الخميس 21 نوفمبر / November 2024

حملة إقالات وتحقيق في التوظيف منذ الثورة في تونس.. ما هي أهداف سعيّد؟

حملة إقالات وتحقيق في التوظيف منذ الثورة في تونس.. ما هي أهداف سعيّد؟

شارك القصة

فقرة ضمن "الأخيرة" تسلط الضوء على حملة الإقالات الأخيرة في تونس (الصورة: الرئاسة التونسية)
لم يمض على تعيينه سوى بضعة أسابيع، حتى بات رئيس الحكومة الجديد أمام تحد لمواجهة أول الملفات وهو إجراء تدقيق شامل في التعيينات منذ الثورة.

دعا الرئيس التونسي قيس سعيّد رئيس الحكومة أحمد الحشاني إلى إجراء عملية مراجعة شاملة ودقيقة للتعيينات التي تمت منذ الثورة الشعبية التي اندلعت في 2011.

ويأتي ذلك، بينما تشهد البلاد سلسلة إقالات شملت وزراء ومسؤولين في محاولة لحل بعض الأزمات الاقتصادية.

فلم يمض على تعيينه سوى بضعة أسابيع، حتى بات رئيس الحكومة الجديد أمام تحد لمواجهة أول الملفات لإجراء تدقيق شامل في التعيينات منذ الثورة بطلب من الرئيس، بحجة وجود تعديلات في عمل الإدارة من بعض المسؤولين.

إلى ذلك، ينظر أنصاره إلى هذا القرار بإيجابية، لكن ثمة خشية لديهم مما يصفونه بالتعيينات العشوائية، في مواقف غير مسبوقة من داعمي الرئيس أشبه بمواقف المعارضة، لكنهم يقولون إن مساندتهم للرئيس باتت مساندة نقدية.

فانتقاد سعيّد لبعض المسؤولين في المؤسسات الإدارية قد يفهم منه مزيدًا من الإقالات، بالنسبة للمعارضة فهي تنظر إلى هذه القرارات بأنها غير شرعية.

وبين الموقفين تشابه في توصيف التعيينات التي تخضع برأي معارضي الرئيس ومسانديه إلى الموالاة والمحسوبية، لكن المفارقة أن الرئيس قيس سعيّد يرى في تعيينات سابقيه أنها فاقدة لشروط النزاهة والكفاءة، ويذهب حد القطيعة مع مسار كامل عمره عشر سنوات.

فلم تقف الإقالات والتعيينات عند حدود المناصب العليا في الدولة، ورغم الجدل بشأن غياب الكفاءة فيها، فإنها وصلت إلى المؤسسات الإدارية التي يريدها الرئيس أن تكون امتدادًا للسلطة، لكن ذلك قد ينسف مبدأ الحياد، وفق معارضيه.

حملة الإقالات في تونس

وتأتي خطوة سعيّد استجابة لضغوط جهات ما انفكت تتهم السلطات وبعض الأحزاب بفتح أبواب الوظائف العليا والوظائف العمومية لأنصارها والموالين لها، وإغلاقها أمام المعارضين دون الأخذ بالاعتبار معيار الكفاءة.

فعقب أيام قليلة من إعلان إجراءاته الاستثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021، شرع الرئيس قيس سعيّد في حملة أعفى بموجبها مسؤولين من مناصب عليا في الدولة، فضلًا عن وزراء.

وبلغت حملة الإقالات ذروتها مطلع يونيو/ حزيران من العام الماضي، حيث أصدر سعيد قرارًا قضى بإعفاء 57 قاضيًا من مناصبهم، بحجة تورط بعضهم في عدد من ملفات الفساد والتزوير ومنع إجراء تحقيقات في قضايا إرهابية.

وفي 10 أغسطس/ آب من العام ذاته، قررت المحكمة الإدارية إعادة غالبية القضاة المعزولين إلى مناصبهم وإبطال قرار سعيّد.

ولم تقتصر حملة الإقالات التي يشنها سعيّد منذ أكثر من عامين في مناصب الدولة العليا وغيرها فقط على كبار موظفي الدولة المدنيين والجسم القضائي، بل شملت أيضًا مسؤولين أمنيين وإعلاميين، بالإضافة إلى سفراء وولاة وغيرهم.

وفي أحد لقاءاته، قال سعيّد إنه لا يمكن تطهير البلاد إلا بعد تطهير مؤسسات الدولة من الذين أرادوا أن يسقطوها وأن يعبثوا بمقدراتها، وتركوا الشباب في البؤس والحرمان، وفق تعبيره، وذلك في معرض تعليقه على مطالبة عشرات آلاف خريجي الجامعات الذين طالت بطالتهم بتشغيلهم.

ما هي أهداف الرئيس التونسي من الإقالات؟

وفي هذا الإطار، يرى القيادي في حملة "مواطنون ضد الانقلاب" غسان المرزوقي أن تكليف سعيّد رئيس الحكومة بمراجعة كافة التعيينات خلال السنوات العشر السابقة، ما هو إلا فصل آخر من فصول الهروب من المسؤولية والفشل في إدارة البلاد لثالث سنة على التوالي، منها سنتان بعد الانقلاب، وفق قوله.

ويضيف في حديث لـ"العربي" من تونس، أن عمليات الإقالة التي تتم أصبحت دورية في معظم أسلاك الدولة وفي معظم المناصب العليا، كما أنها تأتي في محاولة لإطفاء الغضب الشعبي الذي يتنامى في الشارع التونسي حيال الفشل في إدارة الدولة.

وفيما يشير إلى أن هناك جزءًا من التونسيين ما زال يصدق سردية الانقلاب التي تقول إنه يجب تطهير البلاد مما شابها من محسوبية ومن فساد، يلفت المرزوقي إلى أن هناك عبثية في إدارة الدولة التي وصلت إلى مستويات لم تصلها منذ استقلالها ومنذ تكوين الدولة الحديثة في تونس.

ويرى المرزوقي أن التطهير له قواعده ومقاومة الفساد له طرقه، لا يمكن مقاومة الفساد بفساد آخر، ولا يمكن تطهير الدولة وهي تقوم على المحسوبية، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الملفات التي توضع كل يوم على طاولات الدرس فيها من المحسوبية ما يتجاوز الذي وقع في العشر السنوات الماضية.

ويشدد على أن الدولة التونسية تحتاج إلى الإصلاح ومقاومة الفساد، مشيرًا إلى أن الإصلاح يجب أن يقام بطرق عصرية وديمقراطية وفي كنف الشفافية وبطرق تشاركية تتشارك فيها كل مكونات المشهد السياسي والمشهد الشعبي التونسي.

ويشدد المرزوقي أيضًا على أنه لا يمكن القيام بتطهير الدولة التونسية وإحداث هذه النقلة النوعية بإرادة شخص واحد أو الاتكال على رأي واحد وهو رأي قيس سعيّد، حسب رأيه.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close