يحاول الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عدوانه على قطاع غزة أن يفرض تهجيرًا قسريًا واسعًا لسكان المنطقة الشمالية إلى جنوبي وادي غزة.
ويعرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون فيها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب والإبادة الجماعية.
ما هو التهجير القسري في المفهوم القانوني؟
تضمنت الاتفاقات والمواثيق الدولية تحديدًا شاملًا لهذا المصطلح ونطاق استعماله، وأبرزها:
- المادة 49 من اتفاقية جنيف: "يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أيًا كانت دواعيه".
- المادة 46: "النفي والنقل غير المشروعِ يعتبران انتهاكًا جسيماً للاتفاقية، إذ يتوجب على كل دولة طرف في الاتفاقية أن تضمن في قانون العقوبات الخاص بها ما يجرم الانتهاكات الجسيمة، وأن تحاكم وتعاقب كل من يرتكب هذا النوع من المخالفات للاتفاقية".
-
الفقرة دال، المادة السابعة، النظام الأساسي للمحكمة الإنسانية الدولية: "السكان المدنيون الذين تعرضوا لتهجير قسري إما أصبحوا نازحين داخل أوطانهم وإما صاروا لاجئين خارج بلدانهم الأصلية".
اتفاقيات دولية لمنع التهجير القسري
أمثلة كثيرة حدثت في مختلف بلدان العالم التي شهدت نزاعات وحروبًا، ما دفع بالأمم المتحدة لإبرام اتفاقيات دولية من شأنها أن تحمي حقوقهم المدنية، كالاتفاقية الخاصة باللاجئين التي صدرت عام 1951، وإقرار مبادئ توجيهية لكيفية التعامل مع النزوح الداخلي.
هذا إضافة إلى تقديم يد العون للسكان المدنيين من قبل منظمات أممية أنشئت لهذه الغاية أو منظمات إنسانية دولية، لعل أبرزها اللجنة الدولية للصليب الأحمر كونها المؤتمنة على القانون الإنساني الدولي.
ويمكن محاكمة المتسببين في التهجير القسري من خلال المحكمة الجنائية الدولية كونها هيئة قضائية مستقلة يخضع لاختصاصها الأشخاص المتهمون بارتكاب الأفعال التالية:
• جرائم الإبادة الجماعية • الجرائم ضد الإنسانية • جرائم الحرب • جريمة العدوان
حصار قطاع غزة
منذ عام 2006، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وصول المواد والخدمات إلى قطاع غزة فارضة حصارًا غير مسبوق في التاريخ الحديث.
وعلى لسان المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فإن فرض الحصار أمر مخالف للقانون الدولي الإنساني، وما لم تكن هناك ضرورة عسكرية تبرره، فإنه يصنف أحد مظاهر العقاب الجماعي والذي تجرمه اتفاقية جنيف للقانون الدولي.
جريمة الحصار تستتبع بجريمة أخرى وهي التجويع. واتهمت منظمة أوكسفام، في أحدث بياناتها، إسرائيل باستخدام التجويع سلاح حرب ضد المدنيين في غزة، مؤكدة ذلك بأن 2% فقط من المواد الغذائية اللازمة سمح بدخولها غزة.
ودفعت الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على غزة عام 2008 السلطة الفلسطينية آنذاك للتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، إذ طلبت حينها من المدعية العامة التحقيق في الجرائم المرتكبة في الماضي والحاضر، والتي سترتكب في المستقبل، في جميع أنحاء إقليم دولة فلسطين، والتهجير القسري إحداها.
ولكن هناك جرائم أخرى قام بها الاحتلال في القطاع:
• الاستيلاء على الممتلكات الخاصة والعامة وتدميرها. • التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم ونقل الإسرائيليين إلى الأراضي المحتلة. • قتل المدنيين والاعتداء عليهم. • تعذيب الفلسطينيين وإخضاعهم لمعاملة لا إنسانية، والاضطهاد، ونظام الأبارتهايد.
واليوم، وبعد أن تسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في نزوح نحو مليون فلسطيني خلال أسبوع واحد، يخاف الفلسطينيون من تكرار تجربة التهجير القسري خاصة بعد ما حدث لهم عقب النكبة والنكسة.