السبت 17 Aug / August 2024

تبادل السفراء بين دمشق والرياض.. ما فرص نجاح التطبيع مع نظام الأسد؟

تبادل السفراء بين دمشق والرياض.. ما فرص نجاح التطبيع مع نظام الأسد؟

شارك القصة

السعودية تعيّن أول سفير لها في سوريا منذ أكثر من عقد - غيتي
السعودية تعيّن أول سفير لها في سوريا منذ أكثر من عقد - غيتي
لم تشهد الساحة السورية أي تقدم نحو الحل السياسي في البلاد، بينما تتعمق معاناة اللاجئين في دول الجوار.

بعد أكثر من عام على استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين الرياض ودمشق منذ عام 2012، أعلنت السعودية تعيين سفير لها في سوريا بعد فترة طويلة من الجمود الذي أحاط بمسار الانفتاح العربي على سوريا. 

وبدأ مسار الانفتاح على سوريا عام 2021 بمبادرة "خطوة مقابل خطوة" التي طرحها الأردن ونتج عنها عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية عام 2023، وتشكيل لجنة اتصال وزارية عربية لم تحل حتى اليوم أي من الملفات التي أوكلت إليها.

رحلة التطبيع مع نظام الأسد

وشهدت قمة جدة 2023 رسميًا عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، حيث استُقبل رئيس النظام بشار الأسد ومدت له الأيدي، وبدأ قطار التطبيع في بيئة إستراتيجية بدت إيجابية، مع سعي الرياض إلى تصفير المشاكل في المنطقة.

كما شهد الإقليم حراكًا سياسيًا ودبلوماسيًا يبرر التقارب مع نظام الأسد بمنحه حوافز تدفعه لتغيير سلوكه، بعد أن استأنفت دول عربية عدة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، هذا فضلًا عن انفراج العلاقات السعودية الإيرانية الحليف الإستراتيجي لنظام الأسد.

وفي ذلك الوقت، تشكلت لجنة الاتصال الوزارية العربية لمعالجة الملفات الملحة مع سوريا، وعلى رأسها وقف تهريب مادة الكبتاغون، التجارة التي تتخذ من الأراضي السورية منطلقًا لها.

وكذلك تأمين الأرضية اللازمة لعودة اللاجئين، والانخراط في مسارات الحل السياسي، بالإضافة إلى ملفات أمنية مرتبطة بالإقليم.

جردة الحساب مع النظام

لكن بعد مضي عام على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، حضر رئيسها بشار الأسد قمة البحرين بصمت، إذ اقتصر حضوره على الاستماع، ولم يلق كلمة بحضور القادة العرب، في حين تطرح تساؤلات عن جردة الحساب مع النظام السوري بين القمتين.

إذ أن المكافأة التي مُنحت للنظام باستعادة مقعده في الجامعة العربية لم تثمر في حل الملفات السابقة، فلا تزال التقارير تفيد باستمرار تدفق المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية.

كما لم تشهد الساحة السورية أي تقدم نحو الحل السياسي في البلاد، بينما تتعمق معاناة اللاجئين في دول الجوار.

خطوة سعودية مفاجئة

وعليه، فشِل النظام بالوفاء بالتزاماته أمام الدول العربية، وشهدت العلاقات السورية العربية فتورًا حتى ما قبل قمة البحرين، إلا أن خطوة سعودية مفاجئة قلبت القراءات والتحليلات.

وتجلى ذلك بقرار الرياض تبادل البعثات الدبلوماسية مع دمشق، وتعيين السفير فيصل بن سعود المجفل، الشخصية العسكرية والسياسية البارزة كسفير للمملكة في سوريا.

ويُفهم من هذه الخطوة تعزيز الوجود العربي وتوسيع قنوات الاتصال المباشرة مع النظام، الذي يُعتقد أنه مسلوب القرار بحكم الهيمنة الروسية والإيرانية على أغلب مفاصل السلطة السورية، حيث تحُول هذه الهيمنة دون استقلال النظام، وتجعله رهينة حسابات خارجية لا تلبي بالضرورة مصلحة السوريين.

لماذا يعطى الأسد فرصة جديدة؟ 

متابعةً لهذا الملف، يرى مروان قبلان مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن هناك أشبه بإجماع على المستوى الرسمي العربي لطي صفحة الربيع العربي بكل مشاكلها.

ويشرح قبلان في حديث مع "العربي" أن معظم الدول العربية كانت تدفع مع بداية الثورة السورية باتجاه دعمها وحتى إسقاط النظام، وتحقيق تطلعات الشعب السوري إلى ديمقراطية وحرية.

ويتابع مدير وحدة الدراسات أن مواقف الدول العربية ترتبط أيضًا بالحسابات الجيوسياسية، مثل موضوع العلاقة مع إيران وغيرها من الأسباب مثل أزمة اللاجئين وتهريب المخدرات.

ويردف: "بتقديري أنه في هذه المرحلة وصلت عديد الدول العربية إلى استنتاج وهو طي المرحلة السابقة مع النظام والبدء بمرحلة جديدة.. وكل دولة لديها هواجسها الخاصة والمشتركة مع باقي الدول العربية".

ويتابع قبلان أنه بعد عام من عودة سوريا إلى الجامعة العربية، لم يحدث تقدم كبير من قبل الطرفين. إذ يعتقد أن النظام كان له توقعاته أيضًا من الدول العربية، أبرزها تدفق المساعدات الاقتصادية وتحريك ملف إعادة الإعمار.

في المقابل، كان للدول العربية بدورها توقعاتها الخاصة أيضًا لا سيما فيما يتعلق بالتعاون الأكبر مع النظام في موضوع تهريب المخدرات والسلاح، وغيرها وفق قبلان.

وعليه يتابع مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي للأبحاث: "لذلك أتت خيبات الأمل على الطرفين.. لكن التطورات التي حصلت خلال الأسبوعين الماضيين مثل عودة السفير وملف الحجاج تدل على أن النظام كان تركيزه على الرياض.. ويريد تحقيق اختراق تحديدًا مع السعودية".

ولذلك، يرجح قبلان أن يكون هناك مسارًا ثنائيًا سوريًا – سعوديًا بعيدًا عن لجنة الاتصال العربية، وهو ما دفع لحصول مثل هذه التطورات الدبلوماسية بين دمشق والرياض مؤخرًا فضلًا عن مجموعات تفاهمات سابقة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close