أجرى المجلس الرئاسي اليمني أول تعديل حكومي منذ تفويض الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي صلاحياته للمجلس في أبريل/ نيسان الماضي.
وطال هذا التعديل 4 وزارات في الحكومة حيث أطاح بوزير الدفاع الفريق الركن محمد علي المقدسي الذي عُين مستشارًا عسكريًا لمجلس القيادة الرئاسي بينما تولى اللواء الركن محسن محمد حسين الداعري وزارة الدفاع بعد ترقيته إلى رتبة فريق.
كما شملت التغييرات تعيين سعيد سليمان بركات الشماسي وزيرًا للنفط والمعادن ومانع صالح يسلم بن يمين وزيرًا للكهرباء والطاقة، وسالم محمد العبودي الحريزي وزيرًا للأشغال العامة والطرق.
في المقابل فشلت المشاروات التي كانت تجري منذ أيام في الوصول إلى توافق بشأن تغيير وزير الداخلية، ويلاحظ كذلك أن الوزارات التي شملها التعديل جاءت من نصيب الجنوب اليمني ونال المجلس الانتقالي الجنوبي منها وزرارتان هما النفط والمعادن والكهرباء، في حين سُلمت وزارة الدفاع لشخصية توافقية جنوبية (اللواء الركن محسن محمد حسين الداعري) وهو أحد قادة الجيش الوطني ومسؤول في وزارة الدفاع اليمنية.
هذه التعديلات تأتي في وقت تشارف فيه الهدنة الإنسانية الهشة في البلاد على الانتهاء بعد أيام قليلة من دون اتضاح الصورة حتى الآن ما إذا كانت ستُجدد بين الحوثيين والقوات الحكومية.
"تعديلات متأخرة"
وفي هذا الإطار، اعتبر الناطق باسم المجلس الانتقالي الجنوبي في بريطانيا صالح النود أن هذه التعديلات الحكومية أتت متأخرة كثيرًا بالنسبة للمجلس الانتقالي والشارع الجنوبي.
ورأى من شفيلد في بريطانيا أن وزير الدفاع السابق محمد المقدسي كان أحد أسباب الفشل في السابق، لافتًا إلى أن تغييره كان واجبًا بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي إلا أن التعديل لم يحصل إلا بعد 4 أشهر.
النود الذي قال إن هناك قلقًا كبيرًا من البطئ في وتيرة التغييرات التي تحتاجها المرحلة، شدد على أن مجلس القيادة الرئاسي يجب أن يحقق هدفين رئيسين، أولهما معالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي في الجنوب، وتأسيس أرضية للهدف الثاني المتمثل في تحرير صنعاء من الحوثيين.
وأضاف: "للأسف كل المؤشرات والمعطيات تقول إنه لم يتحقق شيء وبالتالي هناك الكثير من علامات الاستفهام حول ما إذا كان مجلس القيادة الرئاسي قادرًا على تحقيق أي من هذين الهدفين".
إلا أن النود شدد على استمرار وجود تفاؤل، معتبرًا أن المجلس الرئاسي وسيلة وأداة مرحلية لمعالجة بعض الإشكاليات وصولًا إلى مرحلة أكثر وضوحًا وعندها يتم الحديث عن تفاصيل الحلول ومن بينها القضية الجنوبية على حد تعبيره.
تحدي عدم تجديد الهدنة
الباحث السياسي براء شيبان شدد على أن المجلس الرئاسي لم يخضع بعد لاختبار في التحديات الأساسية بعد، لافتًا إلى أن التحدي الأساسي الذي سيواجهه هو إمكان عدم تجديد الهدنة وعودة الاشتباكات.
وأشار في حديث إلى "العربي" من لندن إلى أن وزير الدفاع الجديد شارك سابقًا في الاشتباكات ضد الحوثيين في مأرب وغيرها من المحافظات الجنوبية، معتبرًا أنه يحظى بقبول وعلاقته جيدة مع كل المناطق العسكرية.
واستبعد شيبان حصول أي حلحلة في الملف الاقتصادي ما لم يُحسم ملف الحرب سواء بتسوية سياسية مع الحوثيين أو بالمعارك العسكرية.
ورأى أن هذه التغييرات التي تحصل من الممكن أن تكون حركة استباقية لمواجهة الوضع في حال عدم تجديد الهدنة، متحدثًا عن حرص واضح أن تبقى المكونات المنضوية ضمن إطار المجلس الرئاسي في توافق كامل.
"مؤشرات على أن الهدنة في طريقها للتجديد"
بدوره لفت الباحث السياسي عبد الناصر المودع إلى أن هذا التعديل الوزاري أتى بناء على رغبة دول الوصاية، مشددًا على أنه "منذ بداية الحرب لم تُشكل سلطة يمنية حقيقية وإنما صورية تتم إدارتها من الخارج وبالتحديد من السعودية والإمارات".
وأشار في حديث إلى "العربي" من عمّان إلى أن هذا التعديل أخذ أبعاد الصراع داخل المجلس الرئاسي إلا أن من حسم الأمر في النهاية هي السعودية لأنها من تمتلك فعليًا حق القرار النهائي رغم أن نفوذ الإمارات العملي في اليمن أكبر من المملكة، إلا أن الأخيرة هي من تحسم الأمور بحسب المودع.
وحول الهدنة، قال المودع إن كل المؤشرات تشير إلى أنها في طريقها إلى التجديد ما لم يكن للحوثيين ومن ورائهم إيران هدف آخر كمحاولة الهجوم على مناطق النفط والغاز في مأرب، معتبرًا أن هذا الأمر هو الهدف الإستراتيجي الذي يخطط له الحوثيون.
واستبعد وجود أي رغبة لدى السعودية والإمارات بالقيام في معارك جديدة ضد الحوثيين.