عاد نحو 50 مهاجرًا غينيًا أمس الأربعاء إلى بلدهم في أول رحلة تنظمها حكومة كوناكري، لإجلاء مواطنيها من تونس منذ الخطاب الذي ألقاه الرئيس قيس سعيّد حول المهاجرين الأفارقة المقيمين بصورة غير نظامية، قبل أسبوع، بحسب وكالة "فرانس برس".
وكان سعيّد قد دعا في خطاب لاقى موجة انتقادات عنيفة إلى اتّخاذ "إجراءات عاجلة" ضدّ المهاجرين غير النظاميين، واصفًا هذه الظاهرة بأنها "مؤامرة لتغيير التركيبة الديمغرافية" في بلاده، على حدّ قوله.
واستقبل الغينيون العائدون من تونس، رئيس المجلس العسكري الحاكم في البلاد الكولونيل مامادي دومبويا، على أرض المطار في كوناكري، حيث حطت طائرة تقلهم، كانت الحكومة قد استأجرتها لإجلائهم من تونس بعد تصاعد الهجمات ضدّ المهاجرين الأفارقة منذ تصريحات سعيّد.
وكان سعيّد قد اعتبر أن وجود هؤلاء المهاجرين غير النظاميين في بلاده هو مصدر "عنف وجرائم" وجزء من "ترتيب إجرامي" الأمر الذي دفع منظمات حقوقية ومدنية لإدانة الخطاب، ورأت أنه حمل تمييزًا عنصريًا بشكل واضح، ويدعو للكراهية.
"نجوت ورضيعي في يدي"
وما أن حطّت طائرة المهاجرين في مطار كوناكري حتى ترجّل منها العائدون وفي مقدّمتهم نساء يحملن أطفالهن الرضّع. وقالت إحداهن لوكالة "فرانس برس" ورضيعها على ذراعها: "كنت قد ذهبت من أجل الولادة حين بدأت هذه المشكلة. في المستشفى (في تونس) لمسنا مشاعر الكراهية والرفض ضدّنا".
ويعاني النظام الصحّي في غينيا من مشاكل عديدة جرّاء سنوات من سوء الإدارة من جانب السلطات المتعاقبة. بالمقابل، تُعتبر تونس وجهة للكثير من الأجانب الذين يسعون للحصول على رعاية طبية جيّدة.
وأضافت الأم الشابة أنّ مرافقتها في رحلة الاستشفاء هذه "أتت على عجل لاصطحابي حتى قبل انتهاء إقامتي في المستشفى. على طول الطريق، نجونا من هجومين ورضيعي بين يديّ". كان الأمر مروّعًا وخطرًا"، حسب قولها.
حملة مناهضة لوجود المهاجرين تثير الجدل في #تونس تقرير: وسام دعاسي pic.twitter.com/Et77pdY6if
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 23, 2023
من جهته، قال وزير الخارجية الغيني موريساندان كوياتي للوكالة نفسها، إنّ الطائرة التي استأجرتها حكومته، والتي ذهب على متنها إلى تونس لاصطحاب مواطنيه الراغبين بالمغادرة أعادت 49 غينيًا إلى بلدهم. وأضاف أنّ الحكومة ستقيم جسرًا جويًا بين كوناكري وتونس لإعادة كل من يرغب بمغادرة العاصمة العربية.
وبحسب مسؤول في الشرطة فإنّ من بين العائدين "أطفالًا دون العاشرة من العمر ورضّعًا".
وكانت الرئاسة الغينية قالت في بيان: إنّ الوزير كوياتي أُرسل إلى تونس على متن طائرة استأجرها المجلس العسكري الحاكم "للذهاب على وجه السرعة لمساعدة الغينيين".
ساحل العاج
وليست غينيا البلد الإفريقي الوحيد، الذي تدارك تداعيات الخطاب في وجه الأفارقة، فقد أعلنت أمس الأربعاء، ساحل العاج بأنّها بدأت "عمليات إعادة إلى الوطن" من تونس لنحو 500 مواطن.
وقال المتحدث باسم الحكومة العاجية أمادو كوليبالي عقب اجتماع لمجلس الوزراء: إنّ "الأمر الأكثر إلحاحًا هو إنقاذ الأرواح ومنع وقوع إصابات"، مشيرًا إلى أنّ رحلات العودة هذه يمكن أن تتمّ في غضون 24 إلى 72 ساعة.
وكان الاتحاد الإفريقي قد أدان مواقف الرئيس التونسي بشأن المهاجرين، ودعا دوله الأعضاء إلى "الامتناع عن أي خطاب كراهية له طابع عنصري قد يلحق الأذى بأشخاص".
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد في بيان، يوم الجمعة الماضي، " ندين بشدة تصريحات السلطات التونسية الصادمة ضد مواطنينا الأفارقة، والتي تتعارض مع روح منظمتنا ومبادئنا التأسيسية".
وأثار الخطاب في تونس موجة ذعر في صفوف المهاجرين من جنوب الصحراء، الذين أبلغوا مذّاك عن تصاعد الهجمات ضدّهم، فيما هرع العشرات منهم إلى سفاراتهم لإعادتهم إلى بلادهم.
وبحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يقيم في تونس البالغ عدد سكّانها 12 مليون نسمة، أكثر من 21 ألف مهاجر من دول إفريقيا جنوب الصحراء، معظمهم في وضع غير نظامي.