وجّه 120 شابًا من أصل فلسطيني يقيمون بدول الشتات في مختلف أنحاء العالم سلامًا "لكل العيون الحزينة" في غزة، من خلال مقطوعات وأغنيات أدتها أوركسترا جمعتهم خلال حفلة في عمّان.
وأحيّت حفلة "غزة التضحية والبطولة" على مسرح أكاديمية عمّان فرقة "أوركسترا فلسطين للشباب" التي أسسها عام 2004 معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، وتتألف من فلسطينيين تتراوح أعمارهم بين 14 و26 عامًا يعيش معظمهم في دول الأميركتين وفي أوروبا وأستراليا، وكذلك في الأردن وسوريا ومصر ولبنان.
وبعض هؤلاء الشباب البالغ عددهم الإجمالي مئة وعشرين لا يجيد العربية لأنهم يمثلون الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، إذ ترك أجدادهم فلسطين عامي 1948 و1967.
وتولت عازفة الكمان الفلسطينية لامار إلياس (24 عامًا) التي تقيم في مدينة تولوز الفرنسية قيادة الأوركسترا التي عزفت مقطوعات لتشايكوفسكي وسيبيلوس وسامويل باربر ومختارات غنائية من شعر محمود درويش وتأليف مارسيل خليفة.
"صمود ومقاومة"
وأرتدى الموسيقيون ملابس سوداء ووضعوا فوق أكتافهم الكوفية الفلسطينية باللونين الأسود والأبيض، فيما وقف الجمهور وصفّق طويلاً لأغنيتَي "سلام لغزة" للشاعر فؤاد سروجي و"مريم غزة" للشاعر إبراهيم نصر الله.
وتقول كلمات أغنية "سلام لغزة": "سلام لكل العيون الحزينة تفيض دموعها بأسًا وعزّة، سلام لشعب أبيّ عنيد يشيع في كل يوم شهيدًا".
أما كلمات أغنية "مريم غزة" ففيها: "إلهي خذ كل شيء ودعنا قريبين من بحرنا ههنا، إلهي خذ كل شيء ودعنا قريبين من مقابر أحبابنا ههنا (...) إلهي كن سورنا، لن نفر إذا هبط الليل من موتنا".
وأوضحت قائدة الأوركسترا لامار إلياس لوكالة فرانس برس أن "كل المقطوعات الموسيقية التي اختيرت لهذا العرض تتناول الصمود والمقاومة، حتى المعزوفات والمقطوعات الكلاسيكية الغربية".
وأضافت الشابة المتحدرة من بيت لحم والمقيمة في فرنسا: "لقد بحثنا عن معزوفات تدعو لإنهاء الاحتلال وتقف ضد الظالم والسجّان والقاتل".
وإذ ذكّرت بأن "الموسيقى تحرّك الشعوب والثورات"، أبرزت أنها بالنسبة إلى الفلسطينيين "إحدى طرق المقاومة". وشرحت أن "الموسيقى نوع من أنواع الثقافة والاحتلال يحاول بأي طريقة أن يمحو الثقافة الفلسطينية ونحن نريد أن نجعل الثقافة والهوية الفلسطينية حيّة".
وقالت لامار التي حصلت على الدبلوم العالي في الموسيقى في مدينة تولوز الفرنسية: "جميعنا موجوعون مما يجري، ولا يمكننا أن نعيش حياة طبيعية، فما يجري في فلسطين وفي غزة تحديدًا يجب أن يؤثر على كل إنسان، فهناك مجزرة وتطهير عرقي لشعب كامل".
"إيقاف المجزرة"
وقال المدير العام لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى ومؤسس الفرقة سهيل خوري لوكالة "فرانس برس": "نحن لا نستطيع أن نبقى ساكتين".
وأضاف: "العالم كله ساكت (عما يجري في غزة) ويجب أن نتحرك، هناك أناس تتحرك في الجامعات وأناس تتحرك بالموسيقى، يجب علينا أن نصل إلى الهدف نفسه وهو إيقاف المجزرة ووقف الحرب وإعادة الناس، والموسيقى مهمة وهي تعبر عن حالهم".
وضمت الفرقة عضوًا واحدًا من قطاع غزة، هو عازف الترمبت رسلان عاشور (23 عامًا) الذي يدرس الطب في مصر.
وقال عاشور الذي قصف منزله في تل الهوى بغزة لـ"فرانس برس": "أنا أشعر بأنه لم يعد لي مكان أعود إليه، فأنا بلا منزل وبلا وطن. فقدنا كل شيء. أشعر بفراغ كبير".
وأضاف: "العزف مع هذه الفرقة يقلل من معاناتي ويتيح لي من خلال هذه الآلة الموسيقية الصغيرة التي أحملها التعبير عمّا في داخلي من مشاعر الغضب والألم والحزن".
وكانت "أوركسترا فلسطين للشباب" التي سبق أن أحيت حفلات في فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليونان وتركيا وسوريا والبحرين ولبنان، كانت منذ تأسيسها قبل 20 عامًا "صوتًا لما يجري في فلسطين"، كما تعبّر اليوم عما يحصل في غزة.
وتحلم لامار بأن تعزف فرقتها هذه ذات يوم في القدس، لكنها توقعت ألاّ يقبل الاحتلال "بأي طريقة" بأن يسمح بذلك "لأوركسترا فلسطينية تحمل الهوية الثقافية الفلسطينية".