تتصاعد المخاوف في العديد من دول العالم من أزمة في إمدادات القمح، بعد العملية العسكرية التي باشرت بها روسيا في أوكرانيا منذ الخميس الماضي.
فقد أبدى اليمن الذي تتهدّده المجاعة نتيجة استمرار الحرب منذ أكثر من سبع سنوات، مخاوف من تفاقم أزمة الجوع وارتفاع أسعار الغذاء والتضخم الحاد؛ الأمر الذي دفع مواطنين للمسارعة لشراء كميات إضافية من الطحين.
وبحسب ما أفاد برنامج الأغذية العالمي هذا الأسبوع، فإن أزمة أوكرانيا ستزيد على الأرجح من أسعار الوقود، والغذاء خاصة الحبوب في اليمن الذي يعتمد على الواردات، وزادت فيه تكلفة الطعام لأكثر من المثلين في الكثير من المناطق على مدى العام المنصرم.
وبما أن 29% من صادرات القمح العالمية، مصدرها من روسيا وجارتها أوكرانيا التي تتعرض لهجوم واسع النطاق منذ أسبوع، فإن تداعيات الحرب من شأنها أن توقف أو تعطل هذه الإمدادات فضلًا عن احتمالية ارتفاع الأسعار العالمية.
ودفع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء العملية العسكرية بأسعار القمح للارتفاع بنسبة 16%، وسط مخاوف من قطع سلاسل التوريد وتأثر البنية التحتية الزراعية في أوكرانيا في حال طال أمد العملية، ما قد يهدد الأمن الغذائي لعدد من الدول، ومن بينها دول عربية، ويجعلها تدفع ثمن الصراع الروسي الأوكراني من لقمة عيش مواطنيها.
وتنتج روسيا نحو 10% من القمح العالمي بينما تنتج أوكرانيا 4%. ويوازي مجموع إنتاج البلدين تقريبًا حجم إجمالي إنتاج القمح في الاتحاد الأوروبي. كما تمثل صادرات البلدين معًا ربع صادرات القمح العالمية، حيث بلغت عام 2020، 18% من روسيا و8% من أوكرانيا.
وينتج البلدان 4% من الإنتاج العالمي للذرة، لكن مساهمتهما أكثر أهمية في الصادرات، حيث تمثل 14% من صادرات الذرة العالمية بحسب بيانات عام 2020.
وليس اليمن وحده من الدول العربية التي دقت ناقوس الخطر، بعد تزايد المخاوف في السوق بسبب الهجوم العسكري الروسي على الجارة أوكرانيا.
إذ أعلنت الحكومة التونسية في 25 فبراير/ شباط الماضي، أنها أمنت مخزونًا من القمح حتى يونيو/ حزيران المقبل، فيما ذكر لبنان أن احتياطياته من القمح تكفي لمدة شهر على الأكثر ويسعى إلى عقد اتفاقات استيراد من دول مختلفة.
تخوف في السوق اليمني
وبحسب المعلومات الواردة من اليمن الذي دفع التضخم نتيجة الحرب بين جماعة الحوثي المدعومين من إيران، والحكومة اليمنية الشرعية، الملايين فيه إلى حافة المجاعة، فإن الكثير من القادرين على الشراء بدأوا بتخزين القمح.
وهذا ما أكد عليه، محمد النمري وهو بائع جملة في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ عام 2014: "الناس الآن يسارعون للشراء، الناس قلقون ويتوقعون حدوث أزمة، ويشترون 10 أو 20 جوالًا".
من جانبه، قال مهران القاضي وهو من مستوردي الطحين (دقيق القمح) إن لديهم مخزونات لكن الناس تشتري بدافع الذعر، ومضى يقول: "بعض التجار زادوا الأسعار بعد أن رأوا الطلب الكبير".
ويقسم اليمن حاليًا، بين مناطق تابعة للحكومة المعترف بها دوليًا ومقرها مدينة عدن الجنوبية، وجماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء.
وعقدت الحكومة في عدن أمس الثلاثاء، اجتماعًا لمناقشة إمدادات الغذاء وقالت إن هناك ما يكفي من مخزونات القمح وسلع أساسية أخرى لمدة أربعة أشهر.
وفي هذا السياق، أوضح محمد الهاشمي نائب وزير الصناعة لدى جماعة الحوثي أن إدارته لديها ما يكفي عدة أشهر من مخزونات القمح، لافتًا غلى أن المزيد سيأتي من مصادر غير أوكرانيا وروسيا.
اليمن يواجه نقصًا بتمويل المساعدات
وتأتي المخاوف بشأن الإمدادات لتضيف للجوع المتفاقم في اليمن ووسط نقص في تمويل المساعدات.
وخفض برنامج الأغذية العالمي منذ يناير/ كانون الثاني الحصص الغذائية التي يمنحها لثمانية ملايين من أصل 13 مليونًا يساعدهم شهريًا، وحذر من احتمال المزيد من الخفض.
ومضى ديفيد بيزلي مدير البرنامج قائلًا: "ليس لدينا خيار سوى أن ننقص الغذاء عند الجائع لنطعم من يتضور جوعًا".
ومن المقرر أن تستضيف السويد وسويسرا مؤتمر مانحين في 16 مارس/ آذار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة لعام 2022.
ولم تتلق تلك الخطة العام الماضي سوى 58% من التمويل المطلوب.
وفي الأسبوع الأخير من شهر فبراير/ شباط الماضي حذّرت الأمم المتحدة من أن مواردها في اليمن، تستنفد لأقصى حد، داعية إلى تمويل عاجل لعمليات الإغاثة.
وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث حذر في 16 فبراير من مواجهة اليمنيين انخفاضًا أكبر في المساعدات الإنسانية في الأشهر المقبلة، بسبب نقص التمويل الذي قد يقلص حصص الغذاء.
وحتى نهاية 2021، أودت الحرب بحياة 377 ألف شخص، وكبدت اقتصاد اليمن خسارة 126 مليار دولار، وبات معظم السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.