يكرّر جيش الاحتلال الإخفاق نفسه من خلال نشر مشاهد تدّعي استسلام مقاومين في حربه على قطاع غزة.
ووجد تحقيق لوحدة التحقّق من خلال المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي، أنّ هذه المقاطع تحتوي ثغرات عدة تُشير إلى أنّها ملفّقة.
الموقع الجغرافي
وبالتحقيق في الموقع الجغرافي لمقاطع الفيديو، ومن خلال رصد العلامات المميّزة للمبنى الظاهر، وجد فريق "العربي" تشابهًا بين المبنى وآخر ظهر في خلفية المؤتمر الصحفي الذي تحدّث فيه مدير مستشفى كمال عدوان في الرابع من الشهر الحالي، وطالب فيه بإنقاذ الأطفال في المستشفى.
وللتدقيق أكثر، رصد الفريق مقاطع تُظهر معالم المستشفى والتي تؤكد أنّ الصور التي التُقِطت تقع عند مجمع كمال عدوان الطبي الواقع في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.
سيناريو مكرّر
أما في تفاصيل هذه اللقطات، فكرّر الاحتلال نفس السيناريو من خلال تصوير أفراد عراة يحملون الأسلحة في مشهد غير منطقي لادّعاء الاستسلام.
وزعم جيش الاحتلال أنّ عدد المعتقلين وصل إلى 70 شخصًا، بينما ظهرت في المشاهد أدوات ومعدّات لم تتعدّ أربع بنادق من نوع كلاشينكوف، دون ظهور أي ذخائر معلقة عليها.
وهنا يبرز السؤال: "كيف يمكن أن يكون مخزون 70 مقاومًا من الأسلحة أربعة فقط؟".
أدوات منزلية
من خلال التحقّق من الأدوات المرتّبة على الأرض، تبيّن وجود أدوات منزليّة وأخرى شخصية، مع عدد من العصيّ السوداء والأصفاد، وكاميرات المراقبة التي حاول الاحتلال تصويرها كأدوات قتالية خطرة، رغم أنّ وجودها مبرر لعناصر أمن المستشفى.
أما الأحزمة السوداء المجمّعة في أيدي أحد المحتجزين، فهي أحزمة تُستخدم لتثبيت المُصاب على الناقلة في سيارة الإسعاف، أو تثبيت المريض على الكرسي المتحرّك.
وهذه المشاهد تنفي وجود أسلحة خطيرة أو أدوات حرب كما زعم الاحتلال، أو وجود دليل على أنّ هؤلاء الأشخاص هم من مقاومي حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
يضاف إلى ذلك، تزامن انتشار المشاهد مع إعلان وزارة الصحة الفلسطينية استهداف مستشفى كمال عدوان وحصاره في 11 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، وتعريض حياة المدنيين للخطر.
جريمة حرب
كما رصد فريقنا شهادة الصحفي عبد القادر صباح عن قيام قوات الاحتلال بهدم أسوار المستشفى، واقتياد عدد من النازحين إلى التحقيق، واعتقال 15 فردًا من عائلة واحدة فقط.
وبناء على كل ما ذُكر مسبقًا، يكشف تحقيق "العربي" أنّ جيش الاحتلال يُمعن من جديد في الاعتداء على المدنيين من خلال إجبارهم على تمثيل مشاهد تهدف لنشر بروباغندا إعلامية مضللة.
وتخرق هذه المشاهد القوانين الدولية التي تحظر الاعتداء على مناطق الاستشفاء، وتنصّ على عدم المساس بها.
ويحظر القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة لحقوق الإنسان الاعتداء على الكوادر الطبية والمساس بالكرامة الشخصية وارتكاب المعاملة المهينة بحق الأشخاص المحميين.
كما أنّ إجبار الاحتلال المدنيين والكوادر الطبية على تمثيل مقاطع فيديو هي "جريمة حرب"، وفق القاعدة 156 التي تُعرّف الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.
لكنّ الاحتلال لا يأبه للمحظور الإنساني وللاتفاقيات الدولية، ويوثّق اعتداءاته على المدنيين بصور ومشاهد ينشرها تحت راية الانتصارات الزائفة.