السبت 16 نوفمبر / November 2024

رحلات الموت على متن قوارب الهجرة.. لمَ تغيب الحلول التي تنهي المأساة؟

رحلات الموت على متن قوارب الهجرة.. لمَ تغيب الحلول التي تنهي المأساة؟

شارك القصة

برنامج "للخبر بقية" يفتح ملف الهجرة غير النظامية في ظل تزايد الحوادث المأساوية لقوارب الهجرة في عرض البحر (الصورة: رويترز)
غرق قارب قبالة السواحل اليونانية قبل أقل من عشرة أيام، وتتكلم التقارير عن عدد الجنسيات المثير للقلق لمهاجرين تكدّسوا بالمئات على ظهر المركب المهترئ.

تثير الفزع كلمات التقارير المكتوبة بأيدي المسؤولين عن التحقيق في غرق قارب قبالة السواحل اليونانية قبل أقل من عشرة أيام، لا سيما وأنها تتكلم خلال تحديثات متواصلة عن عدد الجنسيات المثير للقلق لمهاجرين تكدّسوا بالمئات على ظهر المركب المهترئ.

هؤلاء المئات كانوا يخوضون رحلة موت محقق بنسبة عالية، وكانوا بالتأكيد على إحاطة بنسبة النجاة المتدنية. ورغم ذلك انطلقوا من مدينة طبرق الساحلية الليبية ليغرقوا بعد 50 ميلًا في أعماق البحر.

وبحسب التحقيق، يدل كل ذلك على تعقيد الخطة التي اعتمدت عليها عصابة المهربين وحشرهم وسط قارب مهترئ مشتتين من بلدان عدة.

المأساة الممتدة من باكستان وصولًا إلى ليبيا وليس انتهاء بالسواحل اليونانية، وضجيج التحقيق المتواصل في بريطانيا تدفع بالمسؤولية عنها في اتجاهات شتى حكومية وأممية وأمنية واقتصادية، مع استمرار المتاجرين بالبشر في خططهم وتوسيعها لتشمل المزيد من الدول والمناطق.

ويأتي ذلك بالتزامن مع اتهامات لدول تتستر على حوادث راح ضحيتها العشرات، بل ربما المئات من البشر تحت غطاء تجفيف ينابيع الهجرة.

المعضلة في اتساع

من ناحيتها، تؤكد دول البحر المتوسط خاصة في الشمال الإفريقي أن المعضلة في اتساع لا تنفع معه الإجراءات المتبعة حاليًا، لا سيما وأن سلطات هذه البلدان تفكّك كما تقول وبشكل منتظم في الأشهر الأخيرة شبكات مهربين، وأحبطت عشرات الآلاف من محاولات الهجرة غير النظامية.

ومع تدحرج قصة مأساة القارب قبالة السواحل اليونانية وتغيير الرواية الرسمية عدة مرات، يتسبب ذلك بسيل جارف من الاتهامات تجاه خفر السواحل، الذين بدوا غير مبالين بالتصرّف حيال غرق المئات، لتكون اليونان من جديد في مرمى الانتقادات الشديدة وهي المعروفة بموقفها المناهض للمهاجرين.

وعن قصد أو دون قصد، تفشل الكتلة الأوروبية مجددًا في تطوير نهج إنساني ومتماسك للحد من المآسي المكرّرة، فتتعثر الجهود المبذولة لردع هذه الرحلات الخطيرة المحمّلة بالضحايا. 

وهؤلاء لا ذنب لهم سوى أنهم يخوضون رحلات الموت هذه؛ يرفعون راية الأمل بالفرار من موت مؤجل يتغذى من اليأس والفقر وانعدام الأمن المزمن في دول عديدة.

"بالإمكان الترحيب بكل هؤلاء"

وترى الصحفية المتخصصة بشؤون اللاجئين مارتا ماروتو، أن الاتحاد الأوروبي مراقب من دون مقاربة تدخل، ولا يتمتع بسياسة شاملة لمعالجة أزمة المهاجرين.

وتضيف في حديثها إلى "العربي" من مدريد، أن ثمة سياسة قيد الصياغة منذ العام 2015، وقد تستمر صياغتها حتى العام المقبل.

وتشير إلى أن "ما على الاتحاد الأوروبي التطلع إليه هو توزيع أكثر عدلًا للموارد الاقتصادية وسواها، لأننا نرى دول البحر المتوسط بشكل خاص تتحمل العبء الاقتصادي الأكبر لعمليات الإنقاذ".

وتقول: "أتطلع إلى إطار عمل مشترك، وهو ما نفتقد إليه، وإلى نظام جديد يتعلق بالهجرة لأن بإمكاننا أن نستضيف وأن نرحّب بكل هؤلاء الأشخاص".

وتردف: "نعم نستطيع اقتصاديًا وإذا ما كانت لدينا الإرادة السياسية كما شهدنا مع اللاجئين الأوكرانيين".

"الأسباب ليست أمنية فقط"

من جانبه، يعتبر رئيس معهد الاستشراف والأمن في أوروبا إيمانويل دوبوي أن ثمة فروقات على صعيد الآراء والسياسات بين الدول الأوروبية نفسها.

ويرى في حديثه إلى "العربي" من باريس، أن الأسباب التي تجعل المهاجرين يعبرون البحر المتوسط ليست فقط أمنية، بل اقتصادية أيضًا وسياسية.

ويقول إن ثمة نوع من الفهم المختلط بأن الأسباب الرئيسية لهذه الهجرة أمنية، وليس ذلك هو الحال.

ويتحدث عن "تونس، حيث أضعفت الأزمة السياسية الدولة وقدرتها على معالجة أزمة الهجرة، والحال نفسه في ليبيا منذ انهيار الدولة بعد نهاية العام 2011 والأزمة السياسية المستمرة".

ويضيف: "من السهل القول إن أوروبا هي الأساس في عدم معالجة هذه المشكلة، ولكن الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة تقبع في البلدان من حيث يغادر الأشخاص".

"سعي إلى التنصل من المسؤولية"

من ناحيته، يلفت رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد حمزة إلى أن الجانب الأوروبي سعى دائمًا إلى التنصل من مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه مأساة المهاجرين، وتجاه الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذه الظاهرة وتناميها وتصاعد تدفقاتها.

ويؤكد في حديثه إلى "العربي" من طرابلس، أن الجانب الأوروبي يسعى قدر الإمكان إلى الانخراط في اتفاقيات أمنية أو تعاون أمني لممارسة عمليات الصد والاعتراض والإعادة القسرية للمهاجرين إلى دول شمال إفريقيا أو جنوب المتوسط، وتحديدًا ليبيا وهي الحلقة الأضعف في هذه المنطقة.

كما يتحدث عن تونس ومسعى الأوروبيين إلى احتواء الموقف السياسي في مقابل الدعم المالي للسلطات التونسية في القبول بعمليات الصد والاعتراض للمهاجرين.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close