد الشعبي جزءًا من جهاز الأمن العراقي عام 2016، حيث تدفع الخزانة العراقية رواتب المقاتلين وتوفّر لهم الأسلحة بما في ذلك الوحدات التي واصلت مهاجمة القوات الأميركية.
وقال مايكل نايتس زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومختص في علاقات القوات المسلحة العراقية مع إيران للصحيفة: "هذا العام، وافق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على ميزانية لثلاث سنوات ترصد المزيد من الأموال للمقاتلين الذين يبلغ عددهم الآن أكثر من 150 ألفًا، بنسبة 20% على الأقل، وهي زيادة كبيرة".
ولطالما شعرت إسرائيل بالقلق إزاء مخزونات الأسلحة المتزايدة لدى كتائب "حزب الله" العراقي. وفي عام 2019، ضربت الطائرات الإسرائيلية مستودعًا كبيرًا للأسلحة في بغداد في منطقة تسيطر عليها جزئيًا كتاب "حزب الله"، كما نفذت عدة هجمات ضربت فيها معسكرات هذه الجماعة في سوريا والعراق بين عامي 2019 و2022.