السبت 16 نوفمبر / November 2024

الحملة الممنهجة ضدّ استضافة قطر لكأس العالم.. هل تحمل أجندات خفية؟

الحملة الممنهجة ضدّ استضافة قطر لكأس العالم.. هل تحمل أجندات خفية؟

شارك القصة

حلقة "تقدير موقف" تناقش دوافع وخلفيات الحملة الممنهجة ضد استضافة قطر كأس العالم 2022 (الصورة: أرشيف غيتي)
منذ نيلها شرف استضافة كأس العالم 2022، واجهت قطر حملة ممنهجة تتراوح بين الاستهانة بحجمها، والاتهامات باستخدام سطوتها المالية لتزكيتها على دولة بحجم أميركا.

تنافست الولايات المتحدة وقطر نهاية عام 2010 على نيل شرف استضافة كأس العالم 2022، لتأتي النتيجة لصالح الدوحة، حيث لم يخف حينها الأميركيون صدمتهم التي تبدّت بخيبة أمل جارفة، فالنتيجة بالنسبة لهم كانت محسومةً لا تقبل الجدل.

لكن هذه المشاعر اعتمرت في الغرب لاحقًا، لتتطور إلى مواقف النكران والرفض المبطّن لفوز قطر بهذه الاستضافة.

فمنذ ذلك التاريخ، واجهت قطر حملةً ممنهجةً تتراوح بين الاستهانة بحجمها، والاتهامات باستخدام سطوتها المالية لتزكيتها على دولةٍ بحجم الولايات المتحدة، لتوظف قضية العمال، وحماية البيئة، وحقوق المثليين والحريات، لخلق أجواءٍ سلبيةٍ بهدف سحب حقوق التنظيم من قطر.

خيبة أمل الجماهير الأميركية بعد الإعلان عن اختيار قطر لاستضافة مونديال 2022 – أرشيف غيتي
خيبة أمل الجماهير الأميركية بعد الإعلان عن اختيار قطر لاستضافة مونديال 2022 – أرشيف غيتي

اتساع حملة التشويه

واستعرت الحملة واتّسعت مع اقتراب البطولة، لتأخذ بعدًا سياسيًا عبر تصريحات مسؤولين غربيين كادت أن تحدث أزمة دبلوماسية مع الدوحة، فجاء استدعاء السفير الألماني مؤخرًا في قطر، في سياق الردّ على تصريحات وزيرة الداخلية نانسي فيزر المسيئة.

وتمثّل التصعيد الأخير بمقاطعة تغطية البطولة، إذ امتنعت بعض المحطات التلفزيونية عن نقل حفل الافتتاح، واتّخذت عدّة بلديات فرنسية قرارًا بعدم بثّ المباريات، لكن التقديرات ذهبت إلى أن أكثر من 12 مليون فرنسي تابعوا المباريات بالرغم من هذه المقاطعة.  

ملف محكم متكامل 

وبالعودة إلى عام 2010، كان الملف القطري المقدّم إلى لجنة "الفيفا" آنذاك محكمًا ومتكاملًا، ويروي سيناريوهات الاستضافة بكل ما تتطلب من مرافق ولوجستيات إنجاح المنافسة الرياضية الأهم على مستوى العالم.

ومع انطلاق البطولة أواخر الشهر الفائت، كان التنظيم والبنية التحتية التي أنجزتها قطر حديث المشجعين والرياضيين، وسارت البطولة كما رسم لها في أول دولة عربية تستضيف هذا الكرنفال العالمي.

من يقف خلف الحملة ضد قطر؟ 

وعن دوافع وخلفيات الحملة الممنهجة ضدّ قطر منذ الإعلان عن اختيارها لتنظيم المونديال، يتحدّث أستاذ الصحافة في معهد الدوحة للدراسات العليا نواف التميمي، شارحًا أن هذه المعارضة هي من جهة "دوائر ضيّقة" في بعض الدول الغربية، وعددها محدود.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، إلى أنّ هذه المعارضة نابعة من مصالح اقتصادية، وسياسية، ورياضية، تقاطعت عند عدم الموافقة على خروج هذا الحدث الكروي الضخم بكل فوائده الإعلامية، والاقتصادية، والتجارية من أوروبا إلى أي مكان آخر، سواء نحو قطر أو غيرها.

