أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين المعلنتين من جانب واحد في شرق أوكرانيا، وذلك رغم التهديد الأوروبي بفرض عقوبات في حال اتخذت موسكو هذا القرار.
وطالب بوتين الجمعية الفدرالية في روسيا بتوقيع اتفاقيات الصداقة والتعاون مع الجمهوريتين، وقال: "نطالب من احتل السلطة في كييف بوقف العمليات العسكرية، وإلا فالمسؤولية عن استمرار النزيف في هذه المنطقة يقع على عاتق أوكرانيا".
وفي كلمة توجّه بها إلى الشعب الروسي، وصف بوتين أوكرانيا بأنها "جزء لا يتجزأ من تاريخ روسيا"، مشيرًا إلى أن كييف لم يكن لديها "مطلقًا تقاليد دولة حقيقية".
واتهم بوتين أوكرانيا بسرقة الغاز الروسي واستخدام الطاقة لابتزاز روسيا، وقال: "أوكرانيا تديرها قوى خارجية وهذا يؤثر على جميع مستويات السلطة فيها".
وأضاف: "أوكرانيا لم تتمكن من إقامة دولة مستقرة وبالتالي كان عليها الاعتماد على دول خارجية مثل الولايات المتحدة، وأوكرانيا باتت مستعمرة أميركية ذات نظام كالدمية".
تهديد مباشر لروسيا
ووجه بوتين الاتهامات لأوكرانيا حول عزمها صنع أسلحة نووية خاصة بها، مشيرًا إلى أنه إذا حصلت أوكرانيا على أسلحة دمار شامل "فإن الوضع العالمي سيتغير تغيرًا جذريًا".
وحول دخول أوكرانيا إلى حلف الناتو، رأى بوتين أن "أميركا والحلف حولا أوكرانيا دون خجل إلى مسرح للحرب"، مشددًا على أن انضمام كييف للحلف تهديد مباشر لأمن روسيا.
ولفت إلى "أننا تلقينا وعودًا بألا يتوسع حلف الأطلسي، لكن ما حدث عكس ذلك، فمراكز تدريب حلف الأطلسي في أوكرانيا تصل إلى حد القواعد العسكرية للحلف".
وقال: "لقد شاهدنا خمس موجات توسع للحلف في الآونة الأخيرة، ونحن ندرك أن توسع حلف الأطلسي أكثر مسألة وقت".
إجراءات انتقامية
وأوضح بوتين أن "روسيا دائمًا ما تسعى لدعم السبل الدبلوماسية لحل المشاكل، وحلف الأطلسي تجاهل مخاوفنا تمامًا".
وحول التهديد بفرض عقوبات على موسكو، شدد الرئيس الروسي على أن "الغرب سيفرض عقوبات على روسيا على أي حال ولا علاقة للأمر بأوكرانيا"، مضيفًا: "من حق روسيا اتخاذ إجراءات انتقامية، ولن نتخلى عن سيادتنا وقيمنا الوطنية".
حماية مواطنيها
ومن شأن هذا الاعتراف أن يضع حدًا لخطة سلام ترمي لإنهاء النزاع الانفصالي المستمر منذ عام 2014 بعدما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية. وأسفر النزاع عن مقتل أكثر من 14 ألف شخص.
وبإمكان موسكو إثر ذلك تحريك قواتها لحماية مئات آلاف السكان في المنطقتين بعدما منحهتم جوازات سفر روسية، وأن تبرّر تدخّلها هذا بأنه يهدف لحماية مواطنيها.
وسيكون بالتالي على أوكرانيا إما القبول بخسارة جزء كبير من أراضيها أو الدخول في نزاع مسلّح مع جارتها الأقوى بكثير.
رفض أممي وأوروبي
وحذر الاتحاد الأوروبي موسكو من الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين المعلنتين من جانب واحد في شرق أوكرانيا، وتعهد برد فعل قوي إذا اختارت روسيا ذلك.
وقال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي للصحافيين بعد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في بروكسل: "نحن مستعدون للرد بجبهة موحدة قوية في حال قرر القيام بذلك".
وأضاف: "أمن أوكرانيا هو أمننا".
من جهته، اعتبر المستشار الألماني أولاف شولتس أنّ أيّ اعتراف روسي باستقلال مناطق انفصالية في أوكرانيا من شأنه أن يشكّل "انتهاكًا أحادي الجانب" لاتفاقات مينسك الموقعة عام 2015، وذلك في أعقاب محادثات هاتفية أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وإزاء خطورة الأوضاع يجري المستشار الألماني محادثات طارئة مع الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأوكراني فولوديمير زيلنسكي و"الشركاء الأقرب" لألمانيا، وفق ما أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان هيبيشترايت.
بدوره، دعا المتحدّث باسم الأمم المتحدة "كلّ الأطراف المعنية للامتناع عن أيّ قرار أو عمل أحادي الجانب من شأنه أن يقوّض وحدة أراضي أوكرانيا"، وذلك في معرض ردّه على سؤال عن الاعتراف المحتمل لروسيا باستقلال الانفصاليين في شرق أوكرانيا.
وقال ستيفان دوجاريك: "نؤكد دعوتنا إلى وقف فوري للأعمال العدائية، ونناشد جميع الأطراف التزام أقصى درجات ضبط النفس من أجل تجنب أي عمل أو بيان من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التوترات".
وشدد دوجاريك على وجوب "معالجة جميع الخلافات عن طريق الدبلوماسية".