تعتزم الولايات المتحدة حجب مساعدات عسكرية لمصر قيمتها 85 مليون دولار بسبب "تقاعس" القاهرة عن الوفاء بشروط واشنطن بخصوص إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وقضايا أخرى، بحسب ما نقلت "رويترز" عن إخطار من الكونغرس.
وحث السناتور الديمقراطي كريس ميرفي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على حجب 235 مليون دولار أخرى، وقال مصدران مطلعان آخران لوكالة "رويترز": إن قرارًا في هذا الصدد سيصدر قريبًا.
إعادة توجيه المساعدات الأميركية
وأوضح متحدث باسم وزارة الخارجية عندما سئل عن تعليقات السناتور كريس ميرفي في مجلس الشيوخ: "نتشاور مع الكونغرس بينما نضع اللمسات الأخيرة على تحركاتنا".
وأظهرت رسالة من وزارة الخارجية إلى لجان الكونغرس التي تحدد التمويل العسكري الأجنبي أن من مبلغ 85 مليون دولار التي يجري بحث حجبها، سيعاد توجيه 55 مليونًا إلى تايوان والثلاثين مليونًا المتبقية إلى لبنان.
وقال ميرفي: "اتخذت الإدارة قرارًا صائبًا بحجب الدفعة الأولى - 85 مليون دولار مرتبطة بالإفراج عن السجناء السياسيين - لأنه لم يُحرز تقدم كاف من دون شك".
وأضاف: "أود أن أحث الإدارة على إنهاء المهمة وحجب المبلغ بالكامل وهو 320 مليون دولار.. حتى يتحسن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية".
ودأبت منظمات حقوق الإنسان على اتهام مصر بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، بما يشمل التعذيب والاختفاء القسري.
وفي السابق، نفى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجود سجناء سياسيين في مصر، قائلًا: إن الاستقرار والأمن لهما أهمية قصوى وإن السلطات تعزز الحقوق من خلال محاولة تلبية الاحتياجات الأساسية من الوظائف والسكن.
واتخذت السلطات المصرية خطوات منذ أواخر 2021 تقول إنها تهدف إلى معالجة القضايا الحقوقية، ومنها تدشين إستراتيجية لحقوق الإنسان وإنهاء حالة الطوارئ، لكن منتقدين يرفضون هذه التدابير ويعتبرونها تجميلية إلى حد بعيد.
وعلى مدى عقود، منحت الولايات المتحدة مصر نحو 1.3 مليار دولار سنويًا لشراء أنظمة أسلحة وخدمات أميركية.
وجاءت هذه المساعدات إلى حد بعيد نتيجة لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979.
ربط المساعدات الأميركية بحقوق الإنسان
وخلال السنوات العشر الماضية أو نحو ذلك، جعل الكونغرس الأميركي بعض المساعدات خاضعة لشروط تتعلق بحقوق الإنسان.
وبموجب القانون الأميركي، فإن مبلغ 85 مليون دولار مشروط بإحراز مصر "تقدمًا واضحًا ومستمرًا في إطلاق سراح السجناء السياسيين، وتوفير الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين، ومنع تخويف ومضايقة المواطنين الأميركيين".
ولا يمكن للسلطة التنفيذية تعليق هذه الشروط. وهناك 235 مليون دولار أخرى مشروطة بوفاء مصر بمتطلبات الديمقراطية وحقوق الإنسان.
مع ذلك، يمكن للسلطة التنفيذية تعليق العمل بهذه الشروط إذا أكدت للكونغرس أن هذا يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي.
وهناك ثغرة أخرى بالنسبة لمبلغ 235 مليون دولار، الذي يمكن تقديمه لمصر إذا كان مخصصًا "لبرامج مكافحة الإرهاب وأمن الحدود ومنع انتشار الأسلحة النووية في مصر".
وفي العام الماضي، قدمت واشنطن لمصر مبلغ 75 مليون دولار كاملًا، والذي كان حينها مشروطًا بإحراز تقدم فيما يتعلق بالاعتقالات السياسية، كما سمحت بإرسال 95 مليون دولار أخرى إلى مصر في إطار استثناء يتعلق بمكافحة الإرهاب وأمن الحدود ومنع الانتشار النووي.
ونتيجة لذلك، قدمت العام الماضي 170 مليون دولار من إجمالي 300 مليون دولار كمساعدات عسكرية خاضعة لشروط حقوق الإنسان، بينما حجبت 130 مليون دولار، وهو نفس المبلغ الذي قررت حجبه في العام السابق له.
منظمات حقوقية تطالب بالإفراج عن معتقلين بمصر
وفي هذا الإطار، اعتبر سيث بيندر من منظمة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط أن مبلغ 85 مليون دولار الذي حُجب "يمثل تراجعًا مهمًا عن العام الماضي".
وراح يقول: "لكن إذا حجبت الإدارة (مبلغًا) أقل مما حجبته في العامين الماضيين، فإنها في واقع الأمر تقول للسيسي إنها تعتقد أن الحكومة المصرية قامت بتحسين سجلها الحقوقي، وهذا غير صحيح".
وقبل أسبوع وقعّت 28 منظمة حقوقية ودولية بيانًا مشتركًا استنكرت فيه الحكم الصادر بالحبس أربعة سنوات في حق الناشط السياسي المصري والمتحدث السابق باسم حركة "شباب 6 أبريل" محمد عادل بعد خمسة سنوات من الحبس الاحتياطي.
وشدّدت المنظمات في البيان على أن هذا الحكم يبرهن على توجيه اتهامات كيدية لناشطين سياسيين وعقابهم على نشاطهم.