المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى.. حديث عن "تنازلات كبرى" إسرائيلية
اعتبرت إسرائيل أن الاجتماع الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس أمس الجمعة، يمثل فرصة لتل أبيب للمضي قدمًا في استئناف مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وفقًا لمراسلة "العربي" كريستين ريناوي.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أفادت بأن رئيس وكالة الاستخبارات "الموساد" دافيد برنياع سيجتمع في باريس، الجمعة، مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه" ويليام بيرنز، ورئيس الوزراء وزير خارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني لـ"بحث استئناف مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى" بين حركة حماس وتل أبيب.
ولم يصدر عن قطر إعلان رسمي بالخصوص، لكن متحدث وزارة خارجيتها ماجد الأنصاري كشف، الأربعاء، أن جهود وساطة بلاده المشتركة مع مصر والولايات المتحدة "مستمرة"، مؤكدًا أن "الدول الثلاث تعمل بتنسيق تام من أجل التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين".
وأضافت هيئة البث أن بيرنز وبرنياع ورئيس الوزراء القطري سيعملون خلال اجتماعهم في باريس على "صياغة الخطوط العريضة للمحادثات بين إسرائيل وحماس للترويج لاتفاق متجدد لصفقة تبادل أسرى"، دون توضيح ما إذا كان الأمر يتعلق بتعديلات على الاتفاق السابق الذي رفضته إسرائيل أم أن الحديث يدور عن اتفاق جديد تمامًا.
حديث عن "تنازلات" إسرائيلية
وأفادت مراسلتنا من القدس، أنه وفق القناة 13 الإسرائيلية نقلًا عن مصدر ومسؤول أمني كبير أن هناك تشاؤمًا كبيرًا، لكن إسرائيل تمضي في هذا المسار.
ولفتت إلى أن الحديث في إسرائيل على مدى الساعات الماضية يتحدث أنه قُدم لتل أبيب في الشهرين الماضيين تحديدًا، مقترحات أفضل من تلك الموجودة على الطاولة اليوم، وأن إسرائيل فوتت فرصًا أفضل، لكنها ترى الآن بأن الاتفاق أصبح ضرورة.
وذكرت أن هيئة البث الإسرائيلية نقلت أمس الجمعة، بأن هناك إجماعًا بين قادة الأمن في إسرائيل (الجيش والموساد والشاباك)، إضافة إلى وزير الأمن يوآف غالانت والوزيرين في مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، بأن الاتفاق هو ضروري في هذه المرحلة، وليس فقط من الناحية الأخلاقية والوطنية كما أسموها، وإنما حتى من الناحية العسكرية، وأن إسرائيل بحاجة لهذا الاتفاق، وهي قادرة على تجديد النيران في حال لو احتاجت إلى ذلك.
وأوضحت مراسلة "العربي" أن هذه الأمر يعتبر إشارة مهمة بأن إسرائيل هي أيضًا راغبة في الحصول على هذا الاتفاق، ويبدو بحسب هيئة البث بأنها مستعدة للتنازل عن أمور كانت متعنتة فيها.
وذكرت أن إسرائيل في المرحلة الأولى من الصفقة كانت غير مستعدة للتنازل عن الإفراج عن 33 من الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين الأحياء، لكن يبدو الآن أنها تبدي مرونة معينة، لكن خبر هيئة البث يتحدث بأنها لا زالت تتمسك بمواقف معينة.
ولفتت إلى أنه نتنياهو لا زال وفق الإعلام الإسرائيلي، يرفض أن تتضمن اتصالات الصفقة التزامًا إسرائيليًا بوقف الحرب، لكن الفريق المفاوض الإسرائيلي أخذ تفويضًا معينًا لم يأخذ كل ما طالب به، لكنه أخذ صلاحيات معينة من أجل بلورة مقترح إسرائيلي وتقديمه للوسطاء.
جهود صفقة التبادل
وتعرقلت جهود التوصل إلى الصفقة الأخيرة بشأن غزة بعد رفض إسرائيل لها بدعوى أنها "لا تلبي شروطها"، وبدئها عملية عسكرية على مدينة رفح في 6 مايو/ أيار، ثم السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في اليوم التالي.
كذلك، شككت تل أبيب مؤخرًا في "حيادية" الوسيطين المصري والقطري بهذه المحادثات، وهو ما دعت قطر إلى "عدم الالتفات إليه"، فيما حذرت مصر من أن التشكيك في وساطتها "قد يدفعها للانسحاب" منها.
وتأتي تحركات تل أبيب الحالية نحو عقد صفقة مع حماس في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل وقادتها العسكريين والسياسيين، بما شمل الجمعة قرارًا من محكمة العدل الدولية يأمرها بوقف هجومها على رفح، والسماح بإيصال المساعدات عبر معبرها.
إضافة إلى إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الإثنين، أنه طلب من المحكمة إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن بحكومته يوآف غالانت بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" في غزة.
كما تأتي في ظل تصاعد الضغوط الداخلية على نتنياهو من أهالي الأسرى والمعارضة، والذين يتهمونه بـ"عرقلة إتمام صفقة التبادل عمدًا انطلاقًا من مصالحه السياسية".
والأربعاء، أقر رئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل تساحي هنغبي، خلال اجتماع للجنة الأمن والخارجية بالكنيست (البرلمان)، بالإخفاق في تحقيق أي من أهداف الحرب، إذ قال: "لم نحقق أيًا من الأهداف الإستراتيجية للحرب، حيث لم نتوصل إلى صفقة لإعادة المختطفين (الأسرى بغزة) ولم نُسقط حماس، ولم نسمح لسكان غلاف غزة (المستوطنين) بالعودة إلى منازلهم بأمان".