تترقب الساحة العراقية ما تبدو انفراجة في العلاقة الإيرانية الأميركية، بعد أن ذاق الأمرَّيْن في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب؛ إذ تحوّل ساحة لتصفية حسابات.
وتوحي التطورات الإقليمية بأنّ الإدارة الأميركية الجديدة لا تريد أي تورط عسكري جديد في الشرق الأوسط، ولا سيما مع أذرع إيران في المنطقة.
وقد ظهر هذا الأمر جليًا عندما أعلِن عن زيادة في أفراد بعثة الناتو في العراق بثمانية أضعاف، لتصبح أربعة آلاف شخص بعد استهداف إحدى قواعد التحالف قرب مطار أربيل.
وفيما وُجّهت أصابع الاتهام إلى الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، ظهرت مقاربتان، أنّ طهران تخاطب بايدن من العراق، أو أنّها ميليشيات غير منضبطة قلقة على استمراريتها في المرحلة المقبلة.
ووسط كلّ هذه التطورات والاستحقاقات، تبقى عين العراق على إجراء انتخاباته النيابية التي أرجئت إلى أكتوبر/ تشرين الأول كي تكون قاطرة التغيير الديمقراطي.
دعم لوجستي لدور الناتو في العراق
ويرى إحسان الشومري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، أنّ الدعم الأميركي للعراق على خط زيادة عديد الناتو، يرتبط من حيث التوقيت بالتقارير الذي رفعتها ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة حول الخطر الأمني في البلاد وعدم القدرة على السيطرة بالتزامن مع الانتخابات.
ويتحدث في هذا السياق، عن "قلق من احتباس سياسي نتيجة الضغط الأمني من قبل الجماعات المسلحة. وقد يرتبط ذلك بتطورات قد تظهر بعد الانتخابات".
ويعتبر الشومري، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، أن مضي الفصائل المسلحة في التعرض لقوات الحلف سيجعلها بمواجهة المجتمع الدولي، وسيضاعف من الضغوط عليها.
ويرجح استمرار هذه الفصائل باستهداف القواعد الأميركية كما حدث أمس حيث استهدفت قاعدة بلد التي تضم عسكريين أميركيين، لا سيما أن الولايات المتحدة هي المساهم الأكبر في عديد الحلف.
الدور الإيراني في العراق
وينفي الشومري أن تكون الهجمات والتحركات التي تقوم بها الفصائل المسلحة على الأراضي العراقية تحركًا فرديًا. ويقول: "يرتبط ما يحصل على الأراضي العراقية بتوجيه إيراني".
ويعتقد الشومري أن الأرض العراقية أرض مناسبة لطهران، ويرى أن إيران تسعى للضغط على الإدارة الأميركية الجديدة لفك حبكة الاتفاق النووي الإيراني بسرعة.
وتشكل تحركات الفصائل المسلحة على الأراضي العراقية جزءًا من محاولة لفت الانتباه لضرورة بت الملف والتوجه إلى المفاوضات بشكل سريع، وفقاً للشومري.
كما يربط الواقع الأمني العراقي الداخلي ومسعى حكومة الكاظمي بتطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية. ويقول: "إن هدنة طهران تنعكس ايجابيا على الواقع الأمني العراقي عبر تقليص هجمات وتحركات الفصائل".
الواقع السياسي
وتعاني الزعامات العراقية انعدام ثقة الشعب، ويعتبر أن هناك مناورات لعدم إجراء الانتخابات، التي أرجئت إلى أكتوبر/تشرين الأول المقبل بهدف اتمام التحضيرات اللوجستية.
وسيفرض الواقع الجديد على رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، العمل بجد للسيطرة على المشهد السياسي. ومن جهته، يحاول الكاظمي العبور إلى يوم الانتخابات بأقل تكلفة ممكنة على الصعيدين الأمني والسياسي، سيما أن عدم إجراء الانتخابات سيكلفه الكثير على مستوى مستقبله السياسي.
ويرى الشومري أن النظام السياسي العراقي لم يعد يحظى بالشرعية بسبب الفساد والوضع الأمني وهو مهدد بالسقوط.
ويعتبر الشومري أن الكاظمي هو الحلقة الأضعف في المشهد السياسي العراقي مع محاولات إضعاف حكومته في وقت لا يملك حزب سياسي.