الخميس 19 Sep / September 2024

رعب ومغامرة في "العربة الذهبية".. عائلة أوكرانية تروي مشقة هروبها من ماريوبول

رعب ومغامرة في "العربة الذهبية".. عائلة أوكرانية تروي مشقة هروبها من ماريوبول

شارك القصة

تقرير حول انتهاء مهلة روسيا الثانية للمقاتلين الأوكرانيين المحاصرين في ماريوبول (الصورة: غيتي)
أعلنت أوكرانيا عن محاولة جديدة لإجلاء المدنيين من مدينة ماريوبول المحاصرة التي تعرضت لدمار كبير وتسيطر على غالبيتها القوات الروسية.

بينما كان القصف الروسي يدمّر مدينتهما ماريوبول جنوبي شرق أوكرانيا، قرر يفيغين وتاتيانا أن ليس أمامهما سوى طريق واحد للفرار مع أبنائهما الأربعة وهي سيرًا على الأقدام.

وفي حديث لوكالة "فرانس برس" الجمعة أثناء انتظارهم في مدينة زابوريجيا قطارًا متجهًا غربًا، روت العائلة بالدموع والضحكات مشقات اجتياز نحو 125 كلم قبل الوصول إلى بر الأمان.

وقالت تاتيانا كوميساروفا البالغة 40 عامًا: "شرحنا للأطفال طيلة شهرين خلال تواجدنا في القبو أين سنذهب... حضرناهم لهذه الرحلة الطويلة". وأضافت: "اعتبروا الأمر مغامرة". 

والأحد الماضي قررت مع زوجها يفغين تيشنكو البالغ 37 عامًا وهو عامل فني أن الوقت حان للقيام بالخطوة.

وروت: "بقلق رافقا الأطفال خارج المبنى. وكانت تلك المرة الأولى التي يخرج فيها جميع أفراد الأسرة مجتمعين منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير/ شباط.ورأوا حولهم مشهد دمار كامل.

بدوره، قال يفغين: "عندما شاهد الأطفال ذلك مشوا بصمت". وأضاف: "لا أعرف ما الذي كان يدور في رؤوسهم. هم أيضًا ربما عجزوا عن تصديق أن مدينتنا لم تعد موجودة". 

الحياة تحت الأرض

كان الوالدان مدركين لما ينتظر العائلة. فقد سبق أن خرجا خلسة من المبنى للتمون بالسلع الغذائية والماء من المتاجر التي دمرها القصف وشاهدا جثثًا في الشوارع.

وبدا لتاتيانا أن "الموت بسبب القصف يخيف أقل من الموت جوعًا". 

وكانت قذيفة قد سقطت على سقف المبنى السكني حيث يقيمان. أما أطفالهما فقد بقوا طيلة الوقت تحت الأرض.

وقالت تاتيانا: "أحضرنا لهم الكتب إلى القبو، والنور كان خافتًا بدرجة كنت بالكاد أرى لكنهم تمكنوا من القراءة". 

وأخبرت الطفلة آنا البالغة 10 سنوات عن أوقات مرحة أمضتها عندما كانت تلعب مع أصدقاء من شقة مجاورة.

وتستذكر الفتاة التي سرحت شعرها في ضفيرة: "النوم على الإسمنت لم يكن رائعًا". 

وتؤكد بشجاعة أن عند سقوط القنابل: "لم نكن بغاية الخوف". وقالت: "المبنى كان يهتز كثيرًا وعلا الغبار" لافتة إلى أن "التنفس لم يكن سهلًا". 

مغادرة ماريوبول 

وكانت مغادرة القبو والمدينة "صعبة"، بالنسبة لآنا. وروت: "كان علينا أن نحمل حقائبنا التي كانت ثقيلة". 

كان ذلك في اليوم الأول، قبل أن يعثر والدها على عربة أطلقت عليها العائلة تسمية "العربة الذهبية". 

كانت تلك عبارة عن عربة بثلاث عجلات يعلوها الصدأ وتحدث صريرًا لكنها جعلت السير أكثر سهولة.

وشرح يفغين: "راحت زوجتي تدفع أصغر بناتنا على دراجتها فيما أنا كنت أدفع العربة، بينما كان أحد الأطفال أحيانًا متربعًا على الحقائب، والطفلان الآخران كانا يسيران بجانبي". 

بعد خمسة أيام وأربع ليال من السفر، اجتاز أفراد العائلة العديد من الحواجز الروسية وقالوا للجنود إنهم متوجهون إلى أقارب لهم.

