شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، ليلة أمس السبت، احتفالات غير مسبوقة في الوسط الرياضي، حيث قامت جماهير نادي النجمة بمسيرات ضخمة، وشهدت إشعال مفرقعات على طول الخط الساحلي لكورنيش بيروت البحري الشهير.
وجال لاعبو النادي في حافلة مكشوفة وسط الحشود التي استقبلتهم.
النجمة، صاحب الشعبية الأكبر في لبنان، أحرز بطولة الدوري الأحد الماضي، بعد أن تغلب على غريمه التقليدي الأنصار، الذي كان بحاجة لنقطة واحدة للفوز باللقب الـ15 له.
لكن لاعب المنتخب وقائد الفريق النبيذي كسر التعادل في الوقت بدل الضائع، وسجل هدف الفوز للنجمة، مانحًا إياهم اللقب التاسع في تاريخهم.
عاصمة باللون النبيذي
وغاب النادي الأعرق والأقدم عن بطولة الدوري لمدة عشر سنوات، الأمر الذي زاد من فرحة جماهيره بالفوز بعد عقد من الانتظار، ودفعهم للاحتفال بشكل غير تقليدي في البلاد.
واحتشد الآلاف على كورنيش بيروت البحري، وسط أهازيج وأغاني للفريق، حيث قام البعض بإطلاق مئات الشماريخ التي أضاءت ليل العاصمة باللون النبيذي.
ولم يسبق للعاصمة بيروت أن شهدت احتفالاً بهذا الحجم بسبب فوز نادي كرة القدم بلقب الدوري، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تعاني منها البلاد منذ خريف عام 2019، والتي أدت لانهيار العملة المحلية، ووضعت غالبية الشعب اللبناني تحت خط الفقر.
ويأتي احتفال النادي النبيذي باللقب، في ظل غياب جماهيره عن المباراة الأخيرة، بطلب من الاتحاد المحلي للكرة بسبب الأوضاع الراهنة الأمنية، وتخوف من أعمال شغب، نظرًا لحساسية المباراة الأخيرة بالدوري، والتي دخلها الأنصار متقدمًا بفارق نقطتين عن النجمة الذي تمكن من قلب الطاولة على غريمه التاريخي.
"صرح رياضي عريق"
وقال رئيس نادي النجمة، مازن الزعني، لموقع التلفزيون العربي: "إن الاحتفال الجماهيري الذي شهدته العاصمة بمناسبة فوز النجمة باللقب، يعكس الدعم الشعبي للرياضة المحلية، من خلال انتمائهم لهذا النادي العريق، ويعبرون به عن مدى رمزيته كأحد أعمدة وصروح لبنان الجماهيرية".
وأضاف الزعني في حديثه: "جمهور نادي النجمة وإدارته مصرون على إعادة الحياة للرياضة اللبنانية في ظل هذا الوضع الاقتصادي والمعيشي، كدور أساسي للنادي في نهضة البلد والرياضة بشكل عام، على الرغم من اعتداءات العدو الإسرائيلي على الجنوب ولبنان. وذلك لأن النجمة مدين للناس وجماهيره الكبيرة في تلك القرى، سواء كانوا من المشجعين أو اللاعبين الذين ينتمون للنادي".
ويتعرض الجنوب اللبناني منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول لاعتداءات إسرائيلية، وسط تبادل للقصف بين جيش الاحتلال وحزب الله المدعوم من فصائل فلسطينية ولبنانية، الأمر الذي أسفر عن دمار هائل في القرى المواجهة للشريط الحدودي، وكذلك أسفر عن مئات الشهداء من الجانب اللبناني، بين مدنيين ومقاتلين في الحزب وفصائل المقاومة.
"دوري أبطال، لا دوري لبناني"
و"القلعة النبيذية" هو الفريق اللبناني الذي استطاع أن يصل إلى المركز الثاني في بطولة الأندية العربية عام 1983، كذلك في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي عام 2005، والمركز الثالث في بطولة الأندية العربية عام 1985، كذلك المركز نفسه في كأس الكؤوس العربية التي استضافها عام 1998.
ولعب في صفوف النجمة الأسطورة العالمية البرازيلي بيليه في مباراة أمام فريق جامعات فرنسا عام 1975 أمام 50 ألف متفرج، والتي انتهت لصالح الفريق اللبناني (2-1)، كذلك لعب لصالحه النجم البرازيلي السابق بيبيتو بطل العالم عام 1994 في مواجهة ودية أمام نادي فلامينغو البرازيلي عام 2003، انتهت بثلاثية نظيفة لصالح الفريق الضيف في بيروت.
ومر على النادي اللبناني أسماء كروية عربية كبيرة، كالمدرب المصري الشهير عصام بهيج، والمدرب الجزائري التاريخي رشيد مخلوفي، كذلك عبد العزيز عبد الشافي "زيزو"، ولاعبون عرب كبار كالمصريين طارق يحيى، وأشرف قاسم، وحمادة عبد اللطيف، والسوريين الدوليين ماهر بيرقدار والمهاجم عساف خليفة، والعراقيين علي كاظم ومحمود مجيد.
وتفاعل عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان مع تلك الاحتفالات الضخمة لجمهور النجمة.
وعلق الخبير التحكيمي اللبناني رضوان غندور على فيسبوك قائلاً: "شاهدت احتفالات للأهلي المصري، والترجي التونسي، ومولودية الجزائر وغيرها من الأندية التي تملك قاعدة شعبية كبيرة، لكن احتفال النجمة تاريخي بكل معنى الكلمة".
وختم قائلاً: "هذا احتفال نادٍ فاز بدوري أبطال أوروبا، ليس بدوري لبناني".