لم يتضرر من الحرب في أوكرانيا الأوروبيون أمنيًا وإستراتيجيًا وإنسانيًا فحسب، إنما أصابتهم في مصادر رزقهم كذلك.
فأسعار الطاقة المرتفعة في القارة العجوز تجبر منشآت عديدة لصناعة الحديد والفولاذ على توقيف عملياتها جزئيًا أو كليًا، حيث تضاعفت تكلفة الغاز، الذي يديم عملياتها التشغيلية.
تفجير مفاجآت
وفجّرت "آرسيلور ميتال" البولندية، صاحبة ثاني أكبر مصنع للصلب في العالم مفاجأة، حيث قرّرت إغلاق منشأتها في مدينة بريمن الألمانية.
وسيدخل هذا القرار حيّز التنفيذ مع نهاية سبتمبر/ أيلول الحالي، وحتى إشعار آخر. فلم تعد الشركة تطيق تكاليف الطاقة الباهظة، ولن تتمكن كذلك من التجاوب مع ضريبة الطاقة، التي ستشرع برلين في تطبيقها اعتبارًا من الشهر القادم.
في شرقي سلوفاكيا، قرّر مصنع آخر إخراج أحد أفرانه من الخدمة؛ حيث فضّل "يو أس ستيل كوسايس" تشغيل منشآته الثلاث المتبقية، بما يتسّق مع الطلب المتراجع أساسًا بفعل التباطؤ الاقتصادي العالمي.
وفي ألمانيا، تخطّط ثلث الصناعات ذات الاستهلاك الكبير للطاقة لخفض إنتاجها أو توقيفه تمامًا. وتضغط هذه التوجهات على الائتلاف، الذي يحكم الناتج المحلي الأكبر على المستوى القاري.
بدورها، تواجه هذا التحدي أيضًا كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، التي أفقدت الحرب تنافسية صناعاتها مقارنة بنظيرتها الآسيوية والأميركية.
وسيعمق هذا الواقع أزمة اقتصادات هذه الدولة، حيث لم يعد في وسع برلين إنقاذها كما جرت العادة.
"تأثر متوقع"
ويشير الصحافي المتخصّص في الشؤون الأوروبية ناصر جبارة، إلى أن تأثر منشآت صناعة الحديد والفولاذ كان متوقعًا حدوثه في هذه الفترة.
ويوضح في حديثه لـ "العربي" من برلين، أن هذا القطاع هو من بين ثلاث قطاعات اقتصادية تعتمد بشكل كبير على مواد الطاقة؛ وهي صناعة الحديد والصلب وصناعة الورق وصناعة الأسمدة.
وفيما يلفت إلى أن الوضع خطير، يعتبر أن أوروبا تقف أمام سنوات صعبة.