مرّ عامان على تاريخ 25 يوليو/ تموز 2021 الذي شهد اتخاذ الرئيس التونسي قيس سعيّد إجراءات استثنائية دخلت البلاد بموجبها مرحلة جديدة.
وقد أقال بموجب تلك الإجراءات حكومة هشام المشيشي وحل البرلمان المنتخب بعد تجميد اختصاصاته ورفع الحصانة عن أعضائه، كما حلّ المجلس الأعلى للقضاء.
لكن ذروة هذه الإجراءات تمثلت في سن الرئيس دستورًا جديدًا بدّل بموجبه النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي يتمتع فيه بصلاحيات واسعة.
أزمة متعددة الأوجه
وبعد عامين من هذه الإجراءات، تقف تونس على مفترق طرق غير واضح المعالم على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والقضائية وحتى الحقوقية.
فتدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع نسب التضخم والبطالة إلى أرقام قياسية وفقدان سلع أساسية من الأسواق هي العناوين الأبرز للأزمة الحادة التي تعيشها البلاد.
كما شهد الجسم القضائي توغلًا في عمله من قبل سعيّد وحكومته، فيما تعد الاعتقالات الواسعة بحق رموز المعارضة وقيادات حزبية ونشطاء ومحامين الشاهد الأبرز على التدهور في حقوق الإنسان والحريات العامة.
أمّا بخصوص المعارضة التونسية التي استهدفت السلطات بعض رموزها بتهم مختلفة، فلا تبدو في أحسن أحوالها هذه الأيام.
ويدور الحديث عن تشتتها وانقسامها وعدم اجتماعها على برنامج موحد ضد الإجراءات الاستثنائية.
عوامل مختلفة خلف الأزمة الاقتصادية
في هذا السياق، أشار عضو المكتب السياسي لحركة الشعب التونسية محمد المسيليني إلى أن صعوبة الأوضاع الاقتصادية لا يختلف عليها شخصان، وهي نتيجة عوامل عدة منها تأثير الأوضاع الدولية، إضافة إلى سوء إدارة الملف الاقتصادي في المرحلة الحالية.
وفي حديث إلى "العربي" من تونس، اعتبر المسيليني أن الحكومة والرئيس قيس سعيّد هما من يتحملان مسؤولية الأزمة الاقتصادية والتدهور الاجتماعي.
وقال: "إن الأوضاع الاقتصادية صعبة وتتطلب تضحيات كبيرة لم يقدم عليها أي طرف سياسي"، معتبرًا أن توجيه الاتهام إلى أي طرف بالمسؤولية عن الوضع هو توظيف سياسي وخطاب شعبوي.
واقعية مستجدة
من جهته، رأى عضو الهيئة التنفيذية لجبهة الخلاص الوطني عمر السيفاوي أن الوضع في تونس متأزم جدًا، وأن الأزمة مستفحلة في ظل معاناة الناس للحصول على المواد الأساسية.
واعتبر في حديث إلى "العربي" من تونس، أن هذا الواقع هو مسؤولية من انقلب على الواقع الديمقراطي في البلاد وحل مؤسسات الدولة الدستورية.
وأشار إلى أن الواقعية التي يتحدث بها موالون لسعيّد لم تكن موجودة قبل يوليو/ تموز 2021، واعتبر أن غياب الواقعية حينها أدى إلى إفشال المسار الديمقراطي.
ولفت السيفاوي إلى أن الداخل والخارج يؤيد فكرة أن "هذه الطبقة السياسية لا تتمتع بالكفاءة ولا تعرف سوى التجاذبات".
تدهور الوضع الحقوقي
وفي السياق الحقوقي، اعتبرت الناشطة الحقوقية شيماء الجباني أن المؤشرات الحالية تؤكد على تدهور الوضع الحقوقي في البلاد.
ولفتت الجباني في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن المرسوم 54 هو من أكثر المراسيم شهرة وهو يهدد كل صوت حر في البلاد.
واعتبرت أن تهم التعرض لرئيس الجمهورية شائعة الآن ويتم تتبع الناس بسببها، وهي "تهمة فضفاضة"، بحسب الناشطة الحقوقية.
وأشارت إلى أن التونسيين استطاعوا على مدار العقد الفائت الحصول على مكتسبات على صعيد حرية التعبير، لكنهم يجدون أنفسهم اليوم مهددين.