عندما وصلت حركة طالبان، الأحد الماضي، إلى مدينته قندوز في شمال أفغانستان، لم يتوقّع عبد الله البالغ من العمر 17 عامًا أنهم سيجندونه للقتال إلى جانبهم بالقوة.
وعلى غرار آلاف الأفغان الباحثين عن الأمان، وصل المراهق الى كابُل بعد فراره من الهجوم الواسع الذي تقوده طالبان، وتمكنت خلاله من السيطرة بسرعة على نصف عواصم الولايات في غضون 8 أيام، والوصول إلى مشارف العاصمة.
تفاصيل اليوم الأخير المرعبة
ويستعيد عبد الله، بينما يستظل بفيء خيمة باتت مأوى عائلته في ضاحية في شمال العاصمة، تفاصيل مرعبة من يومه الأخير حين كانت قندوز محاصرة.
بعد وقت قصير من وصول المقاتلين، لم يجد الفتى نفسه إلا في قبضة طالبان الذين أوقفوه في الشارع واصطحبوه الى تلة قريبة لتزويده بالسلاح: حقيبة مملوءة برؤوس قاذفات "أر بي جي" على ظهره يتجاوز وزنها 20 كلغ وعلبة ذخيرة في كل يد.
ويروي عبد الله، الذي تملأ البثور وجهه ويرتدي لباسًا أفغانيًا تقليديًا أزرق اللون، أنهم "طلبوا منهم حمل السلاح والانضمام إلى صفوفهم. وعندما حضر أهاليهم مطالبين بتحريرهم، تم تهديدهم بالأسلحة".
لم يحمل سلاحًا في حياته
واستمرت محنة عبد الله 3 ساعات قبل أن يحضر أقاربه ويتمكنوا من إقناع طالبان بتركه، عندها قررت العائلة الفرار.
لكن مسلحي طالبان كانوا له مجددًا بالمرصاد. فقد أقدم 4 مقاتلين يعتقد عبد الله أنهم "باكستانيون"، بسبب لهجتهم، على توقيفه وأخذه مجددًا لإعداده للقتال.
ويقول: "تعرضنا للضرب، لدي آثار كدمات على جسدي".
وبعد ساعة، كان الفتى الذي اعتاد العمل مع والده في صالون حلاقة، يحمل بندقية "أم 16"، السلاح الهجومي الذي يستخدمه الجيش الأميركي، ويتوجّه مع المسلحين إلى الجبهة حيث كانوا يهاجمون مكاتب للشرطة.
ويستعيد عبد الله تلك اللحظات قائلًا: "كنت أرتجف ولم أتمكن من حمل بندقيتي، فلم أشارك في القتال يومًا أو أحمل سلاحًا في حياتي".
لم يكن الوجود على الجبهة سهلًا. يشرح: كان ثمّة قصف جوي ودبابات تطلق النيران. ويضيف أن "3 أو 4 صبيان كانوا يحملون بنادق قد أصيبوا، ثم قتلوا بعدما انفجرت حقائبهم".
تحت الصدمة
يقول عبد الله: "كنت خائفًا حقًا. فكرت في والديّ وقلت لنفسي: "إذا أُصبت وقُتلت، ماذا سيحلّ بهما؟".
ومع مقتل وإصابة نصف عدد المجموعة التي اقتادته، وجد فرصة سانحة للهرب، فقرر رمي البندقية وركض بعيدًا.
تطلب الأمر قرابة ساعة كاملة حتى وصل إلى حيّه. "كنت تحت الصدمة. لم أكن قادرًا حتى على التعرّف إلى بابنا عندما وصلت إلى المنزل، لم أكن حتى متأكدًا من أنني ما زلت على قيد الحياة".
وبعد وصوله، استعدت العائلة للرحيل على عجل. اقترضت بعض المال وباعت الهاتف النقال لوالدته من أجل دفع تكاليف الرحلة الى كابل.
وإثر رحلة استغرقت 15 ساعة، وصل أخيرًا إلى كابل مع والديه وجده وشقيقتيه وإخوته الثلاثة، عمر أصغرهم عامين ونصف العام. ومنذ ذاك الحين، يفترش أفراد العائلة الأرض للنوم وليس لديهم إلا ملابسهم.