اجتياح رفح.. العربي يكشف حجم جرائم الاحتلال وحقيقة "العملية المحدودة"
يصف الاحتلال الإسرائيلي اجتياح رفح بـ"عملية عسكرية محدودة"، في تعابير كـ"ضربات دقيقة"، واستهداف "نقاط اشتباك"، يذكرها في إعلانه الأول عن الاجتياح في السادس من مايو/ أيار الجاري، ثم يكرر إعلامه الادعاءات نفسها مع محاولة توثيقها بأرقام حددت زيفًا إجلاء 100 ألف فلسطيني فقط من المدينة.
ويأتي تصريح أميركي ليرسم إطارًا للجريمة، ويخفف من حدتها دوليًا، فيقول البيت الأبيض إن العملية العسكرية على معبر رفح لا تتجاوز الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس الأميركي جو بايدن، وتزيد وزارة الخارجية الأميركية أن الاجتياح لا يعد عملية كبيرة أو غزوًا كبيرًا لمنطقة مدنية.
عملية اجتياح رفح
وعلى ضوء ذلك، تكشف وحدة التحقق من خلال المصادر المفتوحة في "التلفزيون العربي" حقيقة العدوان على مدينة رفح، ورصدت ما يؤكد أن العملية بدأت من خلال هجوم على معبر رفح وإغلاقه في وجه المساعدات الإنسانية في السادس من مايو الجاري.
وفي اليوم التالي، انتشرت مقاطع فيديو تظهر بعض تفاصيل الهجوم، من مقطع يوثق اقتحام الآلية العسكرية لساحات المعبر، والذي حددت وحدة التحقق، موقعه.
وفي اليوم الثامن من مايو استهدف الاحتلال برجين سكنيين وسط مدينة رفح، حيث كان سبب نزوح عدد كبير من المدنيين.
وفي اليوم نفسه أيضًا، تعمد الاحتلال استهداف برج سكني آخر، يقع في وسط مدينة رفح.
في 9 مايو، تم توثيق لحظة قصف الدبابة الإسرائيلية لمحطة غاز في رفح، وهي محطة أبو جراد للبترول.
وبالبحث في معالم أحد المقاطع المصورة، الذي يوثق استهداف أحد المساجد في المدينة، تبين أنه مسجد الأبرار.
كما دمرت طائرات الاحتلال مسجدًا آخر في المدينة، وهو مسجد ابن تيمية في حي البرازيل.
المقاطع التي رصدها "العربي" على مواقع التواصل الاجتماعي توثق أيضًا هجومًا إسرائيليًا آخر على مركز للمساعدات في رفح، كما قام جيش الاحتلال أيضًا باستهداف مطار ياسر عرفات في رفح.
إلى ذلك، هاجم جيش الاحتلال كالعادة الخطوط الحمراء باستهدافه أيضًا لخيم النازحين، وهي جريمة وثقها جندي إسرائيلي، والتي سمحت معالمها لـ"العربي" تحديد موقعها الجغرافي، التي دخلت كسابقاتها ضمن مساحة الإخلاء المذكورة.
هل توقفت حدود عملية الاحتلال عند منطقة الإخلاء؟
ما رصده "العربي"، يؤكد وقوع هجمات عدة لجيش الاحتلال خارج مساحة الإخلاء، فالقصف لم يستثن منطقة رفح، على الرغم من احتوائها على مليون ونصف مليون نازح فلسطيني. ففي 6 مايو قصفت طائرات الاحتلال منزل عائلة أبو هاشم في مدينة رفح، مما أسفر عن استشهاد عدد من سكان المنزل.
وحدد "العربي" موقع المنزل الذي لا يقع ضمن مناطق الإخلاء، ولم يكن هذا هو الاستهداف الوحيد، في اليوم نفسه جاء قصف ثان.
وتؤكد المعالم التي رصدها فريق التحقق وقوعه خارج منطقة الإخلاء، وكذلك كان الحال لاستهداف آخر لمبنى شرقي مدينة رفح في 8 مايو، واستهداف بلدية رفح التي تعد منشأة مدنية لا علاقة لها بأي نشاط عسكري.
بالبحث في معالم الاستهدافين، تبين أنهما يقعان أيضاً خارج حدود الإخلاء التي أعلن عنها الاحتلال.
في 11 مايو، جاء إعلان إسرائيلي جديد يرسم حدودًا مختلفة لمنطقة الإخلاء، فمخيما رفح والشابورة، وأحياء الإداري والجنينة وخربة العدس، كلها مناطق دخلت ضمن عملية الإخلاء، بعد أن كانت قد استهدفت بالفعل قبل الإعلان، ما يعني أن الاحتلال كان يضرب مناطق مأهولة ثم يأمر بإخلائها، في إستراتيجية كانت حاضرة منذ بداية العدوان على غزة، وتنفذ الآن في رفح.
ويفند تحقيق "العربي" أيضًا سردية العملية المحدودة بالأرقام وبتوثيق المساحة، فباحتساب مساحة منطقة الإخلاء الأولى تبين أنها تبلغ 31.84 كيلومتر مربع، أي أكثر من ثلث مساحة رفح، بينما بلغت مساحة الإخلاء الثانية 7.15 كيلومتر مربع، أي أن العملية العسكرية الإسرائيلية بلغت نحو 39 كيلومتر مربع، وهي أكثر من نصف مساحة رفح التي تبلغ 70 كيلومتر مربع. كما أن عملية الإجلاء بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" شملت حوالي 630 ألف شخص.
هذا الرقم هو ثلاثة أضعاف ما أعلن عنه الاحتلال، ما يؤكد نشره جزءًا يسيرًا من الحقيقة، واستعانته بالتضليل لإخفاء بشاعة الصورة كاملة.
بالكشف عن حقيقة ما يجري في رفح، يثبت فريق "العربي" من جديد ارتكاب الاحتلال لعدد من الجرائم ضد الإنسانية، وخروقات عدة للقانون الدولي الإنساني، إذ تحظر المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لحقوق الإنسان، على دولة الاحتلال تدمير أي ممتلكات خاصة، ثابتة أو منقولة تتعلق بالأفراد أو الجماعات، كما أن سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال من خلال إغلاق معابر المساعدات الإنسانية مدانة في العديد من الاتفاقيات الإنسانية والمعاهد الدولية.