تعقد محكمة العدل الدولية في لاهاي جلساتها الأولى اليوم الخميس، للنظر في دعوى قدّمتها جنوب إفريقيا لمحاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحقّ الفلسطينيين في قطاع غزة.
يأتي ذلك، فيما أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علنًا وللمرة الأولى رفضه دعوات بعض الوزراء المنتمين لليمين لاحتلال القطاع بصورة دائمة.
وكانت إسرائيل وافقت على المثول أمام المحكمة من أجل دحض ما وصفتها بالاتهامات "السخيفة التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو قانوني".
وقال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا أمس الأربعاء: "معارضتنا للمذبحة الجارية بحق شعب غزة دفعتنا بصفتنا دولة إلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية"، مضيفًا أنّه "بصفتنا شعبًا تجرّع يومًا مرارة السلب والتمييز والعنصرية والعنف الذي ترعاه الدولة، نحن واضحون في أننا سنقف في الجانب الصائب من التاريخ".
في المقابل، قال إيلون ليفي المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أمس الأربعاء: "غدًا، ستمثل إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لدحض فرضية سفك الدماء العبثية التي أطلقتها جنوب إفريقيا، إذ تمنح بريتوريا غطاء سياسيًا وقانونيًا لنظام حماس المغتصب"، حسب قوله.
مجريات الجلسة
وستتناول جلسات الاستماع بشكل حصري طلب جنوب إفريقيا باتخاذ إجراءات عاجلة تُلزم إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية في غزة، في حين ستنظر المحكمة في حيثيات القضية، وهي عملية قد تستغرق أعوامًا.
وتُشير بريتوريا في الدعوى المؤلفة من 84 صفحة، إلى أنّ إسرائيل فشلت في تقديم الأغذية الأساسية والمياه والأدوية والوقود وتوفير الملاجئ والمساعدات الإنسانية الأخرى لسكان القطاع.
كما لفتت إلى حملة القصف المستمرة التي دمّرت مئات الآلاف من المنازل واضطرت نحو 1.9 مليون فلسطيني إلى النزوح، وأسفرت عن استشهاد 23 ألف شخص.
وستستمع لجنة من 17 قاضيًا منهم قاضيان من إسرائيل وجنوب إفريقيا، إلى مرافعات مدتها 3 ساعات لكل طرف. ومن المتوقّع صدور حكم بشأن التدابير المؤقتة في وقت لاحق هذا الشهر. وأحكام محكمة العدل الدولية مُلزمة، لكن المحكمة لا تملك تنفيذها.
وفي وقت متأخر من أمس الأربعاء، عبّرت كولومبيا والبرازيل عن دعمهما لجنوب إفريقيا في دعواها.
"لا نية لاحتلال غزة أو تهجير سكانها"
وعشية الجلسات، عبّر نتنياهو للمرة الأولى علنًا عن معارضته لدعوات وزراء ينتمون لتيار اليمين في حكومته، ومن بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لتهجير الفلسطينيين من غزة مقابل إفساح المجال للإسرائيليين لتوسّع استيطاني في القطاع.
وكتب نتنياهو في منشور على منصّة "إكس": "أريد أن أوضح بعض النقاط بصورة قاطعة: إسرائيل ليس لديها أي نية لاحتلال غزة بشكل دائم أو تهجير سكانها المدنيين"، حسب قوله.
وأضاف أنّ "إسرائيل تُقاتل إرهابيي حماس وليس السكان الفلسطينيين، ونقوم بهذا مع الالتزام الكامل بالقانون الدولي"، حسب زعمه.
بينما حذّرت قمة العقبة أمس الأربعاء، من أي إعادة احتلال إسرائيلي لقطاع غزة، داعية إلى السماح للسكان المهجرين بالعودة إلى ديارهم.
تكثيف الضربات
ميدانيًا في غزة، لم تكن هناك مؤشرات على تراجع حدة القتال. وزادت كثافة الضربات الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة ووسطه أمس الأربعاء، على الرغم من تعهّد إسرائيل بسحب بعض قواتها والتحوّل إلى عملية أكثر دقة.
وقال كبير المتحدثين باسم جيش الاحتلال الأميرال دانيال هاغاري في مؤتمر صحفي بثّه التلفزيون في وقت متأخر من أمس الأربعاء، إنّ الجيش يركّز عملياته على خانيونس ومخيمات اللاجئين في وسط القطاع.
في المقابل، أوضح الهلال الأحمر الفلسطيني أنّ أربعة من أفراد أطقمه استشهدوا عندما استهدفت ضربة إسرائيلية سيارة الإسعاف التي كانوا يستقلونها على الطريق الرئيسي بالقرب من دير البلح وسط قطاع غزة. كما أُصيب راكبان في سيارة الإسعاف، قبل أن يستشهدا لاحقًا.
من جهتهم، قال مسؤولون في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح: إنّ أربعة أطفال فلسطينيين استشهدوا في ضربة جوية إسرائيلية على منزل برفح.
بينما ألغت منظمة الصحة العالمية مهمة مساعدات طبية كانت مقررة إلى غزة بسبب مخاوف أمنية، وهو الإلغاء السادس من نوعه خلال أسبوعين.