الأحد 17 نوفمبر / November 2024

تحت اسم "العالم الروسي".. بوتين يقر عقيدة جديدة لسياسة روسيا الخارجية

تحت اسم "العالم الروسي".. بوتين يقر عقيدة جديدة لسياسة روسيا الخارجية

شارك القصة

مؤتمر صحافي للرئيس الروسي في 30 يونيو 2022 بعد قرار فنلندا والسويد الانضمام إلى الحلف الأطلسي (الصورة: غيتي)
تنص السياسة الجديدة على أنه يتعين على روسيا زيادة التعاون مع الدول السلافية والصين والهند، بجانب تقوية علاقاتها مع الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وإفريقيا.

مع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، وزيادة الضغط الغربي على موسكو لثنيها عن قرار "عمليتها" ضد جارتها، وقّع الرئيس فلاديمير بوتين، مرسومًا بالموافقة على عقيدة جديدة للسياسة الخارجية تقوم على مفهوم "العالم الروسي"، وهو تصور استخدمه المنظرون المحافظون لتبرير التدخل في الخارج دعمًا للمتحدثين بالروسية.

وتنص وثيقة "السياسة الإنسانية" المؤلفة من 31 صفحة والتي نُشرت أمس الإثنين، بعد أكثر من ستة أشهر من بدء الحرب في أوكرانيا، على أنه ينبغي لروسيا "حماية تقاليد ومُثل العالم الروسي وضمان سلامتها والنهوض بها".

وجاء في الوثيقة أن "روسيا الاتحادية تقدم الدعم لمواطنيها الذين يعيشون في الخارج لنيل حقوقهم وضمان حماية مصالحهم والحفاظ على هويتهم الثقافية الروسية".

وذكرت الوثيقة، أن علاقات روسيا مع مواطنيها في الخارج تسمح لها "بتعزيز صورتها على المسرح الدولي كدولة ديمقراطية تسعى جاهدة لخلق عالم متعدد الأقطاب".

ودأب بوتين منذ سنوات على تسليط الضوء على ما يصفه بمصير مأساوي لحوالي 25 مليون شخص من أصل روسي وجدوا أنفسهم يعيشون خارج روسيا في دول مستقلة حديثًا عندما انهار الاتحاد السوفيتي في 1991، وهو الحدث الذي وصفه بأنه كارثة جيوسياسية.

وواصلت روسيا اعتبار دول الاتحاد السوفيتي السابق، من البلطيق إلى آسيا الوسطى، على أنه مجال نفوذها الشرعي، وهي فكرة قاومتها بشدة العديد من تلك الدول وكذلك الغرب.

اتجاه جديد في العلاقات

وتنص السياسة الجديدة على أنه يتعين على روسيا زيادة التعاون مع الدول السلافية والصين والهند، بجانب تقوية علاقاتها مع الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وإفريقيا.

وتشير كذلك إلى أنه على موسكو تعزيز علاقاتها مع أبخازيا وأوسيتيا، وهما منطقتان في جورجيا اعترفت موسكو باستقلالهما بعد حربها ضد جورجيا في عام 2008، بالإضافة إلى الإقليمين الانفصاليين في شرق أوكرانيا واللذين أعلنا استقلالهما من جانب واحد تحت اسم جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية.

وأمام مناكفة الغرب لروسيا أكثر ومحاصرتها اقتصاديًا عقب حرب أوكرانيا، بات الرئيس الروسي مضطرًا لتدعيم سياساته عقب خيار الحرب الذي اتخذه رغم كل دعوات التحذير الأميركية.

فقد أقدم بوتين نهاية الشهر الماضي، على توقيع مرسوم بزيادة عدد أفراد القوات المسلحة إلى 2.04 مليون من 1.9 مليون مع دخول الحرب في أوكرانيا شهرها السابع.

وجاء القرار الذي قللت من بريطانيا من شأنه، بعدما فشلت القوات الروسية في السيطرة على كييف في بداية الهجوم، لتبدأ موسكو التركيز على شرق أوكرانيا وجنوبها بهجماتها، حيث لم تشهد خطوط الجبهة تقدمًا يذكر في الأسابيع الأخيرة.

ما مفهوم بوتين للهوية الروسية؟

وكان الصحافي الروسي البارز ميخائيل زيغار، مؤلف كتاب "كل رجال الكرملين"، نقل عن مصادر على دراية بمحادثات بوتين مع مساعديه خلال العامين الماضيين، قولها إن "بوتين فقد تمامًا الاهتمام بقضايا الحاضر، على غرار الاقتصاد والقضايا الاجتماعية، ووباء كورونا، وبدلًا من ذلك، أصبح بوتين ويوري كوفالتشوك مهووسان بالماضي".

وكوفالتشوك، حاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء، معروف بتأييده نظريات المؤامرة المعادية للولايات المتحدة، وهو أكبر مساهم في بنك روسيا، ويسيطر على العديد من وسائل الإعلام المعتمدة من الدولة، وكان صديق بوتين المقرب والمستشار الموثوق منذ التسعينيات.

وضمن هذه الجزئية، سبق أن اعتبرت صحيفة "الغارديان" أنه خلال عهد بوتين الممتد على مدار عقدين من الزمن، أصبح "يوم النصر" محوريًا في مفهوم بوتين للهوية الروسية.

وعلى الرغم من التفسيرات الأخرى التي قُدمت للهجوم على أوكرانيا، من الخوف من توسّع الناتو، وازدراء الثقافة الأوكرانية، وعزلة بوتين جراء جائحة كوفيد 19، وإحياء الأمجاد السوفييتية، إلا أن انحراف خطاب النصر ومحاربة النازيين خلال العقدين الماضيين، لعب دورًا مهمًا في هذه الحرب.

وذكرت الصحيفة البريطانية أنه منذ عدة سنوات، أشار النقّاد إلى "هوس النصر" بكلمة "pobedobesie"، وهي جمع مهين للكلمات الروسية التي تعني النصر والظلامية، وترجمة إنكليزية تقريبية لكلمة "Victorymania".

ومع انتشار هذا "الهوس بالنصر" عامًا بعد عام، اتخذت هذه الظاهرة أشكالًا كانت أكثر غرابة من أي وقت مضى حيث أقامت المدارس عروضًا يرتدي فيها الأطفال زي الجنود السوفييت؛ واستعراض بعض الأشخاص على أنهم نازيون أسرى، تلاه تصنيف معارضي روسيا الحديثة على أنهم نازيون، أو نازيون جدد، أو متواطئون مع النازيين.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - رويترز
Close