تواجه رئيسة معهد ماساتشوستس الأميركي للتكنولوجيا سالي كورنبلوث ضغوطات عديدة لتقديم استقالتها أسوة برئيسة جامعة هارفرد كلودين غاي، التي استقالت إلى جانب إليزابيت ماغيل، رئيسة جامعة بنسلفانيا التي سبقتها الشهر الماضي.
وأتت استقالة غاي وماغيل عقب ضغوطات مارسها اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة على رئيسات الجامعات الأميركية المرموقة الثلاث، على خلفية احتجاجات داعمة لقطاع غزة وأدت لمثول السيدات الثلاث في جلسة استماع داخل الكونغرس بشأن معاداة السامية قادتها النائبة الجمهورية إليس ستافانيك.
دعم سالي كورنبلوث للاحتجاجات
وقدّمت الرئيسات الثلاث مطالعات قانونية وأخلاقية مطوّلة، وتفادين الإجابة المباشرة عن أسئلة شملت الاستفسار عمّا إذا كانت الدعوة إلى "إبادة اليهود" تشكّل انتهاكًا للقوانين الطلابية في الجامعات.
وأثارت تصريحات السيدات الثلاثة انتقادات غاضبة، حيث طالب 74 مشرّعًا أميركيًا بإقالتهن بدعم من المستثمر والملياردير اليهودي بيل آكمان خريج هارفرد الذي هدد بقطع التمويل عن الجامعات الثلاث، والداعم بقوة لإسرائيل في عدوانها على قطاع غزة المتواصل، والذي أسفر حتى يوم أمس عن استشهاد 22 ألفًا و722 فلسطينيًا و58 ألفًا و166 مصابًا، غالبيتهم من الأطفال، والنساء.
ورغم انخراط كورنبلوث في دعمها حراك أطلقه طلاب مؤيدون لإسرائيل ضد "عملية طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/ تشرين الاول، إلا أن رفضها اعتبار الحراك المقابل الداعم لغزة، "دعوة لإبادة يهود"، في جلسة الاستماع، وضعها تحت سطوة الحملات الشرسة التي يخوضها آكمان، وغيره من الناشطين والمؤثرين الداعمين لإسرائيل.
ونشر ناشطون داعمون لإسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي يوم أمس، صور رئيسات الجامعات الثلاث دون فيها كلمة "استقالة" فوق كل من صورتي غاي، وماغيل، وكتبوا إلى كورنبلوث: "حان دورك".
رابطة اللوبي الإسرائيلي
وتقوم مجموعة "MIT" بالدور الأبرز للضغط على رئيسة معهد ماساتشوستس، وهي رابطة خريجي المعهد اليهودية، التي تعمل على دعم الطلاب المؤيدين لإسرائيل فيه، وتساهم في تأمين فرص العمل لهم داخل الولايات المتحدة.
لكن رئيس الرابطة مات هاندل قال في تصريحات لوسائل إعلام أميركية: "على الرغم من وجود أفراد في مجموعتنا يشعرون بسعادة كبيرة لو رأوا استقالتها ويفضلون ذلك حقًا، إلا أننا قررنا أن نركز على العمل مع الإدارة"، موضحًا رغبته في أن تعتذر كورنبلوث رسميًا عن شهادتها، وأن تعاقب "بشكل أكثر حزمًا" المناهضين لإسرائيل.
ويستخدم اللوبي الإسرائيلي، أساليب عدة للضغط على مراكز القرار في الجامعات والمعاهد الأميركية، حيث اعتبرت رئيسة جامعة هارفارد غداة استقالتها يوم الأربعاء المنصرم، أنها كانت هدفًا لحملة مستمرة "من الأكاذيب والإهانات".
وكتبت في افتتاحية نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" أن "هؤلاء الذين قاموا بحملات بدون هوادة لإقالتي منذ الخريف استخدموا في كثير من الأحيان الأكاذيب والإهانات الشخصية، وليس الحجج المنطقية".
وأضافت: "تجاوزت الحملة ضدي مجرد جامعة أو رئيسة، لقد كانت مناوشات في حرب أوسع نطاقًا تهدف إلى تقويض ثقة الرأي العام في ركائز المجتمع الأميركي".
وكانت غاي قد تلقت دعوة من أكمان، لحضور فعالية "فيلم الرعب" الذي أنتجته إسرائيل عن عملية "طوفان الأقصى"، والذي يتضمن مشاهد عن العملية التي أسفرت عن مقتل 1200 إسرائيلي، وأسر المئات منهم، وبعد أن اعتذرت، اقترح أكمان عليها رحلة بطائرة خاصة لتجدد رفضها، الأمر الذي أثار غضب أكمان واعتبر في تصريحاته أن "هارفارد تضم قيادة فاشلة".
بدورها رأت صحيفة نيويورك تايمز يوم أمس السبت، أن كورنبلوث تجاوزت "العاصفة" مع تصريحات هاندل الأخيرة، رغم دعوته الصريحة للخريجين بتقليل تبرعاتهم السنوية إلى دولار واحد فقط، الأمر الذي اعتبره ناشطون على مواقع التواصل ضغطًا من نوع آخر على رئيسة المعهد المرموق.
وكانت كورنبلوث قد أفادت بأنها لم تسمع بشكل محدد هتافات عن "إبادة"، إلا أنها أشارت بأن بعض الخطابات التي تم استخدامها في الاحتجاجات داخل الحرم الجامعي يمكن تعريفها على أنها "معادية للسامية"، واعدة بأن تدرس الأمر ضمن القوانين التأديبية.