وجه الجيش الإسرائيلي اليوم الإثنين، السكان والنازحين في أحياء الصبرة والرمال وتل الهوا والدرج في مدينة غزة، بمغادرتها فورًا باتجاه مدينة دير البلح وسط القطاع.
ومثل هذه التوجيهات، تأتي عادة، كإجراء يسبق هجمات جوية ومدفعية وبرية قوية يشنها الجيش الإسرائيلي بداعي أن المنطقة ستشهد قتالًا عنيفًا.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل عدوانًا على غزة، أسفر عن عشرات آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
إسرائيل توجه بمغادرة مناطق في مدينة غزة
وقال متحدث الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة "إكس": "نداء عاجل إلى كل السكان والنازحين المتواجدين في مناطق الصبرة، الرمال، تل الهوا والدرج".
وأضاف: "عليكم الإخلاء بشكل فوري إلى مآوي دير البلح في المنطقة الإنسانية (حسب زعمه)".
وسبق أن أصدر الجيش الإسرائيلي توجيهات سابقة مماثلة منذ بدء معاركه البرية في قطاع غزة في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما أسفر عن موجات نزوح كبيرة، وسط حالة هلع بين الفلسطينيين.
وزعم حينها، أن المناطق التي طلب التوجه إليها "آمنة"، إلا أنه استهدفها مرارًا وأوقع العديد من الشهداء والجرحى في صفوف الفارين من مناطق القصف.
ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه الجيش الإسرائيلي، اليوم الإثنين، عن بدء عملية برية في مدينة غزة بما فيها مقر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وادعى الجيش أن "المجمّع يحتوي على وسائل قتالية وغرف احتجاز ومباحث وتحقيقات تابعة لحماس".
كما زعم الجيش الإسرائيلي أن قواته "عملت في المنطقة في الماضي، واعتقلت العديد من عناصر حماس وقضت على عديد منهم ودمّرت مسار نفق واسع كان يمرّ تحت المجمع"، وفق زعمه.
التلفزيون العربي يرصد الأوضاع في حي الرمال
ورصدت كاميرا التلفزيون العربي، حجم الدمار الذي لحق بحي الرمال جراء قصف جيش الاحتلال الذي يتمركز في منطقة الجامعات.
وأظهرت المشاهد من هناك إحدى العائلات التي تخرج من منزلها بفعل استمرار التوغل الإسرائيلي تحديدًا في محيط منطقة الجامعات.
وأشار مراسل التلفزيون العربي من حي الرمال إسلام بدر إلى وجود عدد من الأسر التي نزحت من حي التفاح، لكنها عاودت النزوح مرة أخرى، وذلك بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال هذه المنطقة.
وأوضح أن منطقة الجامعات تخضع لعملية عسكرية مستمرة، والاحتلال يجري تجريفًا واسع النطاق، ما أجبر عددًا كبيرًا من العائلات الفلسطينية على النزوح من منازلها.
وذكر مراسلنا أن منطقة الجامعات، كانت قبل الحرب منطقة تجارية وحيوية، لكنها أصبحت أقرب إلى مدينة أشباح.
واستطلع التلفزيون العربي شهادات النازحين من حي الرمال، إذ قال أحدهم: "نزحنا من تل الهوا، بعد أن اجتاحت الدبابات الإسرائيلية المنطقة بشكل مفاجئ".
وأشار إلى وجود بعض الأسر محاصرة في تلك المنطقة، منهم من يخاف الخروج منها، وآخرين يقولون سنخرج لاحقًا.
وقالت نازحة أخرى إن إطلاق النار وصل إلى أبواب منازلنا في حي الشجاعية، متحدثة عن وجود خطر كبير، وتحدثت عن القصف والخطر الكبير التي تتعرض له منطقة تل الهوا.
ما أهداف التوغل الإسرائيلي في غزة؟
سياسيًا، أوضح النائب الأسبق لرئيس هيئة الأركان الأردنية قاصد محمود، أن التوغل الإسرائيلي الأخير هو نوع من التعويض عن استمرار الفشل في حي الشجاعية بشكل واضح مع الفشل أيضًا في رفح جنوبًا.
وأضاف في حديث إلى "التلفزيون العربي" من العاصمة الأردنية عمّان، أن الجيش الإسرائيلي لا يزال عالقًا، ولا يستطيع أن يصل إلى أهداف عسكرية واضحة تؤدي إلى أي نوع من أنواع النجاح باتجاه الأهداف الكبرى لهذا العدوان.
وأشار محمود إلى أن الاستهداف المدني يصب في إستراتيجية الإبادة الجماعية التي يتبعها الجيش الإسرائيلي في غزة من الأسبوع الأول للحرب، والتي تهدف نهائيًا إلى عمق المشروع الصهيوني في تهجير الفلسطينيين من بلادهم.
ولفت إلى أن ظهور المتحدث باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أبو عبيدة أمس الأحد كان محرجًا جدًا للقيادة الإسرائيلية، حينما تحدث عن إمكانات المقاومة وإعادة بناء نفسها.
وتابع أن خطاب أبو عبيدة كان مؤثرًا جدًا، خصوصًا أنه تطرق إلى الضعف الاستخباري الإسرائيلي وأسباب نجاح المقاومة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وعن أسرارها التي سيتحدث عنها لاحقًا.
وأردف محمود أن الأوضاع لا تزال أمام أفق مسدود إسرائيليًا، وبالتالي البديل هو القصف الهمجي وهذا النوع من الضغط على السكان، لأنهم جزء رئيسي من قصة الصمود والثبات لدى المقاومة في غزة.
وأشار إلى أن التوغلات الإسرائيلية قد يقصد منها التخفيف عن الشجاعية، لأن هذه الأخيرة لا تزال عقبة كأداء أمام الجيش الإسرائيلي، وهي جزء من الضغط على السكان وعلى القيادة السياسية لحماس.
ولفت محمود إلى أن عودة الاحتلال إلى وزارة الأسرى وحي الرمال الحي الرسمي في غزة قد تكون جزءا من إستراتيجية إسرائيل التي تهدف إلى تدمير البنى التحتية التي تدير من خلالها حماس قطاع غزة.
ومع ذلك، أعرب عن اعتقاده أن المشهد العملياتي حتى هذه اللحظة يدل على أن إسرائيل تزداد تخبطًا وارتباكًا، مشيرًا إلى أن التوغل الإسرائيلي هدفه تشديد الضغط على المواطنين بشكل كبير جدًا، بحيث يخلخل هذه القاعدة الثابتة من الصمود لغزة مع المقاومة، ثم إنها تشكل عامل ضغط على المفاوضين في القاهرة وفي الدوحة.