انتقد رئيس لجنة الدستور في تونس بشدة الدستور المقترح الذي نشره الرئيس قيس سعيّد هذا الأسبوع، معتبرًا أنه "يتضمن مخاطر جسيمة تمهد لنظام ديكتاتوري"، وفقًا لما نقلته صحيفة الصباح المحلية اليوم الأحد.
والخميس نشر سعيّد في الجريدة الرسمية مشروع دستور جديد سيُطرح على استفتاء عام في 25 يوليو/ تموز ويمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، في تعارض واضح مع النظام البرلماني القائم حاليًا في البلاد.
وأكد أستاذ القانون الدستوري السابق الصادق بلعيد، الذي عينه سعيّد "لصياغة دستور جديد للجمهورية الجديدة" أن النسخة التي نشرها سعيّد لا تشبه المسودة الأولى التي اقترحتها لجنة الدستور.
"نظام ديكتاتوري مشين"
وأضاف بلعيد أن الدستور النهائي الذي نشره الرئيس يحتوي على فصول يمكن أن تمهد الطريق "لنظام ديكتاتوري مشين".
وأردف بلعيد أن أحد فصول دستور سعيّد يتضمن "الخطر الداهم الذي يسمح للرئيس بتمديد ولايته وتمهيد الطريق لديكتاتورية مشينة".
وتابع أن الدستور تضمن نظامًا محليًا وإقليميًا مبهمًا وغامضًا ينذر بمفاجآت غير متوقعة.
كما قال بلعيد; إن حصر أعضاء المحكمة الدستورية في قضاة يقوض استقلاليتها. وبموجب الدستور الجديد يعين سعيّد القضاة.
واتهم أستاذ القانون الدستوري السابق سعيّد بتشويه الهوية التونسية من خلال نسخة الدستور.
وسبق للصادق بلعيد، أن قال في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" في 6 يونيو/ حزيران: إنّ مشروع الدستور لا ينص على أن الإسلام هو دين الدولة كما هي الحال في دستور 2014 بل يقول: إنّ "تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية".
ومنذ نشره يوم الخميس في الجريدة الرسمية التونسية، لم يعلق سعيّد على الدستور ، وسيمنح الدستور للرئيس سلطات أكبر بكثير.
"دستور سعيّد"
وينص مشروع الدستور على أن "رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة" يعينه الرئيس.
وهذه الحكومة "مسؤولة عن تصرفاتها أمام رئيس الجمهورية" وليست بحاجة لأن تحصل على ثقة البرلمان لتزاول مهامها، كما يمكن للرئيس أن ينهي مهام الحكومة أو مهام أي عضو منها تلقائيًا، ما يعني أن البلاد ستنتقل إذا ما أقر هذا المشروع من النظام البرلماني الحالي إلى نظام رئاسي.
ويمنح مشروع الدستور رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة في ميادين شتى إذ إنه "القائد الأعلى للقوات المسلحة" و"يضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية" و"يسهر على تنفيذ القوانين ويمارس السلطة الترتيبية العامة" و"يُسند، بإقتراح من رئيس الحكومة، الوظائف العليا المدنية والعسكرية" ويتمتع بحق "عرض مشاريع القوانين" على البرلمان الذي يتعين عليه أن يوليها "أولوية النظر" فيها على سائر مشاريع القوانين.
بالمقابل يقلص مشروع الدستور الجديد إلى حد بعيد صلاحيات البرلمان الذي ستُستحدث فيه غرفة ثانية هي "المجلس الوطني للجهات والأقاليم".
كذلك فإن مشروع الدستور الجديد ينص على أن الدولة "تضمن للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية العامة" كما أن "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون دون أيّ تمييز".
ويكفل مشروع الدستور الجديد "حرية الاجتماع والتظاهر السلميين".
وتتهم المعارضة ومنظمات حقوقية سعيّد بالسعي إلى إقرار دستور مفصل على قياسه.
وإثر أزمة سياسية استمرت أشهرًا، أعلن سعيّد في 25 يوليو/ تموز توليه كامل السلطات التنفيذية والتشريعية في البلاد بإقالته رئيس الوزراء وتعليقه عمل البرلمان.