يشهد المغرب منذ عقود اهتمامًا متزايدًا بموسيقى "كناوة"، التي تتميز ببعد حضاري يعود إلى فترة الذين عانوا من الاستعباد، فنزحوا من السودان وجنوب الصحراء، باتجاه مدينة الصويرة المطلة على المحيط الأطلسي.
الباحث الموسيقي، سمير بحاجين قال في حديث إلى "العربي" من مدينة فاس المغربية: إن موسيقى "كناوة" تعد مهمة للغاية في البلاد منذ انتشارها خلال القرن السادس عشر، حيث تم استقطاب مجموعات بشرية تعاني الاستبعاد، فما كان من هؤلاء إلا أن جسدوا ما عانوه في زوايا متفرقة عبر تلك الموسيقى.
وتحوّل هذا النوع الموسيقي من تقليد غنائي هامشي ينحصر نشاطه في الزوايا الدينية وبعض الاحتفالات الموسمية، إلى ظاهرة موسيقية حيّة ألهمت أجيالًا جديدة من الفنانين المغاربة والأجانب.
تحول تاريخي
واسم "كناوة" مشتق من المكان الذي استقدمت منه تلك المجموعات البشرية، سواء من غرب السودان، أو غينيا أو غانا، ما يدفع البعض لإطلاق مسمى "غناوة" على تلك الموسيقى بدلًا من "كناوة".
وتقول نائلة التازي، مؤسسة جمعية للحفاظ على فن "الكناوة": إنها سلسلة من الأغاني والرقصات والموسيقى التسلسلية، والتقاليد التراثية، التي كان لا بد من تسجيلها ونسخها وحمايتها.
وتم إدارج موسيقى "الكناوة" في قائمة التراث الثقافي اللامادي، من جانب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، ما يرسخ بعدها الحضاري والإنساني باعتبارها لونًا موسيقيًا قادرًا على تشرب الأنماط الموسيقية العالمية، على آلات مختلفة.
وأوضح بحاجين، أن تلك الموسيقى اعتمدت بداية على ثلاث آلات موسيقية، وهي الطبل الإفريقي، والقرق، وهي آلة صنعت من الحديد لأنها كانت تعبر عن الأغلال، بالاضافة لآلة وترية مصنوعة من جلد الماعز.
وأضاف بحاجين، أنه مع التحولات التي شهدتها تلك الموسيقى، دخلت آلات أخرى إليها، في إطار تمازج وصل بها إلى العالمية، وقد لعب مهرجان "الصويرة" الموسيقي الدولي دورًا كبيرًا في ذلك، حيث شهد تجارب مزجت بينها وبين "الجاز"، وألوان موسيقية أخرى.