يميّز اللبنانيون بين مجزرتَي بلدة قانا الأولى والثانية، من حيث التاريخ فقط لا وحشية إسرائيل، التي احتلت بلادهم وهاجمت أراضيها برًا وجوًا وبحرًا، فروّعت وقتلت وتركت دمارًا وخرابًا.
مجزرة قانا الثانية ولها حكاية أخرى تروى، ارتكبتها آلة القتل الإسرائيلية ومن خلفها حكومة الاحتلال في حرب يوليو/ تموز 2006، أما مجزرة قانا الأولى فتعود ذكراها إلى الثامن عشر من أبريل/ نيسان 1996.
عدوان "عناقيد الغضب"
ارتكبت إسرائيل مجزرة قانا ضمن عدوان شنته على جنوب لبنان عام 1996، وأطلقت عليه اسم "عناقيد الغضب"، مودية بحياة 175 شخصًا إضافة إلى 300 جريح.
سقط قرابة مئة من الشهداء في ذلك اليوم الأسود، الذي استهدفت فيه إسرائيل مركز قيادة "فيجي" التابع لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
المركز الذي هرب إليه حينها 800 لبناني للاحتماء من جحيم القصف، وكانوا بمعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، تحوّل إلى هدف آخر للإجرام الإسرائيلي.
وأدت الضربات عليه إلى استشهاد 106 أشخاص بينهم عشرات الأطفال، فيما أُصيب نحو 150 آخرين بجروح وإصابات بدنية.
وفي إطلالة سابقة عبر "العربي"، تحدّث جميل سلامة، الناجي من مجزرة قانا، عن أشلاء الشهداء التي شاهدها، وعن أثر القذائف الفوسفورية التي أشعلت الأجساد فتحولت إلى رماد.
كان على رأس الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت شمعون بيريز، الذي يرتبط اسمه بجرائم ارتكبها الاحتلال بحق اللبنانيين والفلسطينيين، وببداية الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وبهندسة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
ردود الفعل على مجزرة قانا
جاءت ردود الفعل الدولية، وعلى عادتها، ضعيفة إزاء الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل في مجزرة قانا، حيث تمحورت المواقف حول المطالبة بالهدوء ووقف إطلاق النار.
على المستوى العربي أيضًا، لم يتجاوز الموقف الرسمي حدود الإدانة وبعث رسائل تؤكد خطورة الموقف وضرورة وقف العمليات العسكرية في لبنان.
كان العرب بحلول ذلك الوقت قد وقعوا ثلاث اتفاقيات للسلام مع إسرائيل، كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة.
لكنّ مجزرة قانا في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، أُضيفت في ذلك الوقت إلى قائمة الجرائم الإسرائيلية ضد لبنان، والتي لا تنفك حتى اليوم تتضخم.
وشملت تلك القائمة حتى عام 1996، على سبيل التعداد لا الحصر، الاعتداءات المتكررة على الجنوب، والاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وصولًا إلى بيروت، ومجازر إسرائيلية في قرى ومناطق لبنانية منها سحمر عام 1982، ومجزرة إقليم التفاح عام 1985، ومجزرة المنصوري ضمن عدوان "عناقيد الغضب" نفسه.
يُضاف إلى ما تقدم مجزرة صبرا وشاتيلا، التي تؤكد العديد من المصادر أن منتمين لحزب الكتائب اللبناني وميليشيا جيش لبنان الجنوبي ارتكبوها بتحريض إسرائيلي.