الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

رائحة غريبة وموت بلا دماء.. مجزرة الغوطة دليل آخر على إجرام نظام الأسد

رائحة غريبة وموت بلا دماء.. مجزرة الغوطة دليل آخر على إجرام نظام الأسد

شارك القصة

حلقة أرشيفية من "كنت هناك" تعرض لمجزرة الغوطة التي ارتكبها النظام السوري ضد الأهالي بالأسلحة الكيماوية (الصورة: غيتي)
ارتُكبت مجزرة الغوطة التي استخدم فيها النظام السوري سلاح السارين ضد المدنيين في 21 أغسطس 2013، بعد 3 أيام من وصول بعثة المراقبين الدوليين إلى دمشق.

على مدى سنوات وقف العالم مذهولًا أمام جرائم النظام السوري، التي ارتكبها بحق العزّل. ولم يكن التنديد والوعيد كافيين لردعه عن ارتكاب المزيد.

وبينما يتكشف ما حاول نظام الأسد إخفاءه من المجازر، وآخره في حي التضامن وخرج إلى العلن بالصوت والصورة، لم تتأخر أخرى في الوصول إلى مرأى ومسمع العالم أجمع، ومن بينها مجزرة الغوطة، التي استخدم فيها النظام السلاح الكيماوي ضد الغوطتين الشرقية والغربية.

ارتُكبت المجزرة في 21 أغسطس/ آب 2013، بعد ثلاثة أيام من وصول بعثة المراقبين الدوليين إلى دمشق وعلى بعد أمتار من الفندق الذي نزلوا فيه. وأُهيل التراب بنتيجتها على مئات الضحايا بينهم عدد كبير من الأطفال.

السم الذي ألقاه النظام على السوريين

لم ينسَ من نجا من أهالي الغوطة الهجوم، الذي شنّه النظام السوري عليهم بغاز الأعصاب السارين، ولن يفعلوا.

بعض تفاصيل ذلك اليوم روتها أم عصام اللحام، في إطلالتها عبر وثائقي "كنت هناك" الذي بُث على شاشة العربي.

قالت إن صاروخًا نزل في الشارع انبعثت على أثره رائحة غريبة، وأنها علّقت حينها في حديثها مع أحد أبنائها بعبارة: "ما يكون كيماوي؟"، وأردفت بأنها لم تكمل كلمتها حتى شعرت باحتراق في عينيها، وسرعان ما أصبحت عاجزة عن الكلام.

وبينما استذكرت أصوات عويل من حولها ورش للمياه بالخراطيم، لفتت إلى أنها أُسعفت وأن آخرين وصلتها أنباء مقتلهم.

من جهته، أفاد نجلها عصام بأنه عمد فور سقوط الصواريخ إلى جمع إخوته وزوجته وأبنائه في غرفة واحدة، قبل أن يفقد الوعي. وأضاف أنه راح ينادي على كل واحد منهم عندما استعاد وعيه، فيما تولى أخوه أبو كامل البحث عن أفراد العائلة.  

يومها اشتُبه بأن ابنته بتول كانت من بين الضحايا، لكنها نجت وعادت إلى أحضانه. 

أطفال آخرون لم تُكتب لهم النجاة. وأفاد الناشط الإعلامي محمد حمص بأن من قضوا كانوا من مختلف الأعمار، وبينهم أطفال.

روى أن المصابين لم تظهر على أجسادهم أي جروح ولم تخرج منها أي نقطة دم، لافتًا إلى أن الأطباء وقفوا حائرين أمام أعداد المصابين من يسعفون بينهم أولًا.

"كيف نغفر أو نسامح؟"

بدوره، أشار أبو زيد وكان أحد المسعفين، في إطلالة سابقة عبر "العربي" تحدث فيها عن مجزرة الغوطة، إلى أنه تلقى قرابة الساعة الواحدة والنصف من بعد منتصف الليل، خبر سقوط صواريخ غير معتادة على الغوطة وخروج الناس في حالة من الهلع إلى الشوارع يطلبون النجدة، بينما مات آخرون من دون وجود لأي شظايا.

ولفت إلى توجهه إلى الموقع ونقله المصابين الذين تراوحت حالهم بين من خرج الزبد من فمه، ومن كان مغمى عليه، ومن كان مصابًا بالدوار أو يرتجف.

وروى أنه شمّ فور وصوله رائحة غريبة وكريهة، وأن طبيبًا حضر إلى المكان أكد أن ما تعرّض له أهالي المنطقة هو "الكيماوي".

وفيما استذكر منظر الجثث في الطرقات والبيوت، قال إنهم كانوا بغالبيتهم من الأطفال والنساء، سائلًا: كيف نغفر أو نسامح؟

المنظر بالنسبة لغسان أبو طاهر، العامل في مقبرة شهداء حمورية، لا يُنسى أيضًا. قال إن أعدادًا "على مد النظر" من الضحايا كانوا ممددين أمواتًا.

واستعاد الرجل ما كان شاهدًا عليه من وداع أليم للأحبة، الذين قُتلوا في ذلك اليوم قبل مواراتهم تحت الثرى.  

مجزرة الغوطة.. ومزاعم تسليم الأسلحة

عقب وقوع مجزرة الغوطة التي استُخدم فيها السلاح الكيماوي، نفى النظام أن يكون هو من ارتكبها.

ومن ناحيتها، أكدت المعارضة أن ذاك صنيع النظام لإلحاق أبشع التهم فيها في حضور محققين دوليين، بعدما كان قد ذكر أنها تمتلك أسلحة كيماوية في أنفاق بمدينة جوبر. 

لاحقًا، أكدت تحقيقات البعثة الأممية أن لا أثر لتلك الأسلحة في جوبر، وأفادت التقارير بأن سلاح الغوطة خرج من مخازن النظام السوري.

إلى ذلك، وجّه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تهديدًا مباشرًا للنظام السوري، واعتبر هجوم الغوطة تجاوزًا للخطوط الحمر.

وفيما حضّرت الإدارة الأميركية نفسها للحرب ضد النظام، اقترح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عدم توجيه ضربة لسوريا وإلقائها ما في يدها من سلاح كيماوي.

ويزعم النظام أنه سلّم مخزوناته من الأسلحة بموجب اتفاق أبرم عام 2013 مع الولايات المتحدة وروسيا.

لكنه ارتكب في ما بعد عشرات المجازر في المدن السورية، وتعدّدت الأسلحة التي استخدمها بين كيماوية وبراميل متفجرة وسلاح التجويع والحصار.

وبمرور أعوام على وقوع مجزرة الغوطة وجرائم أخرى ارتكبها النظام ضد السوريين العزّل، يعمد سوريون ومنظمات حقوقية إلى رفع دعاوى ضد مسؤولين في النظام ومن بينهم رئيسه بشار الأسد أمام المحاكم في الخارج، في مسعى لإنصاف سوريا وشعبها.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close