الجمعة 13 Sep / September 2024

طبيب وأستاذ ومفاوض.. كيف ساهم المجالي بالتطوير المؤسساتي في الأردن؟

طبيب وأستاذ ومفاوض.. كيف ساهم المجالي بالتطوير المؤسساتي في الأردن؟

شارك القصة

حلقة أرشيفية من برنامج "وفي رواية أخرى" يتحدث فيها رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي عن مساره الطبي والأكاديمي وعن إدارة بلاده للقضية الفلسطينية.
كان للمجالي الفضل في إدخال الممرضات إلى الجيش الأردني وشارك في تأسيس الجامعة الوطنية وعاصر حقبة مهمة من تاريخ القضية الفلسطينية.

تحدث رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي في الحلقة الثالثة ضمن برنامج "وفي رواية أخرى" عن مساره الطبي والأكاديمي وعن إدارة بلاده للقضية الفلسطينية. 

وكان المجالي منذ عام 1960 وحتى عام 1969 مديرًا للخدمات الطبية الملكية في الجيش الأردني.

العمل في المؤسسة العسكرية 

ويشير المجالي في الحلقة التي سُجلت عام 2018 ويُعيد "العربي" نشرها بعد وفاة رئيس الوزراء الأسبق في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى أنه التحق بالجيش عام 1948 وكان أول طبيب أردني يعمل في صفوفه. وقد طور الجيش برنامجًا لتدريس الطب لطلاب أردنيين في إنكلترا على أن يعودوا للخدمة في الجيش بعد التخرج.

ويروي المجالي كيف عمل على إدخال ممرضات أردنيات إلى المؤسسة العسكرية رغم الفكرة السائدة حول طريقة التعامل السيئة معهن والخوف من التحرش. لكن المجالي أدرك كيف يتعامل مع الأمر حيث قدم الحماية اللازمة وحوافز مشجعة. وقال: "الآن لدينا الآلاف من الضابطات وقد وصلن إلى رتبة لواء". 

ومنذ صغره، كان المجالي يطمح لأن يصبح طبيبًا وأستاذًا وضابطًا. ويقول: "كان التعليم يجري في دمي"، مشيرًا إلى أنه كان يدرس أقرانه في الصيف عندما كان مراهقًا. 

مسيرة المجالي في التعليم

ويروي المجالي كيف بدأ مسيرته في قطاع التعليم، حيث اضطر مرة في عام 1961 أن يترجم لقائد الجيش العام المشير حامد المجالي خلال لقاء مع ضابط بريطاني. وسأل الضابط حينها القائد عن المساعدة التي يريدها الأردن من إنكلترا، فأجابه: "السلاح يبلى لكن العلم هو الذي يبقى"، في إشارة إلى أنه يريد الدعم لإنشاء جامعة. 

وبعد شهرين، قدم فريق من جامعتي أوكسفورد وكامبريدج لكي يدرس مدى حاجة الأردن لإنشاء جامعة. وأعد الفريق تقريرًا ثم قدم توصية بإقامة كلية دار معلمين تصبح جامعة في ما بعد.

إنشاء الجامعة الوطنية

وفي فبراير/ شباط 1962، شكل وصفي التل حكومة أصدرت إرادة ملكية بتعيين لجنة التربية والتعليم الملكية وكان عبد السلام المجالي أحد أعضائها. وعملت اللجنة مع خبيرين أميركيين على دراسة لإنشاء الجامعة والسلم التعليمي الخاص بها.

وفي أغسطس/ آب 1962 قدمت اللجنة تقريرها وأوصت بالمباشرة بإنشاء الجامعة فورًا. وصدرت الإرادة الملكية بإنشاء الجامعة في 2 سبتمبر/ أيلول 1962 ولها مجلس أمناء مؤلف من 10 أعضاء ومنهم المجالي.

وفي عام 1971، عُين المجالي رئيسًا للجامعة الأردنية الذي كان من مؤسسيها وعمل على إنشاء كليات الطب والشريعة فيها. 

وكانت تلك الجامعة وطنية أي أنها ليست حكومية ولا حتى خاصة بل كان المواطن الأردني يدفع ضريبة للجامعة مباشرة، لكن مجلس أمنائها يعين من قبل ملك البلاد. 

ويروي المجالي أنه في عام 1971 قرر رفع رسوم الجامعة السنوية من 10 دنانير إلى 50 دينارًا، ما أثار اعتراض الطلاب الذين نظموا احتجاجًا. لكن المجالي طرح على الطلاب الذين لا يستطيعون دفع الرسوم فكرة طلب إعفاء من الحكومة او الاستحصال على قرض دون فائدة من الجامعة يُدفع بعد تخرجهم، أو حتى العمل في الجامعة.

وقد عمل المجالي في غسل الصحون في مطعم الجامعة لمدة 11 يومًا لكي يراه الطلاب ويكون خير قدوة ومثال. وينفي المجالي أن يكون قد طلب الشرطة لتفريق مظاهرة في الجامعة. 

وقد أنشأ المجالي 10 كليات في الجامعة الوطنية في غضون خمس سنوات. وقال: "ليس لدينا ترف الدراسة والتخطيط مثل العالم المتقدم"، معتبرًا أن سياسته السريعة في أتخاذ القرارات كانت سبب نجاح الجامعة. 

