في ختام زيارته الرسمية للجزائر التي دامت ثلاثة أيام، وقّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، السبت إعلانًا من أجل "شراكة متجددة" بعد 60 عامًا من انتهاء الحرب واستقلال الجزائر.
وخلال مؤتمر صحافي عقب توقيع الإعلان في قاعة التشريفات بمطار هواري بومدين، وصف تبون زيارة نظيره الفرنسي بـ"الناجحة".
والخميس بدأ ماكرون زيارة إلى الجزائر هي الثانية له، منذ توليه الرئاسة، وتعود زيارته الأولى إلى ديسمبر/ كانون الأول 2017 في بداية ولايته الأولى، طوت سنين من التوتر الذي تصاعد أخيرًا، قبل أن تفتح الجولة الجديدة عهدًا من الشراكة المتنوعة بين البلدين.
مستقبل يهم الطرفين
واعتبر تبون أن زيارة ماكرون "أتاحت تقاربًا لم يكن ممكنًا لولا شخصية الرئيس ماكرون"، حسب تعبيره.
ومضى يقول متحدثًا بالفرنسية: "اتفقنا على مستقبل يهم الطرفين".
وينصّ "إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة" على رغبة البلدين في "افتتاح حقبة جديدة" وتبني "مقاربة ملموسة وبنّاءة تركز على المشاريع المستقبلية والشباب".
كما جاء فيه أن "الشراكة المميزة الجديدة" باتت "مطلبًا يمليه تصاعد التقلبات وتفاقم التوترات الإقليمية والدولية".
ويرد فيه أيضًا أنه "يوفر إطارًا لوضع رؤية مشتركة ونهج تنسيق وثيق لمواجهة التحديات العالمية الجديدة (الأزمات العالمية والإقليمية وتغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي والثورة الرقمية والصحة)".
إضافة إلى هذا الإعلان، أبرم عدد من اتفاقات التعاون شملت خصوصًا التعليم العالي والصحة والرياضة ووقّع عليها وزراء من البلدين.
وأشار تبون إلى الاجتماع رفيع المستوى الذي جمع قادة أجهزة الأمن من الجانبين بما فيها الجيش الجمعة "لأول مرة منذ الاستقلال"، لافتًا إلى أن قرارات مشتركة انبثقت عنه "لصالح بيئتنا الجيوسياسية".
وستنشئ باريس والجزائر "مجلسًا أعلى للتعاون" على مستوى الرئيسين من أجل "تعزيز مشاوراتهما السياسية".
من جهته اعتبر الرئيس الفرنسي أن إعلان الجزائر سيتيح "تعزيز العلاقة المتقاربة من خلال إجراء حوار دائم حول جميع الملفات، بما في ذلك المواضيع التي منعتنا من المضي قدمًا".
واندلع خلاف عميق بين البلدين في الخريف بشأن مسألة الذاكرة حول الاستعمار الفرنسي (1830-1962).
وتقرر خلال زيارة ماكرون إنشاء لجنة مؤرخين مشتركة من أجل تسوية الخلافات ومواجهة الماضي "بشجاعة" على حد تعبير الرئيس الفرنسي، و"يمكن تنصيبها في غضون الـ15 إلى 20 يومًا القادمة" وفق تبون الذي أوضح أن عملها قد يستغرق عامًا قابلًا للتمديد.
وفي 25 أبريل/ نيسان الماضي، وجه تبون تهنئة لماكرون بمناسبة انتخابه لولاية ثانية ودعاه لزيارة الجزائر، حيث شكل ذلك محطة لعودة خطاب المجاملات الرسمية منذ الأزمة الدبلوماسية بين البلدين نهاية العام الماضي والتي دامت 3 أشهر.
في هذا السياق، رأى الباحث في مركز الأحياء للدراسات عبد المجيد غريب أن الزيارة في الشكل هي زيارة صداقة وليست زيارة دولة.
وقال في حديث سابق إلى "العربي" من الجزائر: "إن صانع السياسة الفرنسية لم يعد يعي أن التوازنات قد تغيّرت". واعتبر أن "الطرح الكولونيالي على وشك الموت".