تحظى مناظرات المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة بمشاهدات مليونية، لا يسبقها إلا نهائيات دوري كرة القدم الأميركية.
وشاهد آخر مناظرة بين مرشحين للرئاسة في عام 2020، وكانت بين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترمب، أكثر من 73 مليون شخص وفقًا لمؤسسة نيلسن للأبحاث الإعلامية.
والآن، وبعد أربع سنوات عاد الرجلان للمناظرة من جديد بقواعد صارمة، تجنبًا للفوضى التي عمت المناظرة السابقة.
فلجنة المناظرات الرئاسية المكونة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي أقرّت مجموعة من القواعد؛ أبرزها عدم حضور جمهور للمرة الأولى منذ عام 1988، وإغلاق ميكروفون أحد المرشحين حينما يتحدث الآخر، وعدم استشارة أي من المرشحين لفريقه أثناء الفواصل التجارية.
وبدأت المناظرة بين بايدن وترمب في أجواء متوترة، دون أن يتصافح المرشحان، وهي أول مناظرة تجري بين رئيس سابق مدان جنائيًا ورئيس حالي ابنه مدان جنائيًا أيضًا.
وسيطرت قضايا مثل الإجهاض، وطريقة إدارة الاقتصاد وحدود البلاد، والحرب في أوكرانيا وغزة على المناظرة.
وقد شاب الجو العام للمناظرة تبادل اتهامات، ووصف كل واحد للآخر بالأحمق والكاذب. وبدا خلال المناظرة الرئيس جو بايدن مترددًا في بعض الأحيان، وتعثر في الحديث أكثر من مرة، في حين كان دونالد ترمب أكثر هجومًا.
اتفاق ضد غزة
وكان السؤال الأول في مناظرة بايدن وترمب عن الاقتصاد. ودافع الرئيس الأميركي الحالي بايدن عن إدارته بقوله إنها تسلمت "اقتصادًا كان على وشك الانهيار" من إدارة ترمب، مشيرًا إلى ارتفاع البطالة حينها.
كما تحدث عن تمكن إدارته من إعادة الأمور إلى نصابها. في حين رد الرئيس السابق بأن إدارته سلّمت إدارة بايدن "أعظم اقتصاد في التاريخ الأميركي رغم جائحة كورونا"، مؤكدًا أن التوسع في الإنفاق كان ضروريًا لتلافي الكساد.
وفي السياسة الخارجية، انتقد ترمب سياسات بايدن تجاه حرب أوكرانيا، وأكد أن "شروط بوتين غير مقبولة، ولكن الحرب كان يجب ألا تبدأ". وألقى ترمب اللوم على بايدن في تشجيع بوتين على عملية عسكرية في أوكرانيا، نتيجة الانسحاب من أفغانستان، بينما دافع بايدن عن دعمه أوكرانيا بالسلاح وليس بالأموال.
أما فيما يتعلق بالحرب على غزة، فسعى بايدن لترويج خطة وقف إطلاق النار، وشدد على أنه لا يوجد في العالم من يساند إسرائيل أكثر من الولايات المتحدة.
وقال "أنقذنا إسرائيل". وكرر ترمب زعمه أن "حماس لم يكن لها أن تهاجم إسرائيل ولا حتى بعد مليون عام" لو كان رئيسًا. وقال عن بايدن: "أصبح وكأنه فلسطيني"، وفق تعبيره.
"أداء سيئ بشكل مطلق"
ووفقًا لاستطلاع أجرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، بلغت نسبة المراقبين الذين أشاروا إلى أن أداء ترمب كان أفضل نحو 67%، مقابل 33% قالوا إن أداء بايدن كان أفضل.
وقد احتلت هذه المناظرة حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي عالميًا، حيث قال الإعلامي كارل فاسي إن المفاجأة الكبرى في المناظرة الرئاسية الأميركية لم تكن الأداء السيئ لبايدن، بل في أن يفاجأ أحد بأدائه الضعيف.
وتابع: "الرجل بدا على هذا النحو منذ شهور، وأكدت المناظرة ما كان واضحًا منذ فترة طويلة".
أمّا المختص في الشؤون الرقمية حسين نديم، فلخص ما حدث في المناظرة بقوله: "هذه المناظرة محرجة. أحدهما لا يستطيع التحدث بالحقيقة، والآخر لا يستطيع التحدث على الإطلاق".
أمّا المختصة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث أسال راد، فعلقت بدورها على الجزء المختص بالحرب على غزة من المناظرة. وقالت: "تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم عندما يقتل ما يقرب من أربعين ألف شخص، ويفقد عشرون ألف طفل، ويشرد ويتضور جوعًا قطاع غزة بأكمله، في حين لا يوجد نقاش سياسي فعلي عن كيفية إنهاء ذلك".
كما أشارت إلى استخدام ترمب كلمة "فلسطيني" على ذلك النحو، وعدم قيام بايدن بتصحيح ذلك".
إلى ذلك، لفت المختص في الجغرافيا السياسية، مارك روس إلى أنه كان يهتم بالسياسة الوطنية الأميركية منذ الثمانينيات، ويعمل في السياسة الوطنية الأميركية منذ التسعينيات، ولم ير في حياته أداء أكثر سلبية من أداء المرشحين في هذه المناظرة على الإطلاق.