الخميس 21 نوفمبر / November 2024

دبلوماسية عاجزة وميدان ملتهب.. ما هي خطط إسرائيل في غزة ولبنان؟

دبلوماسية عاجزة وميدان ملتهب.. ما هي خطط إسرائيل في غزة ولبنان؟

شارك القصة

تمارس إسرائيل التهجير والاستهداف الممنهج للبنية التحتية في شمال غزة وجنوب لبنان- غيتي
تمارس إسرائيل التهجير والاستهداف الممنهج للبنية التحتية في شمال غزة وجنوب لبنان- غيتي
تنتهج إسرائيل سياسة الأرض المحروقة في لبنان، وتدفع باتجاه التهجير القسري للفلسطينيين من شمال غزة، بينما يستمر الحراك الدبلوماسي دون أن ينعكس على ميادين الحرب.

يوم جديد، هو الحادي والثلاثون في مسلسل العدوان الإسرائيلي على لبنان، ضمن ما سمّته تل أبيب "سهام الشمال"، والتي تنتهج سياسة أقرب إلى استراتيجية الأرض المحروقة.

وتشمل هذه السياسة التهجير، والقضاء على الثروة الزراعية، فضلًا عن الاستهداف الممنهج للبنية التحتية من خلال تنفيذ أحزمة نارية في الضاحية الجنوبية وعمق مدينة صور التي أصبحت ضمن دائرة القصف الإسرائيلي.

وأمام هذا التصعيد، يرتفع عدد الضحايا، حيث استشهد ما يزيد على 2500 شخص وجُرح أكثر من 11 ألفًا آخرين، بينما هُجّر أكثر من مليون إنسان، وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة اللبنانية.

دبلوماسية تحت النار

وعلى جبهة غزة، يزداد المشهد تعقيدًا، حيث تواصل تل أبيب ارتكاب الجرائم مع ارتفاع حصيلة العدوان إلى ما يقارب 43 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف مصاب، فضلاً عن مئات الآلاف من النازحين، إضافة إلى آلاف من الغزيين الذين أُجبروا اليوم تحت تهديد السلاح الإسرائيلي على هجرة قسرية من شمال القطاع إلى وسطه، في ظل عجز شبه تام عن تقديم الخدمات الأساسية في القطاع.

وتدّعي تل أبيب أنها تخوض مواجهات في ميادين متعددة، لكن المعركة واحدة، في إشارة إلى إيران، التي تتصاعد في إسرائيل حدّة الحديث عن ضربة قادمة لأهداف استراتيجية فيها.

وأمام الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، يجري حراك سياسي دون أن يُترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية من بيروت: "إنّ الحرب لن تحل الصراع".

من جانبه، ردد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي يزور المنطقة للمرة الحادية عشرة منذ بدء العدوان الإسرائيلي، أن الولايات المتحدة ترفض بشكل قاطع إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة. لكنّ الوقت قد حان، وفق التعبير الأميركي، كي تحوّل إسرائيل النجاح العسكري إلى نجاح استراتيجي.

مأزق استراتيجي 

وفي هذا السياق، يسلط نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق، الفريق قاصد محمود، الضوء على "مشكلة في استراتيجية إسرائيل"، حيث لا تحدد أهدافًا استراتيجية كبرى سوى القضاء على حركات المقاومة، وإعادة الأسرى، وإزاحة حزب الله إلى شمال الليطاني في لبنان.

ومع ذلك، يتضح أن في عمق المشروع الاستراتيجي الإسرائيلي تكمن خطة استيطانية توسعية في غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، وهو ما يعتبره محمود "المرحلة الأولى لخطوات أبعد".

وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من عمّان، يرى محمود أن المشهد الاستراتيجي الذي تقدمه إسرائيل "غير قابل للتطبيق"، بينما تصر الولايات المتحدة على "تقديم صورة نصر استراتيجي" من خلال صفقة إعادة الأسرى ووقف الحرب، على اعتبار أن إسرائيل نجحت تكتيكيًا في جميع عملياتها العسكرية سواء في غزة، أو الضفة الغربية، أو جنوب لبنان.

