الإثنين 16 Sep / September 2024

معاناة عابرة للحدود.. لماذا ترتفع أسعار الغذاء في العالم؟

معاناة عابرة للحدود.. لماذا ترتفع أسعار الغذاء في العالم؟

شارك القصة

تقرير حول تصدّر مصر ولبنان قائمة الدول الأكثر ارتفاعًا في أسعار الغذاء (الصورة: غيتي)
فرضت الدول قيودًا على تصدير المواد الغذائية لحماية إمداداتها من تأثير حرب أوكرانيا وظاهرة النينيو والأضرار الناجمة عن تغير المناخ على إنتاج الغذاء.

تعاني الأسر في جميع أنحاء العالم جراء النقص في بعض المواد الغذائية، حيث تواجه نقصًا في الأغذية الأساسية مثل الأرز وزيت الطهي والبصل.

وفرضت بلدان حول العالم قيودًا على تصدير المواد الغذائية لحماية إمداداتها من التأثير المشترك للحرب في أوكرانيا، وتهديد ظاهرة النينيو لإنتاج الغذاء، والأضرار المتزايدة الناجمة عن تغيّر المناخ، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس". 

ارتفاع أسعار البصل في كينيا

ففي كينيا، أدت القيود المفروضة على تصدير الخضروات من قبل تنزانيا المجاورة إلى ارتفاع أسعار البصل ثلاثة أضعاف. وكذلك ارتفعت أسعار الضروريات الأخرى مثل زيت الطهي ودقيق الذرة.

وعلى الرغم من الأراضي الخصبة للدولة الواقعة في شرق إفريقيا وتوفر اليد العاملة، فإن التكلفة العالية لزراعة ونقل المنتجات في ظل أسوأ موجة جفاف منذ عقود أدت إلى انخفاض الإنتاج المحلي. ويفضل الناس البصل الأحمر القادم من تنزانيا لأنه أرخص ويدوم لفترة أطول. 

وبحلول عام 2014، كانت كينيا تحصل على نصف احتياجاتها من البصل من جارتها، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو".

لكن أسعار البصل التنزاني في سوق واكوليما الرئيسي للمواد الغذائية في نيروبي، بلغت أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات، وفقًا لما نقلته الوكالة عن أحد الباعة. 

وقد تكيف بعض التجار من خلال الحصول على المنتجات من إثيوبيا، فيما تحول آخرون إلى بيع الخضروات الأخرى. 

تأثير القيود التجارية

ونقلت الوكالة عن كبير باحثي المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية جوزيف غلوبر قوله: "إن الحدود التي فرضتها تنزانيا على البصل هذا العام هي جزء من عدوى القيود الغذائية التي تفرضها البلدان التي تعاني من نقص الإمدادات وزيادة الطلب على منتجاتها".

وعلى الصعيد العالمي، تفرض 19 دولة نحو 41 قيدًا على تصدير المواد الغذائية، تتراوح بين الحظر التام والضرائب، وفقًا للمعهد.

بلغت  أسعار البصل في كينيا أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات- غيتي.
بلغت أسعار البصل في كينيا أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات- غيتي.

وحظرت الهند شحنات بعض الأرز في وقت سابق من هذا العام، مما أدى إلى عجز يقارب خمس الصادرات العالمية. وردت ميانمار المجاورة، خامس أكبر مورد للأرز في العالم، بوقف بعض صادرات الحبوب.

كما قامت الهند بتقييد شحنات البصل بعد هطول الأمطار غير المنتظمة، بفعل تغير المناخ، مما أدى إلى إتلاف المحاصيل. وأدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار في بنغلاديش المجاورة، حيث تسعى السلطات جاهدة للعثور على مصادر جديدة للبصل. 

وفي أماكن أخرى، أثر الجفاف في إسبانيا على إنتاج زيت الزيتون. ومع تحول المشترين الأوروبيين إلى تركيا، ارتفعت أسعار زيت الزيتون فيها ما دفع السلطات التركية إلى تقييد الصادرات. 

كما توقف المغرب، الذي يعاني أيضًا من الجفاف قبيل الزلزال المدمر الذي ضربه مؤخرًا، عن تصدير البصل والبطاطس والطماطم في فبراير/ شباط الماضي.

دور تغير المناخ

وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها أسعار المواد الغذائية اضطرابًا. لقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والقمح إلى أكثر من الضعف بين عامي 2007 و2008، ولكن العالم كان يحتفظ بمخزون وافر من الغذاء يمكنه الاعتماد عليه. وكان قادرًا على تجديد ذلك المخزون في السنوات اللاحقة.