وانطلاقًا من ذلك، يرى التميمي أنه "لا يجب أن نعطي هؤلاء نجاحًا لا يستحقونه، عبر تصوير أن الغرب كلّه، أو ألمانيا، أو بريطانيا، أو فرنسا كلّها تشارك في هذه الحملة"، مشدّدًا على أنّ "من يقوم بذلك هي جهات إعلامية ومؤسسات اقتصادية إلى جانب جهات رياضية، ليس من صالحها أن يكون كأس العالم في مكان آخر بعيد".

ويحذّر التميمي في هذا السياق، من أن هذه "الدوائر الضيقة" تهدف إلى جرّ الرأي العام نحو مربع الخلط بين الدولة المضيفة ومؤسسة "الفيفا"، التي هي تحت دائرة الشك والاتهام منذ سبعينيات القرن الماضي.     

كما يلفت الأستاذ في معهد الدوحة، إلى أن ما تتعرض له دولة قطر اليوم سبق وتعرضت له جنوب إفريقيا، وروسيا.

هل من أجندات خفية لهذه الحملات؟

أما الباحثة المختصة بالشؤون الأوروبية والأطلسية هالة الساحلي، فتعتبر أن هذه الحملة الممنهجة كانت قوية جدًا، خصوصًا في الأشهر الستة الأخيرة، مشيرةً إلى ضرورة الفصل بين عدد من البلدان.

وتلحظ الساحلي في حديث إلى "العربي"، من بروكسل، أن أولى هذه الحملات انطلقت من النمسا والنرويج اللتين لم تكونا مرشحتين للمونديال، فتم تسييس هذا الملف من قبل اليمين المتطرف.

وفيما يتعلق ببلجيكا، تعتبر الباحثة أن المصالح الاقتصادية هي التي طغت على دعوات المقاطعة على اعتبار أن بلديات يمينية ليبرالية وحتى يسارية، فضّلت المقاطعة تحت عباءة حماية حقوق الإنسان.

في المقابل، قدمت هذه البلديات تراخيص لشركات خاصة لإقامة أماكن للمشجعين بميزانيات وصلت إلى 70 ألف يورو، وكشف فيما بعد أن هذه السلطات المحلية ستقطع من أرباح هذه التنظيمات، على حد قول الساحلي.

وفي فرنسا هناك مصالح سياسية بامتياز بحسب الساحلي، التي تذكّر أن معظم دول الاتحاد الأوروبي شهدت انتخابات سواء تشريعية، أو رئاسية، أو إقليمية.

وتضيف: "تزامنت هذه الانتخابات في فرنسا مع ترؤس فرنسا للدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، على ضوء المنافسة القوية بين اليسار الشعبوي المتطرف واليمين المتطرف الصاعد. وفي هذا الإطار دعت كل البلديات لا سيما اليسارية إلى مقاطعة المونديال لاسترضاء الناخبين اليمينيين".   

الجماهير تتابع كأس العالم داخل فرنسا - غيتي
الجماهير تتابع كأس العالم داخل فرنسا - غيتي

ازدواجية معايير؟

بدوره، يلفت الأكاديمي والباحث المختص بالشؤون العربية فرانسوا بورغا إلى ازدواجية المعايير الغربية الأقرب إلى "النفاق" على حدّ وصفه.

ويوضح أن هذه الإشكاليات والعناوين التي أثيرت في الحملة ضدّ قطر، تطرح للمرة الأولى، رغم أنها كانت موجودة منذ سنوات لدى عدد من البلدان المضيفة الأخرى.

ويعتبر بورغا، أن ما يختلف اليوم هو أن هذه الانتقادات الهامشية حصلت على دعم من وسائل إعلامية ومنظمات غربية كبرى، في وقت هي ليست حملات شعبية حقيقية.

وعن خلفيات ذلك، يلفت الباحث إلى أن قطر هي دولة عربية لها خصوصية وموقف مغاير عن عدد من دول المنطقة، "فلو استقبلت الإمارات أو مصر أو غيرها كأس العالم، فأنا مقتنع بأنها لن تتعرض لنفس الحملة وبهذا المستوى الحاد"، وفق قوله.

ويردف بورغا: "لقطر موقف واضح من الربيع العربي، وهذه الدولة رفضت الاندماج بموجة التطبيع في المنطقة، وعليه تدفع الدوحة ثمن كونها عربية لا تنتمي للثقافة المهيمنة عالميًا وثمن دورها السياسي البارز المعارض لاتجاهات بعض الأجندات".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة