احتج يمينيون متطرفون إسرائيليون اليوم الإثنين على عملية "توقيف" تسعة جنود بسبب إساءة معاملة معتقل من غزة في معتقل سدي تيمان سيئ السمعة، الذي أنشئ لاحتجاز الفلسطينيين الذين يعتقلهم جيش الاحتلال من غزة.
وأفاد مراسل التلفزيون العربي من القدس المحتلة، أحمد دراوشة، بأن المتظاهرين الإسرائيليين تمكنوا من اقتحام سجن قاعدة بيت ليد العسكرية، حيث يجري التحقيق مع الجنود بالقرب من نتانيا.
"مسرحية هزلية"
كما احتج إسرائيليون على توقيف الجنود أمام معسكر سدي تيمان، بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيق "للاشتباه في إساءة معاملة" معتقل فلسطيني في هذا المعتقل في النقب.
من جهته، أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، أن على المجتمع الدولي التدخل العاجل لوقف الجرائم المستمرة وغير المسبوقة بحق الأسرى والأسيرات منذ نحو عشرة أشهر.
ودعا فارس في تصريح صحفي إلى تشكيل لجنة تحقيق أممية عاجلة ومنحها تفويضا شاملا وملزما للتوقف عند الجرائم الفظيعة التي يتعرض لها الأسرى بشكل عام، ومعسكر "سدي تيمان" بشكل خاص.
وقال: إنّ "المسرحية الهزلية التي خرجت بها الشرطة العسكرية للاحتلال، وقيامها باعتقال عدد من الجنود، ما هي إلا مسرحية هدفها تضليل الرأي العام العالمي".
وأضاف أن "التحقيق في قضية اغتصاب واحدة، وتجاهل آلاف الجرائم الأخرى، إنما تهدف إلى تكوين انطباعات مضللة لدى العالم، بأن إسرائيل (دولة) قانون".
انتهاكات داخل معتقل سدي تيمان
ويتفاعل ملف معتقل سدي تيمان في الداخل الإسرائيلي، فالصندوق الأسود للمعتقل قد طفى إلى السطح، كاشفًا ما يجري داخله من انتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم حرب، وما يترتب على إسرائيل من مخاطر في حال رفع ذوي الأسرى دعاوى عليها في المحاكم الدولية.
ومعتقل سدي تيمان غير الرسمي، الذي أفيد بتعرض المعتقلين الفلسطينيين لانتهاكات داخله، هو قاعدة عسكرية إسرائيلية تقع على بعد خمسة كيلومترات شمال غربي بئر السبع.
وداخل معتقل سدي تيمان، يقبع أكثر من 40 أسيرًا فلسطينيا، وفق صحيفة هآرتس الإسرائيلية، بعد أن كان عدد الأسرى فيه يتجاوز المئات.
لكن الرقم الدقيق للمعتقلين ليس معروفًا، بحيث ترفض السلطات الإسرائيلية الكشف عن عدد المعتقلين لديها من أسرى قطاع غزة.
إلا أن انخفاض الرقم إلى نحو 40 معتقلًا، سببه نقل إسرائيل للأسرى إلى سجون أخرى، بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بتفريغ المعتقل وعدم اعتباره معتقلًا دائمًا للسجناء الفلسطينيين، أي تحويله إلى معتقل لتصنيف وتقسيم الأسرى على السجون الأخرى.
والسبب في تفريغ المعتقل هو الشهادات الصادرة عن المعتقلين في سدي تيمان، وقد كان التلفزيون العربي قد حصل على إفادات بتعرض المعتقلين لاعتداءات جنسية وتعذيب شديد وبتر للأطراف.
وسبق أن أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، بقتل السجانين عددًا من الأسرى داخل معتقل سدي تيمان، نتيجة التعذيب والضرب الشديدين.
"تخوف إسرائيلي"
وضمن هذا السياق، قالت الناشطة الحقوقية عبير بكر، إن "قضية نقل معتقلين سدي تيمان إلى منشآت أخرى لا يعني أن التعذيب والتنكيل بحق المعتقلين الفلسطينيين سوف يتوقف".
وأضافت بكر في حديث للتلفزيون العربي من عكا، أن ما "خرج عن سدي تيمان من شهادات أعطى مصداقية أكبر عن تعذيب المعتقلين الفلسطينيين".
ولفتت إلى أن "ما يقلق إسرائيل الآن هي قضية الإخطارات التي صدرت عن نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت حول مذكرات الاعتقال بحقهم، ولذلك إسرائيل تحاول أن تمنع المصادقة على أوامر الاعتقال، فهي بالتالي تقول زاعمة إنها تقوم بعمليات تحقيق عبر جهاز مستقل وغير منحاز".
وقالت: "في سدي تيمان كان هناك عشرات الأسرى ممن قتلوا داخل السجن، ولذلك لم يفتح تحقيق لمعرفة ظروف هؤلاء".
واستدركت بكر بالقول: "ما يجري الآن في إسرائيل هو محاولة لإقناع محكمة الجنايات بأن هناك جهازا قضائيا نافذا وفعالا لكن هذا غير مقنع".
وألمحت بكر، إلى أن "من سيدان بقضايا جرائم الحرب ليس فقط السجان في سدي تيمان بل كذلك الشركاء في هذه الجريمة من المسؤولين عن إنفاذ القانون في إسرائيل ممن اختاروا أن يتجاهلوا وألا يفتحوا التحقيقات في الوقت المناسب".
وذهبت بكر للقول: "إن فتح تحقيق حول ما جرى في سدي تيمان يشير إلى وجود تخوف من حرب أهلية حقيقية حول ما يحدث في الجيش الإسرائيلي، والتي تأتي في سياق الخلافات بين أركان الحكومة الإسرائيلية وخاصة أن الجيش هناك مبني على الأوامر والهرمية".