يزور المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، اليوم الجمعة، موقعين نوويين رئيسيين في إيران، في وقت تؤكد فيه طهران أنها تريد إزالة "أي شكوك أو غموض" بشأن برنامجها النووي.
ووصل غروسي يوم الأربعاء، إلى إيران لإجراء مباحثات مفصلية، غداة تحذيره من أن "هوامش المناورة بدأت تتقلص" بشأن برنامج طهران النووي.
وأفاد مراسل التلفزيون العربي في طهران، حسام دياب، في وقت سابق، بأن إيران كانت تنتظر الزيارة لا سيما وأنها تأتي في أعقاب فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، فطهران يعنيها إيصال رسائل لواشنطن في هذا الوقت.
وتعتبر المحادثات في طهران مع مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة، إحدى الفرص الأخيرة للدبلوماسية قبل عودة دونالد ترمب في يناير/ كانون الثاني المقبل إلى البيت الأبيض.
مسار معقد
وتأتي الزيارة في وقت ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن رجل الأعمال إيلون ماسك أحد داعمي الرئيس الأميركي المنتخب، التقى الإثنين سفير إيران لدى الأمم المتحدة "لتهدئة التوتر" بين طهران وواشنطن.
وأبرم الاتفاق النووي بين طهران وست قوى كبرى عام 2015 في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأتاح رفع عقوبات عن إيران مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلميتها.
الا أن ترمب أعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة بعد انسحابه من الاتفاق في 2018، معتمدًا خلال ولايته الأولى بين العامين 2017 و2021 سياسة "ضغوط قصوى" حيال إيران.
وبعد ذلك، ردّت طهران ببدء التراجع تدريجيًا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو وتوسّع برنامجها النووي بشكل كبير، ما دفع بايدن للإبقاء على العقوبات.
ومن أبرز تلك الخطوات التي اتخذتها إيران هي رفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 3,67%، وهو السقف الذي حدّده الاتفاق النووي، إلى 60%، وهو مستوى قريب من 90% المطلوب لتطوير سلاح ذري، رغم أنها تنفي أن يكون لديها طموحات كهذه على الصعيد العسكري وتدافع عن حقها بامتلاك برنامج نووي لأغراض مدنية ولا سيما في مجال الطاقة.
"تهدئة الأجواء"
ويراقب موقع فوردو في وسط إيران عن كثب، منذ بدأت طهران إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60% فيه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، فضلاً عن موقع نطنز في وسط البلاد أيضًا، حيث سيزور غروسي الموقعين الواقعين على بعد مئات الكيلومترات عن طهران.
وتأتي زيارة غروسي قبل مشروع قرار حساس قد تطرحه لندن وبرلين وباريس على مجلس حكام الوكالة التابعة للأمم المتحدة خلال الشهر الحالي.
وتفيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة السلاح النووي، التي تخصب اليورانيوم بمستوى يصل إلى 60% مع الاستمرار في تعزيز مخزوناتها من اليورانيوم.
وتثير آثار يورانيوم غير معروفة المصدر عثر عليها في موقعين غير مصرح عنهما قرب طهران هما تورقوز آباد وورامين، شكوكًا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي للتلفزيون العام الخميس: "نحاول تهدئة الأجواء بعض الشيء"، فيما قال غروسي خلال مؤتمر صحافي مع إسلامي: "من الضروري التوصل إلى نتائج ملموسة واضحة تظهر أن هذا العمل المشترك يحسن الوضع، ويبعدنا عن الصراعات، وفي نهاية المطاف، عن الحرب".
"النوايا الحسنة"
كما أكد غروسي أن على المنشآت النووية الإيرانية "ألا تتعرّض للهجوم"، وذلك بعد التهديدات الإسرائيلية في هذا الصدد.
بدوره، حذر إسلامي من أن إيران ستتخذ "تدابير فورية" ضد أي قرار يصدر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتعارض مع برنامجها النووي.
من جانبه، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال لقائه غروسي "كما أثبتنا مرارًا حسن نياتنا، نحن مستعدون للتعاون والتقارب مع هذه المنظمة الدولية من أجل إزالة جوانب الغموض والشكوك المزعومة حول الأنشطة النووية السلمية لبلادنا".
أما وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي فكتب عبر منصة اكس "نحن مستعدون للتفاوض على أساس مصالحنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتصرف، لكننا لسنا مستعدين للتفاوض تحت الضغط والترهيب".
وقد التقى غروسي الخميس أيضًا. وكان عراقجي في العام 2015 كبير مفاوضي إيران في المباحثات حول برنامجها النووي مع القوى العظمى.