Skip to main content

في ذكرى وفاته الـ 749.. محطات من رحلة جلال الدين الرومي "سلطان العارفين"

الخميس 15 ديسمبر 2022

تستمر فعاليات إحياء الذكرى الـ 749 لوفاة المتصوف جلال الدين الرومي المعروف بـ"مولانا"، في ولاية قونية وسط تركيا، بحضورٍ ومتابعة كبيرين من زوار محليين وأجانب.

فخلال الفترة من 7 وحتى17 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، يتم إحياء ذكرى وفاة "سلطان العارفين" الذي انتقل عن هذه الدنيا في 17 ديسمبر 1273، في فعاليات تضم حفلات موسيقية صوفية ومعارض تستقبل آلاف الزوار من داخل تركيا وخارجها.

سيرة ومسيرة

"شغلي هو المحبة وبيت الحبيب مفتوح"، هكذا قال جلال الدين الرومي وهكذا كان سيرةً ومسيرةً، طريقًا وطريقةً، والطريق عند "مولانا" وفق باحثين هو الله جلّ شأنه أما الطريق فهي طرائق.

ويؤمن الرومي بواحدة هي الإسلام، ويتضامن مع ما سواها طالما أن الله من وراء القصد، ومن هنا مثل هذا المتصوّف حسب أتباعه إضاءة للسالكين إلى الله من كلّ ملّة ومذهب وطائفة.

وحين مات أحاطت به صلواتهم جميعًا، حيث كان اليهود والمسيحيون يتلون التورات والإنجيل في جنازته وقالوا عنه: "به عرفنا حقيقة الأنبياء السابقين، وبه رأينا مسيرة الأولياء الكاملين". 

ضريح جلال الدين الرومي في قونية، تركيا - غيتي

رحلة روحية إلى الكمال

ولد الرومي في 30 سبتمبر/ أيلول 1207 بمدينة بلخ بخراسان، وعاش في القرن الثالث عشر ميلادي في سياق تاريخي مشحون بالحروب والعداوات، وفلسفة في تهذيب النفس وتجاوز العالم المادي والتخلص من الحقد، والحسد، والغضب، والكراهية، والارتقاء عن الشهوات.

ورأى الرومي الذي يعدّ من أهم المتصوفين في التاريخ الإسلامي، في الموسيقى، إحدى طرائق الوصول إلى الله وكان يعتقد أن الإصغاء إلى الموسيقى والدوران معها وبها، رحلة روحية إلى الكمال.

من هنا، جاءت "المولوية" رقصته الشهيرة التي تحوّلت من بعده إلى طريقةٍ صوفيةٍ لها أتباع ومريدون يدورون في فلكه، ويبشرون بمنهجه.

رقصة المولوية الصوفية - غيتي

كما أخذ "مولانا" عن شيخه شمس الدين التبريزي أحد أكابر الصوفية في زمانه، وكان رحيل التبريزي عن قونية واختفاءه نقطة التحوّل في حياة الرومي، إذ ذهب يجوب الآفاق خلف أستاذه باحثًا ومريدًا.

فكانت رحلته هي كنزه، الذي أودعه كتابه الشعري الشهير "المثنوي" وهو خلاصة حكمته، ومذهبه، ومعارفه، وفيه يقول: "لست حزينًا ولا مسرورًا، أنا مع الله".

لحظة التحوّل

ومن اسطنبول، يتحدث عباس شريفة الباحث في الفكر الإسلامي والدراسات الصوفية عن شخصية جلال الدين الرومي الفريدة في التاريخ الإسلامي، ويرى أن هذه الفرادة تأتي من عدة عوامل أبرزها طبيعة نشأة الرومي.

فيشرح شريفة في حديث مع "العربي"، أن الرومي نشأ فقيهًا وبارعًا في علم الكلام، والفلسفة، والعقائد، إلا أن هذا التكوين العلمي الذي تربّى عليه لم يعطه القدرة على التأثير في أتباعه وتلامذته، على حدّ قوله.

لوحة فارسية عن المتصوف جلال الدين الرومي - غيتي

ويردف الباحث في الفكر الإسلامي: "ولكن في لحظة تاريخية معينة عندما انتقل إلى قونية والتقى بشيخه التبريزي، ودخل معه في خلوة يقال إنها استمرت لأكثر من سنتين ليتعلم منه العرفان الديني وحقائق التصوف، أصبح هناك نقطة تحول في حياة جلال الدين الرومي".

فما حصل مع الرومي بحسب شريفة ليس التنكر لمذهبه الأول والانتقال إلى مذهب آخر، بل إنه مزج الحقائق العلمية وعلم الكلام، والعقائد التي درسها بالطريقة الفلسفية المنطقية، بالحقائق القلبية وسخر الأدب لخدمة التصوف عبر التعبير عن المشاعر الروحية بلغة أدبية.

قدرة الرومي على التأثير

إضافة إلى ذلك، يتطرق الباحث في الفكر الإسلامي والدراسات الصوفية إلى قدرة الرومي على التأثير والتي عززت شهرته، بحيث تحول من مثقّف وعالم نخبوي إلى عالمٍ متبحرٍ ومؤثر في العوام لأنه استطاع "العزف على وتر حساس" حتى بالنسبة إلى المذاهب الأخرى.

ويردف شريفة: "قضية الفطرة الإنسانية والحاجة لمشاعر الودّ والحب والأسئلة الوجودية، هي مشكلة عند كل البشر.. لذلك وجدوا في كلام جلال الدين الرومي وتعاليمه وأشعاره ما يروي ظمأهم ويعبّر عما في نفوسهم".

المصادر:
العربي
شارك القصة