يتصاعد الحديث عن اجتياح بريّ لقوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، بينما يستمر العدوان الذي أسفر حتى الساعة عن استشهاد ما يزيد عن 2300 فلسطيني.
ويذهب ضباط في جيش الاحتلال إلى القول إن غزو غزة سيكون الأكبر منذ الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان عام 2006، على ما تورد صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
هذه الأخيرة التي أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يعلن رسميًا حتى الآن نيته اجتياح قطاع غزة، قالت إنه أكد دخول فرق الاستطلاع وسط غزة لفترة وجيزة يوم الجمعة، وإن قواته تزيد من استعدادها لحرب برية.
لكنها نقلت أيضًا عن مصادرَ في الجيش الإسرائيلي أنه تم تأجيل العملية العسكرية البرية بضعة أيام بسبب سوء الأحوال الجوية، وهو ما قد يُقرأ على أنه إما تغطية على تردد إسرائيلي في الشروع بالهجوم، أو تمويه بغرض مباغتة المقاومين وأهالي غزة.
"إسرائيل مترددة ومعوقات أمام جيشها"
في هذا الصدد، يرى الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية واصف عريقات أن إسرائيل مترددة إزاء العملية البرية في قطاع غزة، متحدثًا عن تناقض كبير في التصريحات الإسرائيلية.
ويشير في مداخلة عبر "العربي" من رام الله، إلى ما يُقال من حيث أن العملية كادت أن تقع لولا الأحوال الجوية، ليلفت من وجهة نظر عسكرية إلى أن حالة الطقس الآن تعد الأحسن للعمليات البرية.
ويستطرد بالقول: يبدو أن هناك معوقات عند هذا الجيش، وأنه متردد في تنفيذ العملية البرية لأسباب معلومة، مع وجود أسئلة أمام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والجيش الإسرائيلي يدخل كل منها الرعب في قلب رئيس الحكومة الإسرائيلية إذا ما أقدم على العملية البرية.
ويقدّم مثالًا كون جيش الاحتلال لم يستطع "حماية الحدود" والثكنات العسكرية خلال عملية "طوفان الأقصى"، لافتًا إلى أن "قيادة فرقة غزة" وحدها والهزيمة التي لحقت بها تؤكد أن هذا الجيش يحتاج إلى سنوات للتعافي في معنوياته وردعه وقدرته على القتال.
ويرى أن "طوفان الأقصى" أثبتت أن الأجهزة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية فشلت فشلًا ذريعًا في قدرتها على جمع المعلومات والمتابعة وتقدير الموقف التعبوي، وبالتالي فهي لا تعرف شيئًا عن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ولا عن الأنفاق والسلاح والمفاجآت.
كما يتوقف عند التكلفة العالية التي سيدفعها نتنياهو في حال تنفيذ العملية البرية، مذكّرًا بتصريحات المسؤولين التي يسمعها الجندي الإسرائيلي حول الخسائر الكثيرة إذا ما تم الذهاب إلى الحرب البرية.
ويشير إلى الاشتباكات بين المقاومين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، مؤكدًا أن عنصر السيطرة والمبادرة ما زال موجودًا بيد المقاومين، ما يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي الدخول في عملية برية.
سيناريوهات محتملة لعملية برية في قطاع غزة
عريقات الذي يوضح أن جيش الاحتلال وضع سيناريوهات لعملية من الشمال والجنوب والوسط، يؤكد أن السيناريوهات كلها تحتاج إلى جندي قادر بمعنوياته أن يواجه المقاومة الفلسطينية على الأرض.
وفيما يشكك بوقوع الحرب البرية، يقول عريقات إنه كتب مقالًا تحدث فيه عن سيناريوهات محتملة.
السيناريو الأول هو حرب بلا أهداف وهي تجري اليوم، وتقوم على جس النبض وتنفيذ عمليات استطلاع بالقوة مع عدم امتلاك الاحتلال للمعلومات، وفق ما يقول.
أما السيناريو الثاني، فهو التقدم على محورين: شمال شرق جباليا وشمال شرق بيت حانون وبناء حزام أمني بمعنى وقف إطلاق الصواريخ على البلدات والمستعمرات في فلسطين المحتلة. ويرى عريقات أن الطلب من سكان شمال القطاع النزوح إلى جنوب وادي غزة يصب في هذا الاتجاه.
إلى ذلك، يقول الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية إن السيناريو الثالث يقوم على التقدم في الجنوب نحو محور صلاح الدين، بينما ينطلق الرابع من تقطيع أوصال من الشمال والشرق والغرب.
ويردف بأن السيناريو الخامس هو استهداف القيادة والاحتياط الاستراتيجي من أجل تنفيذ الهدف، الذي يتحدث عنه المسؤولون الإسرائيليون بأنهم "يريدون تدمير المقاومة الفلسطينية".
ويخلص إلى الإشارة إلى أن كل هذه السيناريوهات من الصعب على إسرائيل تنفيذها، لا سيما وأن الجندي الإسرائيلي غير جاهز نفسيًا ومعنويًا لمقاتلة المقاوم الفلسطيني في شوارع قطاع غزة وأزقته.
ففي حين يلفت إلى أن الاحتلال يعتمد حتى الآن على القتال عن بعد باستخدام الطائرات والمدفعية والقنابل المحرّمة دوليًا، يقول إذا ما حدثت عملية برية في قطاع غزة سيُجرد الجندي من كل ذلك، وسيعتمد على نفسه ويكون في مواجهة المقاوم "رجلا لرجل" وسلاحا لسلاح.
ويردف: "إذا كان 1200 مقاوم قد استطاعوا مواجهة 10 آلاف جندي إسرائيلي وهزمهم، وما زالوا يشتبكون في فلسطين المحتلة، كيف ستكون المنازلة داخل قطاع غزة؟".
ويختم بالتأكيد على أن "معركتنا مع إسرائيل ليست معركة موازين قوى عسكرية بقدر ما هي معركة إرادات وشجاعة وحق".