وفيما يعتبر محمود أن ذلك يمثل "مأزقًا حقيقيًا"، يرى أن إسرائيل تواصل كسب الوقت عبر إطالة أمد العملية.

ويشير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ليس معنيًا حاليًا بتحقيق نتائج استراتيجية، لأنها لن تتحقق في العمق الفلسطيني أو في جنوب لبنان، حيث لا يزال القضاء على حركات المقاومة بعيد المنال. وتظهر المقاطع التي توثق عمليات كتائب القسام وكأنها تعكس اليوم الأول للتصدي للاحتلال في غزة. كما يبدو أن حزب الله يتعافى يومًا بعد يوم، من خلال العمليات التي ينفذها ضد إسرائيل، بحسب محمود.

إسرائيل تسعى لإعادة الاحتلال

من جانبه، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، أن الأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها من خلال الحرب في قطاع غزة أو جنوب لبنان هي "إعادة احتلال"، وذلك استنادًا إلى تصريح وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي قال فيه: "إن الولايات المتحدة تعارض احتلال قطاع غزة".

وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من عكا، أشار شلحت إلى أن بلينكن ما كان ليطلق هذا التصريح لو لم يسمع من القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل عن "نية لإعادة احتلال قطاع غزة".

وبحسب شلحت، هناك أحاديث تتردد حول إعادة الاستيطان إلى قطاع غزة بعد أن انتهى ضمن خطة فك الارتباط التي نفّذها رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، آرييل شارون.

كما تشير الصحف المقربة من نتنياهو إلى وجود خطط لإعادة إقامة حزام أمني في عمق جنوب لبنان. ويشير الخبير في الشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، إلى أن الحزام الأمني الذي يخطط الاحتلال لفرضه يختلف عن الحزام الأمني السابق الذي فُرض عام 1988، حيث سيكون "حزامًا خاليًا من السكان".

وبحسب شلحت، "تعتقد إسرائيل أنه من خلال هذا الحزام ستضمن عدم إطلاق صواريخ نحو المستوطنات الشمالية، وبالتالي إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان".

ويلفت إلى أن إسرائيل "لا تتحدث عن خطط سياسية لليوم التالي في غزة، مما يؤشر إلى أنها تمتلك خططًا عسكرية فقط".

"شهية توسعية"

وفيما يخص الموقف العربي تجاه خطط إسرائيل لخلق شرق أوسط جديد، يشير رئيس منتدى الخبرة السعودي، د. أحمد الشهري، إلى "شهيّة" لدى إسرائيل للتوسع منذ عام 1948، حيث تسعى إلى ابتلاع كامل الأراضي الفلسطينية. وأوضح أن ما يجري في الضفة الغربية من تهجير، وقضم للأراضي، وإنشاء مستوطنات، هو جزء من مشروع لنزع السلطة الفلسطينية من الضفة الغربية.

وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من الرياض، يرى الشهري أن "العدوان غير المبرر على قطاع غزة لا يتناسب مع هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي"، الذي نفذته المقاومة الفلسطينية ضد مناطق غلاف غزة.

ويعتبر الشهري أن "حرب الإبادة الجارية تشير إلى رغبة إسرائيل في الاستيلاء على قطاع غزة كقطعة أرض يُعاد تخطيطها وتفصيلها وفق رؤيتها، بالتوازي مع محاولاتها لإضعاف السلطة الفلسطينية في غزة".

كما يشير الشهري إلى أن القادة العرب والمسلمين أجمعوا خلال قمة الرياض على أن القضية الفلسطينية تظل قضية محورية للعالم العربي والإسلامي، مؤكدين الرفض القاطع للتهجير القسري للشعب الفلسطيني ودعمه للبقاء في أرضه، تمهيدًا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967.

ويلفت رئيس منتدى الخبرة السعودي إلى دور الموقف العربي في تغيير المزاج العالمي باتجاه دعم القضية الفلسطينية وحل الدولتين، وهو الحل الذي تؤيده كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. ويعتبر الشهري أن نتنياهو "يستثمر في الحرب ويرى فيها وسيلة لاستمراره وبقائه في السلطة".

تابع القراءة
المصادر:
التلفزيون العربي
تغطية خاصة