أحيت مصر أمس الثلاثاء، الذكرى الـ11 لاندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني عام 2011، التي خرجت عبر احتجاجات شعبية استمرت لمدة 18 يومًا، مطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وأجبرت الرئيس آنذاك محمد حسني مبارك على التنحي بعد 30 عامًا في حكم البلاد.
وشاركت عدة قوى سياسية في تلك الأحداث التي جاءت ضمن ما يعرف بالموجة الأولى لثورات الربيع العربي، والتي يعتبرها كثيرون أهم حدث عاشته مصر في التاريخ الحديث.
وفي هذا الإطار، يؤكد الناشط السياسي وعضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة سابقًا عبد الرحمن فارس أنه على الرغم من مرور السنين على ذكرى الثورة، "فلا تزال الحرية حلم كل الناس، مهما كانت المأساة".
ويشير في حديث لـ"العربي" من الدوحة إلى أنه رغم ما حصل في بعض البلدان العربية من تظاهرات، "نرى الآن احتجاجات تخرج في السودان والجزائر ولبنان لأن الحرية غاية نبيلة"، مشددًا على وجوب عدم فقدان الأمل مهما كانت طريقة التعامل مع التظاهرات.
هل اتسعت الفجوة بين الطبقات المجتمعية؟
كان مطلب العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية من أهم شعارات ثورة يناير التي حملها ثوار التحرير أثناء الأحداث وبعدها، حيث تحرك الملايين من المصريين، وخصوصًا في جمعة الغضب، بعد أن وصلت الفجوة بين الطبقات إلى درجة غير مسبوقة.
وفي هذا الصدد، يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي علي الرجال، أن الفجوة بين الطبقات المجتمعية في مصر زادت بعد ثورة 25 يناير وأصبحت أكثر حدة، لأن جهاز الدولة بدأ يخطو نحو تحديث نفسه من خلال تحديث الدولة وأجهزتها وتطويرها.
ويضيف في حديث لـ"العربي" من برلين، أن الدولة المصرية أرادت من تحديث جهاز الدولة أن تصبح دولة قوية وأن تحصر المجتمع والاقتصاد وتعزز من موقعها الدولي، ما انعكس سلبًا على الدين الخارجي الذي ارتفع بشكل كبير.
ويتابع الرجال أن "هذه الخطوة انعكست سلبًا على طبقات المجتمع المصري خصوصًا الأفقر منها والوسطى، وذلك بسبب رفع الدعم وارتفاع أسعار الوقود والغذاء".
الأوضاع الاقتصادية بعد 25 يناير
في غضون ذلك، خرج مئات المصريين في الـ25 من يناير في عموم البلاد للمطالبة بالعيش والعدالة الاجتماعية، طامحين في تحسين أحوالهم المعيشية وزيادة الأجور والقضاء على الفساد.
وتظهر البيانات الرسمية وكذلك الدولية ارتفاع معدلات الفقر في البلاد، وارتفاع أسعار السلع والخدمات مقارنة بدخل المواطنين، بعد مرور أكثر من عقد على الثورة، في الوقت الذي تقدم فيه الحكومة على إلغاء الدعم كليًا.
من جهته يرى الخبير الاقتصادي ورئيس قسم الاقتصاد في جريدة العربي الجديد مصطفى عبد السلام، أن الثورة لا تزال حاضرة وبقوة في قلوب ملايين المصريين، على الرغم من محاولة طمسها والإساءة إليها، واتهامها بالوقوف وراء إفلاس البلاد.
ويشير في حديث لـ"العربي" من الدوحة، إلى أن أرقام البنك المركزي بعد الثورة تؤكد أن التحويلات المصرية قفزت على سبيل المثال بأكثر من 2 مليار دولار، كما زادت نسبة الصادرات، وارتفعت الحركة التجارية في قناة السويس بنحو 500 مليون دولار.
ويوضح عبد السلام أن المشهد الاقتصادي في مصر لم يكن ليتغير لو جاء جمال مبارك نجل الرئيس السابق حسني مبارك إلى الحكم، على الرغم من اتخاذه إجراءات اقتصادية مختلفة.