يبدو أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يعمد إلى إعادة إحياء حركة "كيو أنون" لمروجي نظرية المؤامرة التي كرّسه أعضاؤها أيقونة لهم، حيث بدا واضحًا خلال تجمّع لمؤيدي ترمب في نهاية الأسبوع في ولاية أوهايو أن الحركة ما زالت قوة داعمة للرئيس السابق.
وتم تداول مشاهد لمناصرين لترمب الذي يواجه متاعب قضائية عدة، يرفعون أذرعتهم مع توجيه السبابة إلى الأعلى لدى انتهاء خطاب ترمب، على وقع موسيقى إلكترونية قال مركز "ميديا ماترز" للأبحاث التقدمية: إنها نشيد الحركة وشعارها "حيثما نذهب مجتمعين، نذهب بكامل زخمنا".
وقبل ذلك، لم يكن رفع السبابة حركة على صلة بـ"كيو أنون"، لكن تسجيل ذلك خلال تجمّع لأنصار ترمب أثار مخاوف كثيرة، حيث شُبّهت بأداء التحية النازية، بحسب "فرانس برس".
وفي 9 أغسطس/ آب الماضي، استخدم ترمب تلك المقطوعة الموسيقية في فيديو احتج فيه على تفتيش وحدة تابعة لمكتب التحقيقات الفدرالي منزله في فلوريدا، حيث يجري القضاء تحقيقًا حول ما إذا كان قد نقل بشكل غير قانوني سجلات من البيت الأبيض، أثناء مغادرته منصبه، وفي مناسبات أخرى عدة، وهو ما لاحظه أنصار "كيو أنون" على مواقع التواصل.
من جهة أخرى، يستعيد ترمب بشكل متزايد أفكار "كيو أنون" على شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال". وفي 13 سبتمبر/ أيلول، نشر صورة معدّلة له تظهره واضعًا شعار "كيو" على سترته.
مؤامرة عالمية شيطانية
وتفيد إحدى نظريات "كيو أنون" بأن الرئيس الأميركي جو بايدن والحزب الديمقراطي، ضالعون في مؤامرة عالمية شيطانية وللتحرش بالأطفال.
وتستمد حركة "كيو أنون" التي نشأت في الظل عام 2017 في الولايات المتحدة، اسمها من رسائل غامضة نشرها شخص يدعى "Q" يُعتقد أنه مسؤول أميركي رفيع مقرّب من ترمب ويمتلك معلومات "سرية جدًا".
أما الهدف الرئيسي من الحركة فهو مكافحة حملة ضخمة تريد حكم العالم، حيث تعتقد أن ترمب قد جُنّد عام 2016 للقضاء عليها، ولا بد من دعمه كي لا يبقى وحيدًا في هذه المواجهة "القاسية".
ويقول خبراء إن الحركة باتت تتبع بشكل متزايد نظريات "ترامبية" على غرار إنكار فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2020، وأيضًا مصطلح "الدولة العميقة" الذي غالبًا ما يستخدمه الرئيس السابق للتنديد بموظفين حكوميين، يقول إنهم: يعملون على تقويض سلطات الرئيس.
وتقول الخبيرة في شؤون اليمين المتطرف في مركز "ساذرن بوفرتي لو" ريتشل غولدواسر إنه بات حاليًا "من الصعب أن نجد فارقًا "بين "كيو أنون" وحركة "ماغا" (جعل أميركا عظيمة مجددًا) التي أطلقها ترمب. وتعتبر غولدواسر أن الملياردير أصبح حاليًا "نوعًا ما بطلًا لنظرية المؤامرة".
وتزايدت أعداد أتباع تلك النظريات في صفوف الأميركيين طوال السنوات الماضية، ووضع مكتب التحقيقات الفدرالي المجموعة اليمينية المتطرفة تحت الرقابة لخطورتها المحتملة. ولم يعلن ترامب يومًا تأييده رسميًا الحركة لكنه لم ينأ يومًا بنفسه عنها، حتى أنه أعاد نشر تغريدات لمتابعي المنظمة خلال عهده عبر "تويتر".
وبعد هزيمته الانتخابية وتحديدًا بعد اقتحام الكونغرس، تلاشت الحركة وانقطعت رسائل "Q" كما دعا شخص على صلة بموقع إلكتروني للتواصل مع أتباع الحركة، إلى الإقرار بفوز جو بايدن.
تنظيم تجمعات جديدة
وبعدما نبذتهم شبكات التواصل الاجتماعي الكبرى، تحوّل أتباع "كيو أنون" إلى تطبيق تلغرام، ومن ثم إلى شبكة "تروث سوشال" الخاصة بترمب، والتي أطلقت في فبراير/ شباط 2022.
وعادت الحركة مجددًا، للتركيز على تزوير مفترض للانتخابات الرئاسية، بدفع من مؤثرين كثر نظّموا تجمّعات بهذا الشأن.
وعام 2021، نظّم جون سابال المعروف بـ"كيو أنون جون" تجمّعًا كبيرًا في دالاس، وهو يعتزم تنظيم تجمّع جديد في نوفمبر/ تشرين الثاني.
ويجري مستشار البيت الأبيض الأسبق للأمن القومي الجنرال السابق مايكل فلين جولات مكوكية في الولايات الأميركية للترويج للنظريات نفسها. ومن دون ذكر "كيو أنون"، يستخدم فلين عبارة "العاصفة آتية" التي تستخدمها الحركة اليمينية المتطرفة.