كشفت صور حصلت عليها وكالة "أسوشيتد برس" أن الحرس الثوري الإيراني يبني سفينة دعم جديدة ضخمة بالقرب من مضيق هرمز الإستراتيجي تحمل اسم "شهيد مهدوي"، في محاولة لتوسيع وجوده البحري في المياه الحيوية لإمدادات الطاقة الدولية وما بعدها.
وتوفّر السفينة للحرس الثوري الإيراني قاعدة كبيرة وعائمة، يمكن من خلالها تشغيل القوارب السريعة الصغيرة التي تشكل إلى حد كبير أسطولها المصمّم لمواجهة البحرية الأميركية والقوات المتحالفة الأخرى في المنطقة.
ويأتي بناء السفينة بعد سلسلة من النكسات التي تعرّض لها الحرس الثوري والبحرية الإيرانية، ومع تعثّر مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية.
وقال فرزين نديمي، الزميل المشارك في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى": "إنهم ينظرون إلى ما وراء الخليج العربي، وبحر العرب والبحر الأحمر وشمال المحيط الهندي".
#إيران تفتتح قاعدة عسكرية بحرية شرق مضيق #هرمز pic.twitter.com/K9cMaMH2Gh
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) September 25, 2020
تحديث لسفينة "سارفين"
ويبدو أن "شهيد مهدوي" هو تحديث لسفينة الشحن الإيرانية "سارفين"، إذ يمتلكان نفس الهيكل.
ووصلت "سارفين" إلى الشواطئ قبالة بندر عباس في أواخر يوليو/ تموز من العام الماضي، ثمّ أوقفت تشغيل أجهزة التتبع الخاصة بها.
وبحلول 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، أظهرت صور الأقمار الصناعية من "بلانيت لابز" (Planet Labs PBC) التي حلّلتها وكالة "أسوشيتد برس"، السفينة في حوض جاف في "شهيد دارفيشي للصناعات البحرية"، وهي شركة مرتبطة بوزارة الدفاع الإيرانية غرب بندر عباس.
وقال أتش آي ساتون، خبير السفن الحربية: إنّ السفينة "كانت تحتوي على أسلحة مضادة للطائرات في مقدمتها ومؤخرتها".
وأظهرت صورة عالية الدقة تمّ التقاطها للحوض السبت، أن السفينة "شهيد مهدوي" لا تزال في حوض بناء السفن. وبجوارها مباشرة، إحدى الغواصات الإيرانية الهجومية من طراز "كيلو" التي تعمل بالديزل تخضع لعملية إصلاح شاملة.
مدينة بحرية متنقلة
ومع انتشار صورة السفينة "شهيد مهدوي" على الإنترنت، نشرت وكالة أنباء "فارس"، القريبة من الحرس الثوري، بأنها "مدينة بحرية متنقلة" قادرة على "ضمان أمن الخطوط التجارية الإيرانية، وحقوق البحارة والصيادين الإيرانيين".
وتمّ استخدام مثل هذه السفن كقواعد عائمة في المنطقة من قبل، ولا سيما من قبل البحرية الأميركية خلال ما يسمّى "حرب الناقلات" في ثمانينيات القرن الماضي. وعندما انفجرت الألغام الإيرانية ضد سفن النفط الخام أثناء تلك الحرب، بدأت البحرية الأميركية في مرافقة السفن للخروج من الخليج العربي عبر مضيق هرمز.
وخلال الصراع، حوّلت القوات الخاصة الأميركية السفن التجارية إلى قواعد عمليات متقدمة. ولا تزال البحرية الأميركية تعمل بنفس الفكرة حتى اليوم، حيث كانت سفينة "يو إس إس لويس بي بولر" التي تعد أساس الأسطول الخامس في الشرق الأوسط، مصممة كناقلة نفط.
وقال مايكل كونيل، الخبير في شؤون إيران في مركز التحليلات البحرية ومقره فرجينيا: "يبدو أن شهيد مهدوي سيتمّ تكوينه ليكون قاعدة انطلاق أمامية، على غرار السفينة الأميركية بولر التي شهد الجيش الإيراني فائدتها كمنصة للحرب الاستكشافية وإبراز القوة".
تحدي البحرية الأميركية
ولسنوات، قام الحرس بدوريات في مضيق هرمز والخليج العربي، بينما كانت البحرية الإيرانية تقوم بدوريات في البحار والمحيطات وراءها. ومن المحتمل أن تمنح هذه السفينة الحرس الثوري القدرة على توسيع وجوده في تلك المياه التي كانت تخضع لدوريات البحرية.
بدء المرحلة النهائية لمناورات الحرس الثوري الإيراني في مياه الخليج ومضيق هرمز. pic.twitter.com/OuawwJyXKW
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 28, 2020
ويأتي اختيار اسم السفينة الجديدة "شهيد مهدوي"، نسبة إلى نادر مهدوي، عنصر الحرس الإيراني الذي قُتل على يد البحرية الأميركية عام 1987 خلال "حرب الناقلات".
واعتبرت الوكالة أن استخدام اسم مهدوي يُشير إلى أن الحرس الثوري ينظر إلى هذا على أنه وسيلة يمكن من خلالها تحدي البحرية الأميركية في الشرق الأوسط، لا سيما مع احتمال أن تكون السفينة الجديدة قادرة على دعم ما يسمّى بـ "هجمات الأسراب" التي يمكن أن تشنّها إيران ضد السفن الحربية الأميركية الأكبر حجمًا.
ورفض تيموثي هوكينز، المتحدث باسم الأسطول الخامس الأميركي، التعليق على وجه التحديد بشأن هذه السفينة، حيث قال: "نحن حريصون على عدم مناقشة الأمور المتعلقة بالاستخبارات"، مضيفًا: "لكن بشكل عام، فإننا نولي اهتمامًا وثيقًا للغاية للبيئة البحرية مع شركائنا الدوليين من أجل الأمن والاستقرار الإقليميين".
وجاء وصول "شهيد مهدوي"، التي ستكون أكبر سفينة في أسطول الحرس الثوري الإيراني، وسط سلسلة من الكوارث البحرية لإيران. ففي يونيو/ حزيران من العام الماضي، غرقت أكبر سفينة في الأسطول الإيراني "خرج". وعام 2020، أصاب صاروخ بالخطأ سفينة تابعة للبحرية خلال تمرين، مما أسفر عن مقتل 19 بحارًا وإصابة 15 آخرين. كما غرقت مدمرة تابعة للبحرية الإيرانية في بحر قزوين، عام 2018.
والعام الماضي، تعرّضت سفينة شحن في البحر الأحمر، يُعتقد أنها قاعدة استخبارات تابعة للحرس، لانفجار يُشتبه في أنه من تنفيذ إسرائيل.
وقال نديمي: إن "شهيد مهدوي يمكن أن يؤدي دورًا مماثلًا في عمليات التجسس والتخريب التي يقوم بها الحرس الثوري. كما يمكن تجهيزها بصواريخ بعيدة المدى أيضًا".