حذرت منظمة التجارة العالمية من أن العالم يقف على أعتاب ركود اقتصادي، متوقعة انخفاض التجارة العالمية عن نسبها السابقة.
بدوره، تحدث البنك الدولي عن ركود اقتصادي محتمل مع رفع البنوك المركزية العالمية أسعار الفائدة.
ويرتبط الركود في علم الاقتصاد بحالة الانكماش لستة أشهر على الأقل ما يعني انخفاضًا كبيرًا في النشاط الاقتصادي لدولة معينة وارتفاع أسعار السلع مقابل انهيار القدرة الشرائية للمستهلك وفقدان الوظائف وزيادة الأعباء المالية.
بدوره ينعكس التضخم على قطاع الصناعات ما يؤدي إلى إصابته بالضرر ويدفع بمعدل الانتاج إلى التراجع.
وفي مثل هذه الحالات تستند الدول على سعر الفائدة فترفعه لخفض عرض النقد وبالتالي خفض التضخم.
هذه السياسيات النقدية، مرحلية ولا تفيد إذا استمر الانكماش الاقتصادي في مساره، فكبح جماح التضخم لتعزيز النمو الاقتصادي تقف دونه مخاطر انهيار العملة على غرار ما تعرض له الجنيه الإسترليني الذي سجل هبوطًا تاريخيًا أمام الدولار بنسبة تصل إلى 5%.
وشكلت الحرب في أوكرانيا أحد الأسباب التي ساهمت في التدهور الحاصل في الاقتصاد العالمي الذي كان يحاول لملمة خسائره في أسواق العمل من جراء جائحة كورونا، قبل أن تدخله الحرب في نفق شبح الركود من بابه الواسع.
كما يعود سبب الانكماش الاقتصادي بالدرجة الثانية أيضًا بعد كورونا لارتفاع أسعار النفط وسط صعوبات الحصول على الطاقة. كما يشكل انعدام الأمن الغذائي محطة أخرى لهذا الانكماش، قد تكون الأخطر.
هل نتجه إلى حالة ركود؟
وفي هذا الإطار، تحدث أستاذ الاقتصاد في جامعة قطر أحمد خليفة عن مؤشرات توضح أن هناك اتجاهًا نحو انخفاض معدل النمو الاقتصادي في معظم دول العالم.
وأشار في حديث إلى "العربي" من الدوحة إلى أن هذا الانخفاض يعود إلى أسباب عدة، لافتًا إلى أن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي اقترن بظاهرة تمثلت بارتفاع معدل التضخم.
وأوضح أن علم الاقتصاد يشير إلى أن حصول ظاهرتين متناقضتين في ذات الوقت من الممكن أن يتسبب بكساد تضخمي وتدهور في أداء النشاط الاقتصادي.
وشرح خليفة أن ركود الاقتصاد هو أحد مظاهر التقلبات الاقتصادية والدورة التجارية، وعادة ما تصاحبه 3 أمور أساسية هي زيادة معدل البطالة والأسعار، وانخفاض مستوى الناتج المحلي الإجمالي.
وقال: "الفترة الماضية شهدت ارتفاعًا في مستوى الأسعار في ظل اتجاه لانخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي قد نتجه فعلًا إلى حالة من الركود".
مؤشرات مقلقة
بدورها، أكدت الخبيرة في الشؤون الاقتصادية الأوروبية نجاة عبد الحق أن الاتحاد الأوروبي أو منظومة اليورو بدأت بمواجهة تحديات منذ جائحة كورونا الأمر الذي تجلى بالانخفاض الذي سُجل في النمو الاقتصادي العام الماضي.
وأوضحت في حديث إلى "العربي" من برلين أن هذا الوضع بدأ بالتعافي بعض الشيء مع انحسار أزمة كورونا لكن بشكل بطيء.
إلا أن عبد الحق أشارت إلى أنه ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الغاز والنفط بشكل كبير، سجل تضخمًا غير مسبوق في منطقة اليورو منذ السبعينيات حيث وصلت هذه المعدلات إلى 8% في أغسطس/ آب الماضي. واعتبرت أن هذا الأمر مؤشر يثير القلق.
وقالت: إن البنك المركزي الأوروبي قام بالسياسات النقدية لتعديل التضخم عبر رفع الفوائد، إلا أن هذه الخطوة أدت إلى ارتفاع أسعار القروض وارتفاع مديونيات الدول خاصة في جنوب أوروبا.
وأكدت أن أثر هذه الأزمة يختلف بين دولة وأخرى بحيث يعتمد على كيفية قيام هذه الدول بتنفيذ سياساتها النقدية.
العالم يدفع ثمن ارتفاع أسعار النفط
مدير معهد السياسات الدولية في واشنطن باولو فون شيراك رأى أن التضخم يمثل مشكلة في الولايات المتحدة.
وأوضح في حديث إلى "العربي" من العاصمة الأميركية أن التضخم لم يتوقف منذ نهاية جائحة كورونا رغم مواكبة البنك المركزي له.
وتحدث أيضًا عن عامل ارتفاع اسعار الطاقة في العالم، معتبرًا أن العالم كله يدفع ثمن ارتفاع أسعار النفط.
وأوضح أن استجابة البنك المركزي الأميركي بوجه الأزمة من خلال سياسات نقدية لم توقف التضخم.