سلطت وكالة "رويترز" اليوم السبت الضوء على الأسرى الفلسطينيين الأطفال الذين جرى إطلاق سراحهم بموجب عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وألقى تقرير الوكالة الضوء على عبد الرحمن الزغل (14 عامًا) الذي كان أحد أصغر الأسرى الذين أطلق الاحتلال سراحهم مقابل المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
ووفقًا للوكالة، فإنّ حياة عبد الرحمن لا تزال بعيدة تمامًا عن حياة أيّ من أقرانه من الفتية العاديين، حيث يتعافى الطفل الفلسطيني من إصابات خطيرة أصيب بها خلال اعتقاله. وقال الزغل: إن مدرسته لا تزال تنتظر تصريحًا إسرائيليًا له بالحضور.
إصابة عبد الرحمن
وروى الزغل كيف تعرض لإطلاق نار من شرطة الاحتلال خلال أغسطس/ آب الماضي، عندما غادر منزله لشراء الخبز، لكن بعد استيقاظه وجد نفسه مقيدًا في سرير أحد المستشفيات، وكان مصابًا بطلقات نارية في الرأس والحوض ومن حوله شرطيان إسرائيليان.
وأصيب عبد الرحمن برصاص حارس مستوطنة إسرائيلية، بالقرب من منزل عائلته في القدس المحتلة، حيث اتهمت إسرائيل حينها الطفل بمحاولة إلقاء قنبلة حارقة.
وقال تحقيق شرطة الاحتلال حينها "إن أفرادًا من الشرطة أطلقوا النار على فتى لم تذكر اسمه وأصابوه بجروح خطيرة بعد أن شعروا أن حياتهم في خطر"، حسب زعمه.
وقال الزغل إنه قفز من الفرحة يوم إطلاق سراحه، لكن والدته قالت إن أجواء الاحتفال غابت عن المنزل لأنه كان على وشك الخضوع لعملية جراحية لعلاج ضرر في الدماغ ناجم عن حادث إطلاق النار، إضافة إلى الأجواء الحزينة التي خيمت على الأسرى المحررين جراء العدوان المدمر الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة.
اتهامات إسرائيلية للأطفال
ومن بين 240 فلسطينيًا أفرجت عنهم إسرائيل خلال الهدنة في نوفمبر، كان الزغل واحدًا من بين 104 أطفال تحت سن 18 عامًا، في حين أطلقت حماس في المقابل سراح 110 من النساء والأطفال والأجانب.
وأظهرت سجلات إسرائيلية أن أكثر من نصف الفلسطينيين المفرج عنهم في إطار اتفاق التبادل كانوا محتجزين دون توجيه اتهامات إليهم.
وقالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال -فرع فلسطين-: إن جيش الاحتلال الإسرائيلي احتجز نحو 13 ألف طفل فلسطيني، معظمهم تقريبًا من الفتية الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا منذ عام 2000.
ميراندا كليلاند، المسؤولة في الحركة قالت لوكالة "رويترز": "في كل مكان يتجه إليه طفل فلسطيني، يوجد الجيش الإسرائيلي لممارسة نوع من السيطرة على حياته".
وتحتجز إسرائيل أطفال فلسطينيين تحت اتهامات شتى من بينها "شن هجمات على مواطنيها أو التخطيط لمهاجمتهم". فيما رأت وكالة "رويترز" أن في الضفة الغربية، يخضع الفلسطينيون والإسرائيليون لنظم قانونية مختلفة. ويحاكم الفلسطينيون، ومنهم القُصّر، أمام محكمة عسكرية.
واستنادًا إلى إفادات خطية جُمعت من 766 طفلًا كانوا محتجزين بين عامي 2016 و2022، وجدت الحركة أن نحو 59% من هؤلاء الأطفال اختطفوا على أيدي جنود الاحتلال ليلًا.
تعذيب الأطفال
وتعرض نحو 75% من الأطفال الفلسطينيين لعنف جسدي، فيما استُجوب 97% منهم دون حضور أي من أفراد أسرهم أو محام.
وقالت كليلاند: إن واحدًا من كل أربعة يوضع في الحبس الانفرادي لمدة يومين أو أكثر حتى قبل بدء المحاكمة. وأضافت أن المحامين يعملون على التوصل إلى اتفاقات تسوية للأطفال لأن نسبة إدانتهم تتجاوز 95%.
بدورها، قالت الدكتورة سماح جبر، وهي طبيبة نفسية ترأس وحدة الصحة النفسية بوزارة الصحة الفلسطينية، لـ"رويترز": إن أحد "التحديات التي تواجههم خلال تقديم استشارات للفتيان المفرج عنهم هو أنهم يتوقعون احتجازهم مجددًا"، وهو ما يحدث بالفعل للعديد منهم.
فيما قال الزغل: إن القوات الإسرائيلية اعتقلته مرتين من قبل. وأوضح أن المرة الأولى كان عمره 12 عامًا، وأن جنود الاحتلال ضربوه حينها ببنادقهم بينما كان يلعب مع ابن عمه في أريحا. وقال إنهم اتهموه برشق الحجارة، وهو ما نفاه.
مؤسسة الضمير الفلسطينية لرعاية الأسير وحقوق الإنسان أشارت إلى أن "إلقاء الحجارة" هو أكثر التهم شيوعًا بحق القاصرين الفلسطينيين المحتجزين في الضفة الغربية، ويعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 20 عامًا بموجب القانون العسكري الإسرائيلي.
من جانبها، أعلنت وزارة التعليم الإسرائيلية بأن الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية لن يلتحقوا بالمدارس حتى يناير/ كانون الثاني 2024، دون أن توضح أو ترد على أسئلة الوكالة حول سبب هذا القرار.