الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

أزمة أوكرانيا تتفاقم.. واشنطن "تلوّح" بعقوبات وموسكو "مستعدة" لمفاوضات

أزمة أوكرانيا تتفاقم.. واشنطن "تلوّح" بعقوبات وموسكو "مستعدة" لمفاوضات

شارك القصة

كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك (الصورة: رويترز)
سخرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد من تأكيد بوتين أن مهمة القوات الروسية "حفظ السلام" في دونيتسك ولوغانسك.

نددت الولايات المتحدة وحلفاؤها بأعمال روسيا خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الإثنين، شاجبين اعتراف الرئيس فلاديمير بوتين بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا وإعطائه أوامر بنشر قوات روسية باعتبار ذلك انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وذريعة للحرب.

وجاء الموقف الدولي المندد بالخطوة الروسية بعد أنّ أمر بوتين قواته بدخول منطقتي دونيتسك ولوغانسك تدعمهما موسكو في شرق أوكرانيا، وهي خطوة تشكل تحديًا للتهديدات الغربية بفرض عقوبات على بلاده وتهديدًا بإشعال نزاع كارثي مع حكومة كييف.

في غضون ذلك، أعلنت الولايات المتّحدة أنها ستفرض عقوبات على موسكو، بعدما كانت حذرة في ردّها الأول على الأمر الذي أصدره بوتين بنشر قوات روسية في المنطقتين الانفصاليتين المواليتين لموسكو في شرق أوكرانيا.

وصرح متحدث باسم البيت الابيض لوكالة فرانس برس: "نخطط لإعلان عقوبات جديدة ضد روسيا ردًا على قرارات موسكو واجراءاتها. ونحن ننسق مع حلفائنا وشركائنا بشأن هذا الإعلان".

روسيا "مستعدة لآلية مفاوضات"

رغم كلّ هذه الأجواء، أكدت روسيا الثلاثاء أنها لا تزال "مستعدة" لعقد مفاوضات مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي من المقرر أن يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف الخميس.

وصرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في تعليقات نُشرت على منصة يوتيوب: "حتى في اللحظات الأكثر صعوبةً... نقول: نحن مستعدّون لآلية مفاوضات، لذلك موقفنا بقي نفسه (...) لا نزال نؤيد سلوك المسار الدبلوماسي".

وقبل وقت قصير من إعلان بوتين قراره الذي ندّدت به كييف والغرب، أعلن لافروف أنه سيلتقي بلينكن الخميس في جنيف لمحاولة نزع فتيل الأزمة بين روسيا والدول الغربية.

منع "حمام دم"

وفي جلسة مجلس الأمن الدولي الطارئة، سخرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد من تأكيد بوتين أن مهمة القوات الروسية "حفظ السلام" في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، قائلة: "إنه يدعوها قوات حفظ سلام. هذا هراء. نحن نعرف ما هي حقيقة هذه القوات".

من جانبه، أكد المندوب الأوكراني سيرغي كيسليتسيا على أن "الحدود الأوكرانية المعترف بها دوليًا كانت وستبقى غير قابلة للتغيير بصرف النظر عن أي بيانات أو أفعال من قبل روسيا الاتحادية".

أما السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا فأعرب عن انفتاح بلاده للتوصل إلى حل دبلوماسي، لكنه شدد على ضرورة الدفاع عن المناطق الانفصالية في وجه العدوان الأوكراني على حد وصفه.

وقال: "نبقى منفتحين على الدبلوماسية"، مضيفًا: "ومع ذلك فإن السماح بحمام دم جديد في دونباس شيء لا ننوي فعله".

ويُنظر إلى إرسال بوتين قوات روسية إلى شرق اوكرانيا، على أنه تمهيد لنشر جزء من القوات التي حشدها عند الحدود الأوكرانية.

ادعاءات "شنيعة وزائفة"

وقالت توماس-غرينفيلد: إن خطاب بوتين ليس سوى "سلسلة من الادعاءات الشنيعة والزائفة" التي تهدف إلى "خلق ذريعة لشن حرب".

من جانبها، أعربت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وحفظ السلام روزماري ديكارلو عن "أسفها" لنشر جنود روس في الجمهوريتين الانفصاليتين.

وقالت: "الساعات والأيام المقبلة ستكون حرجة"، مشيرة إلى أن "هناك خطرًا حقيقيًا لنشوب نزاع كبير ويجب منعه بأي ثمن".

أما السفيرة البريطانية باربرا وودوارد فقالت: إن المجلس يجب أن يكون متحدًا في حض روسيا على "خفض التصعيد" و"احترام التزاماتها".

وأضافت: "لقد جرتنا روسيا إلى حافة الهاوية. نحض روسيا على التراجع إلى الوراء"، بينما اعتبر سفير كينيا مارتن كيماني أن الخطوة الروسية "انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا"، مضيفًا: "التعددية تنازع الموت الليلة وتعرضت للاعتداء اليوم كما في الماضي القريب من قبل دول قوية أخرى".

تنديد بالاعتراف الروسي

وكان بوتين قد اعترف باستقلال منطقتي لوغانسك ودونيتسك اللتين يسيطر عليهما الانفصاليون منذ عام 2014، ما يمهد الطريق لنشر جزء من القوات الروسية التي تم حشدها عند الحدود الأوكرانية وأثارت المخاوف من احتمال غزو روسيا لجارتها.

