باتت حرفة "الحدادة التقليدية" التي اشتهرت في مدينة مكناس بالمغرب، أمام خطر الزوال، مع تراجع الطلب، والإقبال على المنتجات الجاهزة المصنعة بآلات حديثة.
والتقى مراسل "العربي" أحد الذين مارسوا هذه الحرفة منذ أكثر من نصف قرن في مدينة مكناس التاريخية شمالي المغرب، حيث يعكف "العم حسن" على فل الحديد وتطويعه، صانعًا منه أدوات عمل يستخدمها الحرفيون وأخرى للزينة.
ويروي "العم حسن" للمراسل، كيف أنه عايش تقلبات الأيام وحرفته خلال سنوات طويلة قضاها في محله، قبل أن يصل مرحلة لم يعد عمله فيها يدر عليه إلا القليل. وحكى الحرفي المغربي كيف اتجه إلى مهنته هذه، بعد أن أنهى الدراسة لينتهي به الحال أمام مقابل لا يذكر.
"عماد العمارة القديمة"
وتنشط في المدينة العتيقة بمكناس حيث منطقة قبة السوق، حرف ومهن تقليدية كالنجارة والحدادة، والخياطة، والصياغة والدباغة، وتجارة الأثواب والألبسة التقليدية، منذ عشرات السنين.
ولطالما شكلت الفوانيس والثريات والشبابيك والأبواب وكثير غيرها من الأدوات والآلات كانت تصنع في المدينة، على امتداد قرون عماد عمارة مميزة، كانت تزخر بها مدن المغرب العتيقة، لكن زحف التقنية الحديثة فرض إيقاعه على الحدادة، كما فعل مع حرف كثيرة.
والتقى مراسل "العربي"، حدادا آخر خدم في هذه الحرفة المهددة بالاندثار، وهو "محمد" الذي ورث عن أبيه الحرفة، وأدوات العمل، قبل أن يواجه الصعوبات الحالية، بعد أن استبدل الناس صناعاته، بالحديد الملحوم والأدوات التي تشكلها الآلات الحديثة.
ويعتقد محمد أن أيام حرفة الحدادة، صارت معدودة، وقال في حديث إلى "العربي"، إن السوق كان يحوي 58 محل حدادة، وكانت تضم كل منها بين 5 أو 6 حرفيين، قبل أن تتلاشى الحرفة وتتراجع مع الأيام، وفق تعبيره.