أظهر مشروع قانون في البرلمان التونسي، مقترحًا يجرد البنك المركزي من السلطة الحصرية لتعديل أسعار الفائدة وسياسة الصرف، ويقضي بأنه يتعين عليه اتخاذ مثل هذا القرار فقط بالتوافق مع الحكومة.
ومشروع القانون المقترح الذي عرضه نواب في البرلمان، هو أحدث خطوة من شأنها أن تقوض بشكل كامل استقلالية البنك المركزي، الذي كان قد تعرض لانتقادات مستمرة وحادة من الرئيس قيس سعيد، الذي قال مرارًا إنه لن يسمح بأن يكون البنك دولة داخل الدولة.
ويأتي مشروع التغيير الجوهري في قانون البنك المركزي، في الوقت الذي تواجه فيه المالية العامة أزمة حادة، مع عدم قدرة البلاد على تأمين احتياجاتها من التمويلات الخارجية، في حين حذر 27 نائبًا في مشروع القانون من أن تونس ستفلس حتمًا إذا لم يتم تغيير قانون البنك المركزي.
وقالوا إن القانون الحالي الذي تم إقراره في عام 2016، والذي لا يسمح للبنك المركزي بتمويل الخزينة العامة في شكل قروض، أو شراء مباشر للسندات الحكومية، أدى إلى خسائر فادحة للدولة تقدر بنحو 113 مليار دينار (36.6 مليار دولار).
"السيناريو الفنزويلي"
ورفض سعيد العام الماضي استقلالية البنك المركزي، قائلًا إن المصرف المركزي يجب أن يقرض الدولة مباشرة لتجنب القروض من خلال البنوك التي تحقق أرباحًا ضخمة منه.
وكانت الحكومة قد طلبت في يناير/ كانون الثاني تمويلًا مباشرًا استثنائيًا للخزانة من البنك المركزي بقيمة 2.25 مليار دولار، لسد العجز في ميزانية هذا العام.
في المقابل، حذر محافظ البنك المركزي السابق مروان العباسي من أن شراء سندات الخزانة ينطوي على مخاطر، بما في ذلك الضغوط التصاعدية على التضخم، وانخفاض قيمة الدينار التونسي. وقال إن هذه الخطوة من شأنها أن تزيد بشكل لا يمكن السيطرة عليه من التضخم الذي قد يكون بثلاثة أرقام وحذر من "تكرار السيناريو الفنزويلي في تونس".
وفي وقت سابق من هذا العام، عين الرئيس التونسي زهير النوري محافظًا جديدًا للمركزي مكان العباسي.
ومنذ 2016، اكتسب البنك المركزي سلطة مطلقة في إدارة السياسة النقدية، من بينها نسبة الفائدة، وسياسة الصرف، والتصرف في الاحتياطيات من العملة والذهب. لكن مشروع القانون المقترح ينص على أن البنك المركزي يمكنه تعديل أسعار الفائدة، والقيام بكل العمليات المتعلقة بالذهب والصرف في حدود صلاحياته، وبالتوافق مع الحكومة.
وبموجب مشروع القانون، يتعين على البنك المركزي شراء سندات حكومية من البنوك، وإقراض الخزانة بشكل مباشر، بقيمة تصل إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بآجال سداد تتجاوز خمس سنوات.
وقالت مصادر مالية لوكالة "رويترز" إن هذه الخطوة ستمهد الطريق على الأرجح لطلب حكومي جديد من المركزي قروضًا مباشرة وتسهيلات للخزانة، بما يصل إلى ثمانية مليار دينار (2.6 مليار دولار) مدرجة في موازنة 2025. كما ذكر مشروع القانون أنه لن يُسمح للبنك المركزي بتوقيع اتفاقيات مع جهات رقابية أجنبية، إلا بموافقة رئيس البلاد.