حرب 1973

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 1973 نشبت حرب لم تكن الأردن تعلم بها، بحسب المجالي. فالأردن لم تشارك في الحرب رغم أنها خسرت جزءًا من أراضيها عام 1967 وهو الضفة الغربية، كما حصل مع الدول العربية الأخرى. 

وقال المجالي: "مع كل الأسف كان عداء سوريا ومصر للأردن ولم يثقوا بالأردن وقد عاتبهم الملك"، نافيًا أن يكون لملك الأردن حينها علم بموعد انطلاق العمليات العسكرية وأنه أخبر القيادة الإسرائيلية بذلك. واعتبر المجالي أن تلك كانت مزاعم للتغطية على الأخطاء التي ارتكبتها تلك الدول حينها. 

وحول المزاعم التي روجت لها تقارير إعلامية أميركية عام 1977، والتي تقول إن الملك حسين كان يتعامل مع وكالة الاستخبارات الأميركية مقابل أجر منذ بداية عهده، قال مجالي: "عندما تنصب العداء لأحد ستحاول تشويه سمعته بأي طريقة"، مرجحًا أن يكون التعاون مع الوكالة طبيعيًا كما تفعل دول أخرى. 

ويرى المجالي أنه لو أعلم الأردن بتلك الحرب لشارك بها كما فعل في السابق. 

الأردن والقضية الفلسطينية

ويؤكد تمسك الأردن بالقضية الفلسطينية. وحول فصل فلسطين عن الأردن الذي كان يدعمه وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، يشير المجالي إلى أن "الغرب وإسرائيل يريدون أن تكون فلسطين تحت إدارتهم لكي يتعاملوا مع إسرائيل الكبرى".

ويرى أنه في السابق قبل فصل الضفة كان يمكن للأردن التفاوض لاستعادة أرض محتلة. 

ويلفت رئيس الوزراء الأردني الأسبق إلى أن الأردن تفتح معبرًا لمرور آلاف الفلسطينين يوميًا، متسائلًا عن السبب الذي يمنع دولًا عربية كبرى من فتح المعبر مع غزة بشكل دائم. 

وحول فشل مشاريع الأردن لاحتواء القضية الفلسطينية ومنها فكرة الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية، يعتبر المجالي "أن الأردن محسود لأنه دولة صغيرة تعيش وكأنها دولة كبيرة في عدة مجالات حتى في القوة العسكرية". ويرى أن "القوة الأردنية الفلسطينية شكلت مصدر خوف للبعض وحتى للعرب"، مشيرًا إلى أن الهدف كان إضعاف الأردن. 

إشكالية مؤتمر مدريد

ويرفض المجالي أن يكون الأردن قد تخلى عن الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويشير إلى أن الدول العربية كانت تريد مؤتمرًا دوليًا طمعًا بدعم روسيا والصين لها بوجه بريطانيا وفرنسا، لكن إسرائيل ترفض ذلك وتريد مفاوضات مباشرة.

ويعتبر المجالي أن الولايات المتحدة نجحت بعد حرب الخليج في إرساء معادلة المفاوضات. وقد رفضت واشنطن مشاركة  الأردن في المفاوضات في مدريد على خلفية عدم دخولها حرب الخليج، "لكن الأردن أصرت على المشاركة بنصف وفد بمشاركة فلسطينية فيه حيث شارك في المؤتمر 7 أردنيين و7 فلسطينيين". ويلفت المجالي إلى أن الأردنيين الذي شاركوا كان بعض منهم من أصول فلسطينية. 

وحول اللقاءات السرية التي عقدها الملك حسين مع قادة إسرائيليين في لندن والولايات المتحدة، يشرح المجالي أن الهدف من هذه اللقاءات كان إعادة الضفة الغربية للأردن وكانت النية إعادتها للفلسطينين بعد ذلك. لكنه يقول: "كان التفاوض مع الإسرائيليين يعتبر خيانة حينها". 

ويضيف المجالي: "كان الإسرائيليون يصرون على أن أفاوض عن الجانب الفلسطيني"، مؤكدًا أنه يرى أن الفلسطينيين هم من يفاوضون عن أنفسهم. 

حرب الخليج

ويوضح المجالي أن الأردن لم يقف مع العراق ضد الكويت لأنه يرفض فكرة الاحتلال، حيث اعتبر الملك حسين أن الغرب إذا دخل في حرب  فهي ستدمر المنطقة كاملة، لذلك كان يطلب أن تكون المفاوضات عربية عربية.

واعتبر المجالي أن الهدف من تلك الحرب كان تدمير العراق كقوة عربية أولى، مشيرًا إلى أن مشاركة العرب كانت نتيجة الضغط الأميركي، وأن مشاركة سوريا مع إيران كانت نتيجة العداء الإيراني للعراق. 

ويشير المجالي إلى أن رؤية الأردن كانت ثاقبة حيث تعرض العراق للتدمير وبعده سوريا. ويروي تأثير غضب الولايات المتحدة على الأردن على اقتصاد الأخيرة وعلاقاتها الدولية، معتبرًا أن "ما أنقذها هو تماسك القيادة مع الناس". 

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close