وقال يفغين: "لم يعاملونا كأعداء، حاولوا المساعدة". وأضاف "لكن في كل مرة كانوا يسألوننا: من أين أنتم؟ من ماريوبول؟ ولكن لماذا تذهبون في هذا الاتجاه؟ لمَ لستم ذاهبين إلى روسيا؟"

وليلًا كانت العائلة تنام في منازل أهالي فتحوا لهم أبوابهم على طول الطريق وقدموا لهم الطعام. وخلال النهار كانوا يواصلون السير رغم المشقات.

وأخيرًا حالفهم الحظ والتقوا بدميترو جيرنيكوف، الذي كان يعبر بولوهي، البلدة الخاضعة للسيطرة الروسية والواقعة على بعد 100 كلم عن زابوريجيا.

وقال جيرنيكوف: "شاهدتُ هذه العائلة وهي تدفع عربة على جانب الطريق". ويتوجه جيرينكوف بانتظام إلى زابوريجيا لبيع محاصيل الخضار التي تزرعها عائلته.

بعدما اجتازوا 125 كلم سيرًا، انتهت رحلة تاتنيا ويفغين وأطفالهما في حافلته الصغيرة المتضررة.

البكاء فرحًا

ويتذكر جيرنيكوف شعورهم بالارتياح عندما خرجوا من مناطق تسيطر عليها القوات الروسية وشاهدوا جنودًا أوكرانيين. وقال "عندما عبرنا أول حاجز، بدأ الجميع بالبكاء". 

وتؤكد تاتيانا: "كان لدينا هدف وحيد وهو أن يعيش أطفالنا في أوكرانيا. إنهم أوكرانيون، لا يمكننا تصور أنه يمكن أن يعيشوا في بلد آخر". 

الجمعة استقلت العائلة حاملة مقتنياتها القليلة، قطارًا مكتظًا متجهًا إلى لفيف. ومنها تخطط العائلة للتوجه إلى إيفانو-فرانكفيسك، المدينة الكبيرة الأخرى في غرب أوكرانيا، سعيًا لبناء حياة طبيعية.

وقال يفغين: "أريد العثور على وظيفة. وزوجتي ستهتم بالأطفال وتبحث لهم عن مدرسة". وأضاف: "لا يمكن أن ننسى ما مررنا به، ولا يجدر بنا ذلك. لكن يجب أن نبقى متفائلين ونقوم بتربية أطفالنا". 

وتعبر ابنتهما آنا عن أمنياتها البسيطة بعد الفرار من جحيم ماريوبول. وتقول: "أريد أن أعيش في مدينة ليست كتلك... وفي أوكرانيا". 

السيطرة على ماريوبول

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد الخميس، أن قوات بلاده نجحت في السيطرة على مدينة ماريوبول الأوكرانية المحاصرة منذ نحو شهرين.

وأعلن المستشار الرئاسي الأوكراني أوليكسي أرستوفيتش، اليوم السبت، استئناف القوات الروسية ضرباتها الجوية حيث تحاول اقتحام مجمع آزوفستال للصلب الذي تتحصن داخله القوات الأوكرانية الباقية في ماريوبول.

كما أعلنت أوكرانيا عن محاولة جديدة لإجلاء المدنيين من مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة التي تعرضت لدمار كبير وتسيطر على غالبيتها القوات الروسية، اعتبارًا من منتصف نهار السبت.

وكان مراسل "العربي" صابر أيوب أفاد اليوم السبت، بأن الحافلات التي كان من المفترض أن تنقل المدنيين لم تتحرك إلى ماريوبول لإجلاء مزيد المدنيين، ولا سيما أولئك العالقين في مصنع أزوفستال للحديد والصلب حيث تحاصرهم القوات الروسية.

وتقول السلطات الأوكرانية: إن "أكثر من 1000 مدني بالإضافة إلى حوالي 2000 جندي وأفراد كتيبة أزوف بينهم 500 جريح من جنود الجيش الأوكراني محاصرون".

وأضاف مراسل "العربي" أنه في العادة يصل المرحلون والذين يتم إجلاؤهم من ماريوبول وإقليم دونيتسك ولوغانس والمناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية في الجنوب الأوكراني إلى نقاط الإجلاء، حيث تقدم لهم الإسعافات والمساعدات الأولية من غذاء ودواء وغيرها، وذلك قبل ترحيلهم إلى مناطق الإيواء في مدينة زاباروجيا التي تسيطر القوات الروسية على أجزائها الجنوبية بما في ذلك محطة زاباروجيا النووية للطاقة الذرية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close