يعود الثاني من أغسطس/ آب بذكرى غزو العراق للكويت. مرت أعوام منذ العام 1990، لكن القرار الذي اتخذه صدام حسين بالزحف نحو بلد عربي في ذلك الصيف، يظل أحد أبرز الأحداث التي طبعت حكمه وتركت آثارًا كارثية مدمرة.
جاء الغزو الذي باغت العراقيين كما الكويتيين، بمضي ثمانية أعوام على الحرب العراقية الإيرانية، ويقول مطلعون على تلك المرحلة إن صدام تفرّد باتخاذ ذلك القرار.
ويشير رئيس أركان الجيش العراقي السابق نزار الخزرجي عبر "العربي"، نقلًا عن صدام، إلى أن الأخير "نفذ العملية بالقطعات المرتبطة به شخصيًا".
ويصف الخزرجي بـ"رأس الحربة في احتلال الكويت" كلًا من الحرس الجمهوري ومجموعاته من المخابرات والاستخبارات، لافتًا إلى أن تلك المجموعات أُرسلت قبل يوم أو يومين من بدء الغزو إلى داخل الكويت بلباس مدني، فاستقبلت القطعات ودفعتها إلى مناطق وجود الأمراء والمسؤولين.
غزو العراق للكويت
اقتحم الكويت في ساعات الفجر الأولى من يوم الخميس 2 أغسطس 1990 أكثر من 20 ألف جندي عراقي من 4 محاور، فاستيقظ الكويتيون وقد حاصرهم في بلدهم جند ودبابات صدام حسين.
وكان صدام قد اعتمد في غزو العراق للكويت، والذي تباينت المواقف العربية بشأنه بين التأييد والمعارضة، على ما اعتبره الضوء الأخضر الأميركي ووعد روسي بلعب دور الحليف في الحرب الباردة.
حينها، أمر الرئيس العراقي جنوده بالهجوم برًا وجوًا وبحرًا، وداهمت القوات العراقية قصر دسمان، لكنها فشلت في العثور على أمير الكويت جابر الأحمد الصباح، الذي غادر لتنظيم المقاومة من المنفى.
ضمّ العراق الكويت تحت مسمى "المحافظة 19"، ونصّب حكومة مؤقتة موالية له في الكويت، وتم إلغاء السفارات الكويتية.
وفيما مكث جيش صدام 7 أشهر في البلد الجار، أُجبر 400 ألف مواطن كويتي ومئات الآلاف من الأجانب على مغادرة الكويت.
وما تزال الاتهامات قائمة إلى اليوم بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان ونهب الأملاك والثروات، وسقوط أكثر من ألف قتيل كويتي.
كما تبقى بالنسبة للكويت المسألة المتعلقة بالأسرى والمفقودين، الذين لم يعرف مصيرهم إلى الآن، "نقطة سوداء"، وكذلك جرحًا لم يندمل لدى الكثير من العائلات المكلومة.
أسباب غزو العراق للكويت
جاءت التطورات في 2 أغسطس 1990 بعد بضعة عقود فقط على موجة التحرر من الاستعمار الغربي، وكان صدام حسين قد بدأها بتهديدات أعقبت اتهامات بسرقة الكويت لنفط الأحواض العراقية.
وجاءت هذه الاتهامات على خلفية عجز العراق عن تسديد ديونه للكويت، التي دعمت بغداد إبان الحرب ضد إيران. كما كانت زيادة الإنتاج النفطي للكويت قد أضرت بالمداخيل العراقية.
ويبقى في حقيقة الأمر أن البعث العراقي لم يعترف يومًا بالحدود، التي أفرزتها معاهدة سايكس بيكو.
إلى ذلك، لقي غزو العراق للكويت استنكارًا دوليًا وإدانة من مجلس الأمن. وبعدما مكث الجيش العراقي في البلد الجار 7 أشهر، تدخل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في شتاء 1991.
عُرف حينها هذا التدخل بـ"عملية عاصفة الصحراء"، التي حرّرت الكويت وأجبرت صدام على التراجع.
وبعدما تصاعد غبار العاصفة في 24 فبراير، أعلن الرئيس الأميركي في حينه جورج بوش الأب تحرير الكويت وطرد الجيش العراقي.
وقد وقّع العراقيون في خيمة عند الحدود وثيقة هزيمتهم، وشهد يوم السادس والعشرين من فبراير/ شباط 1991 بدء انسحاب القوات العراقية من الكويت.
وتحدثت تقارير عن تطبيق هذه القوات المنسحبة سياسة الأرض المحروقة. ففيما ترك الجيش العراقي وراءه بلدًا مدمرًا ومنهوبًا، قام بإحراق أكثر من 750 بئرًا نفطية.
إلى ذلك، فُرضت على العراق 12 عامًا من الحظر، تجلّت آثاره في صور الأطفال الذين عانوا من سوء التغذية.
عاد أمير الكويت من المنفى في 15 مارس/ آذار 1991، ليعلن تحرير بلاده من الغزو العراقي.
ثم عقب سقوط نظام صدام حسين العام 2003 استأنفت بغداد والكويت علاقاتهما. وقام أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد بأول زيارة رسمية إلى العراق في 20 يونيو/ حزيران 2019.
وكانت الكويت قد طالبت العراق بتعويضات. وفي فبراير الماضي، سدّدت بغداد آخر دفعة من المبالغ المترتّبة عليها وقدرها 52.4 مليار دولار، فانتهى تفويض "لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن غزو العراق للكويت في 1990".
وفي العام 2011، قدّمت الكويت مساعدات للعراق، ثم استضافت في فبراير 2018 مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعماره. ووقعت اتفاقية بمنح 85 مليون دولار لصندوق إعادة الإعمار في الكويت.