وفي مرسومين رسميين، أمر بوتين وزارة الدفاع الروسية بتولي مهام "حفظ السلام" في المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا.

وأثار الاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين تنديدًا دوليًا وتهديدات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بفرض حزمة أوسع من العقوبات الاقتصادية ضد موسكو.

وما إن انتشرت أنباء اعتراف موسكو بالمنطقتين في شوارع كييف، حتى خيمت حالة من عدم التصديق على الكثيرين الذين رغم ذلك كانوا على استعداد للدفاع عن بلدهم في حال طلب منهم ذلك.

وعقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي اجتماعًا لمجلس الأمن القومي وأجرى مكالمات هاتفية مع العديد من قادة العالم في محاولة لحشد الدعم.

وطالب في خطاب متلفز بث في وقت متأخر الغرب بتقديم "دعم واضح" لبلاده، قائلًا: "من المهم أن نرى من هو صديقنا الحقيقي وشريكنا، ومن سيواصل إخافة الاتحاد الروسي بالكلمات"، مؤكدًا: "نحن على أرضنا".

عقوبات أميركية أوروبية

وحذر الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف سولتس بوتين من أنّ "هذه الخطوة لن تمرّ بدون ردّ".

وسارعت الولايات المتّحدة إلى الإعلان عن فرض عقوبات على المنطقتين والتوعّد بعقوبات إضافية عند الضرورة.

وقالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إنّ الرئيس جو بايدن سيصدر أمرًا تنفيذيًا "يحظر على الأميركيين القيام بأي عمليات جديدة، استثمارية أو تجارية أو تمويلية، إلى أو من أو داخل ما يسمى بجمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية في أوكرانيا".

من جهته، أفاد مسؤول فرنسي في الإليزيه بأن الاتحاد الأوروبي سيفرض عقوبات على كيانات وأفراد روس "تتناسب" مع إعلان الرئيس فلاديمير بوتين اعترافه باستقلال الانفصاليين.

أما رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فقد وصف خطوة بوتين بأنها "انتهاك صارخ لسيادة وسلامة أوكرانيا".

وسيعقد جونسون اليوم الثلاثاء، اجتماع أزمة حول الأوضاع في أوكرانيا لاتّخاذ قرار بشأن فرض "حزمة كبيرة من العقوبات" على موسكو، وفق رئاسة الحكومة البريطانية.

وتعهّدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بأن "الاتحاد الأوروبي سيرد عبر فرض عقوبات على المتورطين في هذا التحرّك غير القانوني".

أرض "روسية" قديمة

ووجه بوتين في خطاب متلفز استمرّ 65 دقيقة سيلًا من الانتقادات إلى أوكرانيا، واصفًا إياها بالدولة الفاشلة ومعتبرًا أنها ليست إلا "دمية في أيدي الغرب".

كما وصف بوتين، الذي بدا عليه الغضب بوضوح، أوكرانيا بأنها جزء لا يتجزأ من تاريخ روسيا، وقال: إن شرق أوكرانيا كان أرضًا روسية قديمة.

وبث التلفزيون الرسمي لقطات لبوتين وهو يوقع مرسومًا يعترف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين إلى جانب اتفاقيات تعاون وصداقة، فيما جلس مقابله زعيما المنطقتين المدعومتين من روسيا، جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية.

وقال الكرملين: إن بوتين أعلن قراره في مكالمتين هاتفيتين مع زعيمي ألمانيا وفرنسا.

وعمد بوتين إلى الخوض في التاريخ بدءًا من عهد الإمبراطورية العثمانية وحتى الأيام الأخيرة التي تشهد توترًا متصاعدًا حول توسع حلف شمال الأطلسي شرقًا، وهو مصدر إزعاج كبير لموسكو في الأزمة الحالية.

ولم يعبأ بوتين بالتحذيرات الغربية من أن مثل هذه الخطوة ستكون غير قانونية وستقضي على مفاوضات السلام وستؤدي إلى فرض عقوبات على موسكو.

وقال بوتين: "أرى أنه من الضروري اتخاذ قرار كان ينبغي اتخاذه منذ فترة طويلة، وهو الاعتراف الفوري باستقلال وسيادة جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية".

نافذة الدبلوماسية تضيق

وتقول واشنطن إنّ روسيا حشدت قوات يتراوح قوامها بين 169 ألفا و190 ألف جندي في المنطقة، بما يشمل قوات الانفصاليين في المنطقتين، وقد تغزو أوكرانيا في أي لحظة.

وعمل بوتين لسنوات على استعادة نفوذ روسيا على الدول التي نشأت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، مع احتلال أوكرانيا مكانة مهمة في طموحاته.

وتنفي روسيا وجود أي خطة لديها لمهاجمة جارتها، لكنها هددت باتخاذ إجراء "عسكري فني" لم تحدده ما لم تحصل على ضمانات أمنية شاملة، بما يشمل التعهد بعدم انضمام أوكرانيا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي على الإطلاق.

لكن الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك سيقلص نافذة الخيارات الدبلوماسية لتجنب الحرب، نظرًا لأنه رفض صريح لوقف إطلاق النار القائم منذ سبع سنوات والذي توسطت فيه فرنسا وألمانيا.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close