أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري عن توسيع عملياته العسكرية من أجل التوغل والسيطرة على معسكر جباليا.
وبعد أكثر من أسبوعٍ على ذلك الإعلان، أظهرت مقاطع فيديو وصور وثقها صحفيون في غزة حجم الدمار والمجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال هناك.
ثلاثة جرائم متصلة
وقامت وحدة التحقق عبر المصادر المفتوحة في التلفزيون "العربي" بتتبع الأدلة عن جرائم جيش الاحتلال في عدوانه على جباليا، وتوصلت إلى أن ثلاثة من الجرائم كانت متصلة، وارتُكبت في مساحة جغرافية ضئيلة في منطقة الفالوجا غرب المخيم.
كما كشفت المعلومات التي جمعها فريق "العربي" أن ما ارتكبه الاحتلال يقع في دائرة جرائم الحرب كما تصفها القوانين الدولية والانتهاكات.
فمن خلال ارتكاب المجازر، يوسّع الاحتلال عملياته العسكرية في قطاع غزة. وهذا ما حصل في مناطق مختلفة في القطاع، وهو ما يحصل اليوم أيضًا في معسكر جباليا حيث دمّر مدارس تابعة للأونروا وأعدم عددًا من المدنيين. فحتى المقابر هناك لم تسلم من بطشه وتخريبه.
دمار في مدرسة فلسطين
ومن خلال مقارنة المعالم الظاهرة في مقاطع الفيديو المنتشرة، حدّد فريق "العربي" إحداثيات المدرسة التي لحق بها الدمار، والتي اتضح أنّها مدرسة فلسطين التي تقع عند منطقة الفالوجا غرب جباليا، في شمال قطاع غزة.
كما أنّها إحدى مدارس الأونروا في جباليا، حيث يظهر جليًا شعار الأونروا فوق المبنى، إضافة إلى التصميم، والطلاء الأبيض والأزرق الذي يميّز جميع مدارس الأونروا.
أما المقطع الآخر المنتشر في الفيديو، فهو يقع عند هذه الإحداثيّات التي تعود إلى مقبرة الفالوجا الجماعية، والتي تبعد عن مدرسة فلسطين بنحو 240 مترًا، في حين أنّ الموقع الجغرافي للمقطع الثالث والذي وقعت فيه جريمة إعدام خمسة عشر نازحًا، هو مدرسة شادية أبو غزالة في منطقة الفالوجا غرب جباليا، والتي تقع عند هذه الإحداثيات، وتبعد عن مدرسة فلسطين بنحو 74 مترًا.
وبالتالي فإن جرائم الاحتلال الثلاث ارتُكِبت في مثلّثٍ يبلغ طوله 752 مترًا، وتبلغ مساحته 0.05 كيلومتر مربع فقط.
توثيق إعدام الاحتلال للمدنيين
وتم توثيق هذه المجازر بالصوت والصورة من خلال مشاهد نشرها بعض الصحافيين على مواقع التواصل الاجتماعي، كالصحافي عبد القادر صباح الذي وثّق مشاهد الدمار، وروى تفاصيل إعدام الاحتلال للمدنيين، حيث قال: "بالأمس، اقتحم الجيش هذا المكان وأخرج أهله عنوة ومن كان فيه من الرجال والنساء واقتاد عددًا منهم إلى أماكن غير معلومة".
كما كشف عن تحلّل جثث الضحايا كدليلٍ على بقائها لأكثر من يومٍ في مكانها، وهو الأمر الذي وثّقه المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أيضًا.
كذلك رصد تحقيق "العربي" تفاصيل تجريف الاحتلال لمقبرة الفالوجا، حيث تبيّن أنّ الجيش الإسرائيلي قام بتحويلها إلى طريق تصله بمدرسة فلسطين، ومدرسة شادية أبو غزالة التي تبعد ما يقارب 410 أمتار عن المقبرة.
كما وجد التحقيق أنّ اقتحام المقبرة وتجريفها ونبش قبورها بدأ منذ الخامس من ديسمبر، وذلك بحسب ما نشره الصحافي والباحث الفلسطينيّ أحمد مقداد عبر منصّة "إكس"، وما أكّدته أيضًا صور الأقمار الصناعية الملتقَطة في 11 ديسمبر/ كانون الأول، والتي أظهرت عمليات التجريف الواسعة لمقبرة الفالوجا منذ السادس من الشهر الحالي.
ومن خلال رصد مقاطع نشرها جيش الاحتلال في 10 ديسمبر الجاري، تمكّن فريق "العربي" من تأكيد أنّ جريمة انتهاك المقابر ليست الأولى لجيش الاحتلال، فبتحديد الموقع الجغرافي لهذه المشاهد اتضح أنّها تعود لمقبرة ابن مروان بحي الشجاعية التي شهدت معارك داميةً على مدار الأيام القليلة الماضية.
وبذلك يكون الاحتلال من جديد قد خرق الاتفاقيات الدولية الإنسانية التي تحظر تدمير الممتلكات الخاصة الثابتة أو المنقولة التي تتعلق بالأفراد أو الجماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة. كما تحظر هذه الاتفاقيات إصدار إعدام بحق شخص محميّ أو إصدار إعدام خارج نطاق القانون وبطريقة تعسّفية.
هذا وتنصّ القوانين الدولية على احترام المقابر ودفن الموتى طبقًا للشعائر، كما تنص على تأمين حماية المدافن وصيانتها بصورةٍ مستمرّة.