وقال جوزيف غلوبر كبير الاقتصاديين السابق في وزارة الزراعة الأميركية: "إن هذه الحماية تقلصت في العامين الماضيين، ويعني تغير المناخ أن الإمدادات الغذائية قد تنخفض بسرعة كبيرة عن الطلب ما يؤدي لارتفاع الأسعار".

ويعتقد غلوبز أن زيادة التقلبات هي الوضع الطبيعي الجديد. 

عوامل تحدّد أسعار المواد الغذائية

وبحسب "أسوشيتد برس"، يرى الخبراء أن أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم سوف تتحدد من خلال التفاعل بين ثلاثة عوامل: كيفية حدوث ظاهرة النينو ومدة استمرارها، وما إذا كان الطقس السيئ يلحق الضرر بالمحاصيل ويؤدي إلى فرض المزيد من القيود على الصادرات، ومستقبل الحرب الروسية في أوكرانيا.

أدّى اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى رفع أسعار الحبوب والقمح خصوصًا في الدول النامية- غيتي.
أدّى اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى رفع أسعار الحبوب والقمح خصوصًا في الدول النامية- غيتي.

فروسيا وأوكرانيا هما من الموردين العالميين الرئيسيين للقمح والشعير وزيت عباد الشمس وغيرها من المواد الغذائية، وخاصة للدول النامية حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية ويعاني الناس من الجوع.

ومثّل انسحاب روسيا في يوليو/ تموز الماضي من اتفاق الحبوب الذي يضمن عبور سفن الحبوب الأوكرانية بأمان عبر البحر الأسود ضربة للأمن الغذائي العالمي، ولم يترك إلى حد كبير سوى طرق باهظة الثمن ومثيرة للخلاف عبر أوروبا لصادرات الدولة التي مزقتها الحرب.

كما أضر الصراع  بالإنتاج الزراعي في أوكرانيا، حيث يقول المحللون إن المزارعين لا يزرعون الكميات السابقة من الذرة والقمح.

ظاهرة "النينيو"

أمّا ظاهرة "النينيو" فهي ظاهرة طبيعية تغير أنماط الطقس العالمية وقد تؤدي إلى طقس متطرف يتراوح من الجفاف إلى الفيضانات. ويعتقد العلماء أن تغير المناخ يجعل ظاهرة النينيو أقوى، لكن من المستحيل معرفة تأثيرها الدقيق على إنتاج الغذاء إلا بعد حدوثها.

وشهدت الهند شهر أغسطس/ آب الأكثر جفافًا منذ قرن، فيما تواجه تايلاند موجة جفاف أثارت مخاوف بشأن إمدادات السكر في العالم. وهما أكبر مصدري السكر بعد البرازيل.

كما بدد انخفاض هطول الأمطار في الهند آمال مصدري المواد الغذائية في أن يؤدي حصاد الأرز الجديد في أكتوبر/ تشرين الأول إلى إنهاء القيود التجارية وتحقيق استقرار الأسعار.

دول عربية تتصدر قائمة تضخم أسعار الغذاء

وتعد الدول التي تعتمد بشكل كبير على الواردات الغذائية الأكثر عرضة للخطر. فالفلبين، على سبيل المثال، تستورد 14% من غذائها، وفقًا للبنك الدولي، وقد تؤدي الأضرار التي لحقت بالمحاصيل بسبب العواصف إلى مزيد من النقص. 

وتتصدر مصر ولبنان سلم ترتيب الدول ذات أعلى معدل تضخم لأسعار الغذاء في العالم، فيما يسيطر التضخم المرتفع بمعدل 6% على الاقتصاد العالمي.

ويبلغ معدّل التضخم في مصر 32% ما يجعلها في صدارة القائمة. أما في لبنان فيبلغ معدل تضخم أسعار الأغذية 27%، ويحتل المرتبة الثانية عالميًا.

ويقول البنك الدولي: إن مؤشر تضخم أسعار الغذاء بأكثر من 5% مرتفع في 73% من الدول المرتفعة الدخل، وما نسبته 53% في الدول منخفض الدخل.

ويعود ارتفاع أسعار الغذاء في دول المنطقة إلى صعود الأسعار العالمية بالتوازي مع انخفاض أسعار صرف العملات الوطنية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close